يُعتبر مرض الفصام من أخطر الأمراض النفسية، حيث يتسم بأنه مرض مزمن يؤثر بشكل كبير على الأداء البدني والعقلي للفرد، إضافةً إلى تأثيره على الأداء التعليمي والاجتماعي. ومع ذلك، يُوجد علاج فعّال له، وفي هذا المقال سنتناول تعريف مرض الفصام، أسبابه، وطرق علاجه.
مقدمة عن مرض الفصام
يُعتبر الفصام اضطرابًا نفسيًا يبدأ غالبًا من مراحل مبكرة في الحياة، ويتطلب علاجًا عاجلاً لتجنب عواقبه الصحية الخطيرة مثل الإعاقة العقلية والجسدية والمهنية. هذا المرض المزمن يؤثر على توازن العقل والسلوك والعواطف لدى الفرد، مما يسبب انحرافًا عن المعايير الطبيعية للأشخاص العاديين.
أصيب نحو عشرين مليون إنسان حول العالم بهذا المرض، والذي يُمثل حوالي 1% من إجمالي سكان العالم. يعاني المصاب بالفصام من تشويش واضطراب في التفكير والإدراك والمشاعر، إضافةً إلى تأثيرات سلبية على سلوكه ولغته.
من أبرز الأعراض المرتبطة بالفصام هي الهلاوس، مثل سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة، والأوهام التي تتمثل في معتقدات خاطئة يُصرّ عليها المريض.
هل يعتبر مريض الفصام مجنونًا؟
يُطلق الكثير من الأفراد صفة “الجنون” على مرضى الفصام، نتيجة لاستخدام بعض الدول طرق علاج تقليدية مثل الجلسات الكهربائية. على الرغم من وجود أساليب علاجية متعددة يمكن اتباعها، الأمر الذي سنتناوله لاحقًا.
يرتبط وصف “الجنون” باختلال التوازن العقلي والجسدي للمريض، فضلاً عن عدم انتظام حديثه، مما يجعله يبدو متشتتًا. يشعر المريض في بعض الأحيان بسعادة في أوقات الحزن، أو حزنًا في أوقات السعادة، ما يدل على عدم وعيه بتصرفاته.
ولكن باستخدام الأدوية الحديثة والأساليب النفسية، أصبح من الممكن للأطباء السيطرة على سلوك المرضى، ومساعدتهم على استعادة توازنهم العقلي والسلوكي.
أعراض مرض الفصام
تظهر أعراض الفصام بشكل متفاوت، حيث قد تكون واضحة في بعض الأحيان، بينما قد تكون خفية في أوقات أخرى. يجدر بالذكر أن الخطورة لا تقتصر فقط على المريض، بل تؤثر أيضًا على أسرته وأصدقائه والمجتمع المحيط به.
تختلف الأعراض باختلاف خصائص الفرد المصاب وشدة المرض. يمكن تصنيف الأعراض إلى أربعة فئات رئيسية:
أعراض إيجابية
تتضمن الأعراض الذهانية مثل الأوهام والهلاوس.
أعراض سلبية
تشير إلى السمات الشخصية الملاحظة، مثل افتقار تعابير الوجه أو انعدام الدافع.
أعراض معرفية
ترتبط بتفكير الفرد، ويمكن أن تتسم بالإيجابية أو السلبية، مثل ضعف التركيز.
أعراض عاطفية
تتميز غالبًا بالسلبية، مثل العواطف المبالغ فيها.
فيما يلي عرض للأعراض الرئيسية المرتبطة بمرض الفصام:
الأوهام
تُعتبر الأوهام من الأعراض الشائعة، حيث يؤمن المصاب بمعتقدات خاطئة، قد تشمل الشعور بالاضطهاد أو الاعتقاد بأنه يمتلك قدرات خاصة.
الهلاوس
يعاني المريض من سماع أصوات غير موجودة، أو رؤية أشياء لا وجود لها، كما يمكن أن يشعر بأشياء لم تحدث أو يختبر روائح غير موجودة.
الاضطرابات الفكرية
قد تلاحظ قفز المريض من موضوع لآخر خلال حديثه دون منطق، مما يجعل من الصعب متابعته.
انعدام الدافع
يمكن أن يفتقر المريض إلى الدافع للقيام بأنشطة يومية، مثل الأكل والغسيل.
سوء التعبير عن العواطف
قد تفتقر ردود المريض لعواطف ملائمة للمواقف، سواء كانت سعيدة أو حزينة.
الانسحاب الاجتماعي
يعتبر الانسحاب الاجتماعي من الأعراض الشائعة، حيث يعتقد المريض أن الآخرين قد يؤذونه، مما يؤدي إلى شعوره بعدم الأمان.
عدم الشعور بالمرض
يميل المريض إلى عدم إدراك أعراض مرضه، مما يجعله معتقدًا أن الآخرين يحاولون التحكم به أو إيذائه، مما يؤدي إلى رفض العلاج.
أنواع مرض الفصام
هناك خمسة أنواع من مرض الفصام، وهي:
- فصام الشخصية.
- فصام غير منتظم.
- فصام سلبي.
- فصام الطفولة.
- اضطراب فصامي عاطفي.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأنواع لا تُستخدم حاليًا في الطب النفسي، حيث أدت تحديثات تصنيف الأمراض في عام 2013 إلى دمجها تحت مسمى “الفصام” وفقًا لدليل التشخيص والإحصاء للأمراض النفسية (DSM-V).
لقد قررت الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) إنهاء اعتمادات الأنواع الفرعية للفصام، نظرًا لأن التصنيف السابق لم يُظهر فوائد واضحة في تطوير العلاج أو التنبؤ بردود الفعل للعلاج.
أسباب مرض الفصام
يشير علماء النفس إلى أن هناك عوامل متعددة تساهم في ظهور مرض الفصام، حيث يتداخل التأثير الوراثي مع العوامل البيئية. يُعتقد أن مزيجًا من العوامل الوراثية والبيئية يُعتبر السبب المرجح لتطوير هذا المرض.
إليكم بعض الأسباب المحتملة لإصابة الفصام:
العوامل الوراثية
عند عدم وجود إصابة في تاريخ الأسرة، يقل احتمال الإصابة بالفصام عن 1%. ومع ذلك، تزداد النسبة إلى 10% إذا كان أحد الوالدين مصابًا.
اختلال كيمياء الدماغ
يعتقد الخبراء أن ارتفاع مستوى الدوبامين، وهو ناقل عصبي رئيسي، هو السبب الرئيسي للإصابة بالفصام، ولكن قد يتضمن ذلك أيضًا ناقلات عصبية مثل السيروتونين.
العلاقات الأسرية
لا تدل الأدلة على أن العلاقات الأسرية تُسبب الفصام وحدها، لكن بعض الآراء تشير إلى أن توتر العلاقات قد يسهم في تفاقم حالته.
العوامل البيئية
على الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن الإصابة بالالتهابات الفيروسية أثناء الحمل قد تزيد من خطر تطور الفصام.
المخدرات
يساهم تعاطي المخدرات، مثل الحشيش، في زيادة نسبة الإصابة بالفصام، كما يُعتقد أن بعض الأدوية مثل الستيرويدات والمنشطات قد تساهم في ظهور اضطرابات نفسية.
علاج مرض الفصام
لحسن الحظ، توجد خيارات علاجية فعالة للحد من أعراض مرض الفصام، رغم أن هذه الأعراض قد لا تختفي تمامًا. يُشجّع المرضى على التكيف مع الأعراض المتبقية، حيث يمكنهم العيش بشكل طبيعي مع العلاج المناسب.
يعتمد الأطباء النفسيون على مجموعة من الأدوية والعلاج النفسي والدعم الذاتي في معالجة هذا المرض. تشمل الأدوية المستخدمة مهدئات مع الأخذ بعين الاعتبار أن لها تأثيرات جانبية، مثل زيادة الوزن وخلل مستويات السكر في الدم، ورغم ذلك فإنها قد تسهم في تقليل السلوكيات الانتحارية المرتبطة بهذا المرض.