يُطرح في المملكة العربية السعودية سؤال حول هوية مؤلف النشيد الوطني، حيث لم تُعرَف فكرة النشيد الوطني بشكل تقليدي في البلاد في السابق. وقد نبعت فكرة هذا النشيد من شخصية بارزة ساهمت في إحياء ذكرى تاريخ المملكة. في هذا السياق، سنتناول حياة مؤلف النشيد الوطني السعودي، إبراهيم خفاجي، وكيف ظهرت فكرة النشيد.
مؤلف النشيد الوطني السعودي
يُعَدّ إبراهيم خفاجي مؤلف النشيد الوطني السعودي، حيث وُلِدَ في مكة المكرمة عام 1345هـ، في حي سوق الليل. وقد بدأت موهبة الشاعر منذ صغره، إذ كان لديه القدرة على تأليف العديد من القصائد الشعرية التي تغنّى بها عدد من كبار الفنانين السعوديين والخليجيين في ما بعد. درس في مدرسة الفلاح بمكة، ثم انتقل إلى مدرسة اللاسلكي وتخرج منها كأول مأمور لاسلكي عام 1364هـ. تنقل الشاعر بين عدة مدن وقرى سعودية، لكنه استقر أخيراً في مكة.
فترة الشباب لإبراهيم خفاجي
عندما دخل إبراهيم خفاجي مرحلة الشباب، تم تعيينه في قسم الأخبار بالنيابة العامة، قبل أن ينتقل إلى قسم الاستماع بالإذاعة عام 1337هـ. بعد ذلك، شغل منصباً في وزارة الصحة وعُين في قسم المحاسبة، حيث ارتقى حتى وصل إلى مرتبة وكيل الإدارة المالية. في عام 1972م، التحق بمعهد الإدارة في القاهرة وحصل على دبلوم في إدارة الأعمال والإدارة المالية. عُين بعد عودته كمدير للإدارة المالية بوزارة الزراعة لشئون المياه في الرياض، ثم انتقل للعمل كمفتش مركزي بوزارة الزراعة والمياه. وفي عام 1389هـ، قرر التقاعد بعد خدمة استمرت خمسة وعشرين عاماً.
أسهم إبراهيم خفاجي الفنية
ألف إبراهيم خفاجي العديد من القصائد والأغاني التي غناها كبار المغنين السعوديين والعرب، حيث أدت كلماته إلى نجاحات في عالم الموسيقى. غنى له الفنان السعودي محمد عبده وطلال مداح، بينما قام عدد من الفنانين العرب مثل صباح، وعبد الستار، وعبادي الجوهر بتقديم أعماله. اعتزل الشاعر العمل الفني بعد آخر مؤلفاته “أوبريت عرايس المملكة”، الذي شارك فيه عدد من الفنانين مثل محمد عبده وطلال مداح وعبد المجيد عبدالله. لقد تم تكريمه بلقب “شاعر نادي الهلال السعودي” عقب تأليفه قصيدة “هلال المجد”.
بداية النشيد الوطني السعودي
لم يكن هناك نشيد وطني بالمملكة العربية السعودية في الماضي بقدر ما كان هناك سلام ملكي. بدأ استخدام أول سلام ملكي في عام 1945م خلال زيارة الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود إلى جمهورية مصر العربية أثناء حكم الملك فاروق. وقد طلب وزير الدفاع في ذلك الوقت، الأمير منصور بن عبد العزيز، من الملحن المصري عبد الرحمن الخطيب تأليف سلام ملكي للمملكة. بعد ذلك، كتب الشاعر محمد طلعت كلمات تناسب السلام الملكي الذي يتمثل في:
يعيشُ ملكنا الحبيب
أرواحنا فداهُ حامي الحرم هيا اهتفوا عاشَ الملك هيا ارفعوا رايةً الوطن اهتفوا وردِّدوا النشيد يعيش الملكْ
النشيد الوطني الحالي في السعودية
في 29 يونيو 1984م، والذي وافق اليوم الأول من شهر شوال 1404هـ، تم عزف النشيد الوطني السعودي بشكل رسمي عبر البث المباشر. وقد قام الشاعر إبراهيم خفاجي بكتابة كلمات هذه النسخة الجديدة، التي تتضمن:
سَارِعِي لِلْمَجْدِ وَالْعَلْيَاء مَجِّدِي لِخَالِقِ السَّمَاء وَارْفَعِ الخَفَّاقَ أَخْضَرْ يَحْمِلُ النُّورَ الْمُسَطَّرْ رَدّدِي اللهُ أكْبَر يَا مَوْطِنِي مَوْطِنِي عِشْتَ فَخْرَ الْمُسلِمِين عَاشَ الْمَلِكْ لِلْعَلَمْ وَالْوَطَنْ.
عمل الملحن سراج عمر على تنسيق اللحن مع الكلمات، ليصبح هذا النشيد رمزاً للمملكة العربية السعودية في المحافل الدولية، حيث يُردّد في المدارس حتى يومنا الحاضر.