من هي الصحابية التي ذُكرت في سورة الممتحنة؟
الصّحابيّة التي نزلت فيها سورة الممتحنة هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. وقد نزلت السورة في سياق هجرتها إلى المدينة المنورة، حيث كانت تدرك أنه قد يُعاد إرجاعها بقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورغم معارضة بعض الصحابة لإعادتها، بقي رسول الله صامتًا حتى أنزل الله الوحي في هذا الشأن.
ورغم انحراف والدها الذي كان يُعتبر من ألدّ أعداء الإسلام، إلا أن أم كلثوم ولدت مؤمنة بالله. كانت فتاة ذكية ومتحمسة للعلم، رغم أن التعليم لم يكن ضمن أولويات النساء في ذلك الزمن. قامت أم كلثوم بإخفاء إسلامها عن عائلتها، خوفًا من أن يتعرضوا للأذى، بما في ذلك عمها وأشقائها.
القصة وراء سورة الممتحنة
كانت أم كلثوم ابنة لأحد كفار قريش، وعلى الرغم من أنها اعتنقت الإسلام، إلّا أنها كانت تُخفي إيمانها هربًا من انتقام عمها وأبيها. عندما بلغت سن الزواج، تقدّم لخطبتها العديد من خيرة شباب مكة، لكنها رفضت، لأن طموحها كان الاستمرار في اتباع دين النبي محمد صلى الله عليه وسلم والهجرة إليه.
وكان من شروط صلح الحديبية أنه إذا جاء أحدهم إلى الرسول في المدينة وأراد اعتناق الإسلام، يجب إرجاعه إلى مكة. ومع ذلك، عزمَت أم كلثوم على الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لو تم إرجاعها مرة أخرى إلى مكة. في ذلك الوقت، كانت في السادسة عشرة من عمرها، وهجرت ليلاً، رغم صعوبة الطريق بين مكة والمدينة.
عندما وصلت أم كلثوم إلى المدينة، كان النبي صلى الله عليه وسلم في حيرة، حيث تساءل الصحابة عن كيفية إرجاعها إلى مكة وهي تدين بدينهم. ظل النبي صامتًا حتى جاءه الوحي، حيث نزل جبريل عليه السلام بأمر يتعلق بأم كلثوم، وتحديدًا الآيات من سورة الممتحنة:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. [سورة الممتحنة: 10]
وبذلك، قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن تبقى أم كلثوم في المدينة وأن تتزوج من أشرافها في ذلك الوقت.
سبب تسمية السورة بالممتحنة
تعود تسمية سورة الممتحنة بهذا الاسم بناءً على مجموعة من التفسيرات تصفها بأنها آية امتحان إيمان النساء اللاتي أسلمن، مشيرةً إلى أنه لا يجوز إرجاعهن إلى الكفار بعد إثبات إيمانهن. كما تُوجه هذه الآيات المسلمين إلى فهم كيفية التعاطي مع مثل هذه القضايا وفق منهج الإسلام الصحيح.
نستنتج من ذلك أن الصحابية التي نزلت فيها سورة الممتحنة هي أم كلثوم بنت عقبة، والتي كانت عائلتها من أعداء الإسلام، ومع ذلك تمكنت من الهجرة إلى رسول الله، مما أدى إلى نزول هذه السورة الكريمة.