أكبر بنات النبي
أفاد أبو عُمر أن زينب -رضي الله عنها- تعتبر أكبر بنات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد اختلف العلماء في ترتيب باقي بناته، ولكن الرأي الأكثر شيوعاً هو أن رقية تليها، تليها فاطمة، ثم أُمّ كلثوم. وقد ذكر ابن شهاب -رحمه الله- أن “أكبر بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت زينب بنت خديجة”. وُلدت زينب -رضي الله عنها- بعد ثلاثين عاماً من مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، أي قبل البعثة بعشر سنوات.
تزوجت زينب -رضي الله عنها- من ابن خالتها أبي العاص، وأنجبت له أُمامة وعليّ -رضي الله عنهما-. وقد أشار ابن سعد إلى أن زفافها تم قبل البعثة، حيث اعتنقت الإسلام ثم هاجرت قبل أن يسلم زوجها بست سنوات. وكان زوجها من بين الأسرى في غزوة بدر، حيث أرسلت زينب مع خديجة -رضي الله عنها- قلادةً لتفدي بها زوجها. وعندما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- القلادة، عرفها واستشار الصحابة -رضي الله عنهم- في إطلاق سراحه، فقالوا: نعم، فخلى سبيله. أسلم الزوج بعد ذلك في شهر محرم من السنة السابعة. وعندما توفيت -رضي الله عنها-، طلب النبي -عليه الصلاة والسلام- من النساء أن يغسلنها ويريحوه. فقال: (اغسلنها وتراً ثلاثاً، أو خمساً، واجعلن في الخامسة شيئاً من الكافور، وإذا غسلتنها فأعلمنني) ففعلوا.
بنات النبي صلى الله عليه وسلم
وُلد للنبي -عليه الصلاة والسلام- أربع بنات، أولهن: زينب -رضي الله عنها-، وقد تم ذكرها سابقاً. فيما يلي ملخص عن بنات النبي الأخريات -رضي الله عنهن-:
- رُقية -رضي الله عنها-: وُلدت في السنة الثالثة والثلاثين من ولادة النبي، وتزوجت قبل الهجرة من عُتبة بن أبي لهب. ولأن أختها أُمّ كلثوم كانت متزوجة من أخيه الآخر، فقد حدث أن طلب أبو لهب وزوجته من ابنيهما الطلاق من ابنتي محمد. وبعد الطلاق، رزقت رقية -رضي الله عنها- بعُثمان بن عفان -رضي الله عنه-، أحد المبشرين بالجنة. وقد ولدت له عبد الله الذي توفي صغيراً، ومرضت يوم غزوة بدر، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عُثمان بالجلوس إلى جانبها، وتوفيت في ذلك اليوم.
- أُم كُلثوم -رضي الله عنها-: وُلدت بعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتزوجت بعُثمان بن عفان بعد وفاة أختها رقية -رضي الله عنها- في السنة الثالثة للهجرة، ولُقب بذي النورين بسبب زواجه من ابنتي النبي. توفيت أُم كُلثوم خلال حياة والدها وزوجها.
- فاطمة -رضي الله عنها-: وُلدت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بواحد وأربعين سنة. تزوجت من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعد غزوة أُحد. وقد بشّرها النبي -عليه الصلاة والسلام- بالجنة قبل وفاته قائلاً: (أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء المؤمنين؟).
جميع بنات النبي -عليه الصلاة والسلام- تمسكن بالأخلاق الحميدة التي لمست في والدهم، حيث كان لهم القدوة الحسنة. وابتعدن عن عادات الجاهلية، حيث أسلمن جميعهن بعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- وهاجرن معه. والدتهن هي خديجة -رضي الله عنها-، وجميعهن توفين خلال حياته، باستثناء فاطمة -رضي الله عنها- التي توفيت بعده بستة أشهر أو أقل.
حب النبي صلى الله عليه وسلم لبناته
كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مفعماً بالرحمة تجاه بناته، وكان يحزن لمفارقتهم ولوفاتهن. وقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه شاهده يبكي لوفاة بناته، حيث قال: (شهدنا بنتاً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان رسول الله جالساً على القبر، ورأيت عينيه تدمعان). كان أيضًا يتحمل حزن وفاة أحفادهن، ومن شدة حبه لهن كان يتشاركن معه في أسراره ولا يبخل عليهن بشيء. كان يهتم بمصالحهن مع أزواجهن ويسعى لإصلاح ذات البين في حال حدوث خلاف. ورغم هذه الرحمة، كان حازماً في الأمور المتعلقة بحق الله -تعالى-، حيث قال لابنته فاطمة -رضي الله عنها-: (يا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئًا). وكان يفرح بشكل خاص بولادتهن، حيث استبشر بولادة فاطمة -رضي الله عنها- ورأى فيها الخير والبركة، فأطلق عليها لقب الزهراء وكنّاها بأم أبيها.