التسامح يُعتبر من الصفات الجليلة التي يتحلى بها الله سبحانه وتعالى، وهو سمة من السمات الحميدة التي حثّ بها المولى عباده، حيث يسهم التسامح في حماية الفرد من مشاعر الكراهية والحقد، ويرتقي بالإنسان إلى أعلى الدرجات. وقد وعد الله عباده بمكافأة ذلك في الدنيا والآخرة. عبر موقعنا، سنسلط الضوء على أهمية التسامح في الإسلام.
التسامح والعنف في الدين الإسلامي
يُعتبر التسامح من الصفات النادرة التي لا يمتلكها الكثير من الأفراد؛ إذ يسيطر الغضب والعنف على بعضهم، مما يمنعهم من التحكم في أنفسهم. وقد حذر الله سبحانه وتعالى والرسول صلى الله عليه وسلم من العنف.
لقد أوصينا بالصفح والتسامح، إذ تُمثل هذه القيم أخلاقاً نبيلة يتمتع بها الله، مما يُساهم في نشر المحبة والود والطاقات الإيجابية بين الناس، ويجعل الفرد محبوبًا، فيسعى آخرون للتقرب منه. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة في التسامح وحسن المعاملة.
أنواع التسامح في الدين الإسلامي
يمثل التسامح الاجتماعي دعوةً لتبني قيم الإخاء والمحبة بين أفراد الوطن الواحد، إذ يتمتع الجميع بحق المساواة أمام الله، حيث لا يتفاضلون إلا بالتقوى والصلاح.
أما التسامح الفكري، فيستند إلى حرية الأفراد في اختيار معتقداتهم واستقبال آرائهم دون فرضها على الآخرين. لقد كان التسامح الديني من الأسباب الرئيسة لاعتناق العديد للإسلام، حيث وجدوا فيه ما لا يجده الآخرون، مثل حرية العقيدة واحترام العقول.
أهمية التسامح للإنسان
تحظى قيمة التسامح بأهمية خاصة في حياة الإنسان، فتسامح الشخص مع من أساء إليه يحرره من مشاعر البغضاء والكره، كما يمنع الآلام الناتجة عن هذه المشاعر. حيث يمتلئ القلب بالسعادة عندما يتعامل الأفراد مع بعضهم البعض بأسلوب إيجابي.
الله سبحانه وتعالى مُحبٌ للصفح، فالإنسان يرتكب العديد من الزلات والذنوب، لكن الشيطان دائماً يدعوه إلى الانتقام، بينما يتمتع المؤمن بالقوة في مواجهة تلك الوساوس، مُفوضاً أمره إلى الله، عالمًا أن الله لن يخذله وسيرد له حقوقه في الدنيا والآخرة. فالتسامح يجلب رضى الله، ويهيئ له الجنة في الآخرة.
مبادئ التسامح في الأديان السماوية
جميع الأديان السماوية تدعو إلى التسامح، فلا نجد رسولًا أو نبيًا إلا وكانت رسالته تدعو إلى التفاهم والمودة. فعلى سبيل المثال، جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليدعو الناس للإسلام دون إجبار أو إكراه.
لقد أوجد الله الخيار للاختيار بين الأديان، وعاش الرسول الكريم بسلام مع المسلمين واليهود والنصارى، حيث تعايشوا في المدينة المنورة بموجب معاهدة قائمة على السلام والاحترام المتبادل.
كانت حماية المسلمين لهم تتضمن عدم التدخل في شعائرهم الدينية، مقابل دفع جزية بسيطة وجدت لسلامتهم. ومن دلالات التسامح في الإسلام أن المسلمين لم يأخذوا الجزية من النساء والأطفال والشيوخ.
أشكال التسامح في الإسلام
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسم بالأمانة وحسن الخلق، وكان أعداؤه يودعون أماناتهم لديه، وعلى الرغم من الأذى الذي تعرض له، استمر في معاملتهم برفق.
عندما كان يلاحظ تغيبا لأحدهم، يسأل صديقه عن حاله، مما عكس تسامحه الفريد وتفضيله للرحمة. وكذلك، عُقدت المعاهدة العمرية مع النصارى خلال فتح بيت المقدس، والذي بموجبها كُفلت لهم حرية العقيدة وأمنهم.
خاتمة المقالة
التسامح خُلقٌ عظيم أمرنا الله به في جميع الأديان السماوية، إذ يسهم في نشر المحبة والمودة والقضاء على النزاعات والتفرقة. لذا، ينبغي على كل فرد التحلي بهذه الصفات التي حثّ الله عليها.
في ختام مقالنا، استعرضنا أنواع التسامح في الدين الإسلامي، وناقشنا أهمية التسامح في حياة الأفراد والمجتمعات، وانتهينا بمختلف أشكال التسامح في الإسلام.