أهداف القصص القرآني
تسعى القصص القرآني إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، وفيما يلي بعض منها:
- تحريك مشاعر القراء والعواطف في قلوبهم، مما يجعلها معلقة بين الخوف والرجاء، فتشتاق النفوس إلى ما أعدّه الله سبحانه لمن خضع له، وتخشع الجوارح له، فترسخ الإيمان في القلب.
- إثبات حقيقة الوحي والرسالة الإسلامية، حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان أميًا، لا يقرأ ولا يكتب. تدل الأخبار الواردة في القرآن عن أحوال الأمم السابقة بدقة على أن ما أتى به الرسول كان وحيًا من الله سبحانه، كما قال الله تعالى: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو من قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
- توضيح وحدة الوحي، حيث جاء القرآن الكريم بمجموعة من القصص عن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، ليؤكد أن الدين السماوي الذي بعث الله به الأنبياء جميعًا هو دين واحد يدعو لعقيدة موحدة، كما قال تعالى: (وَإِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).
- استخلاص العبر والدروس من القصص القرآني، حيث يعتبر القارئ من مصير الأمم السابقة والعواقب التي تسببت في الاستكبار والعناد.
- تقديم القصص للأمم السابقة بشكل صادق وواقعي، بعيدًا عن الخيال والأساطير، مما يجعل القصة القرآنية محدثة وصحيحة حتى لو كانت لأغراض المثال.
- توضيح أسس الدعوة إلى الله، والمبادئ التي قامت عليها رسالات جميع الأنبياء، كما قال تعالى: (وَمَا أَرسَلْنَا مِن قَبلِكَ مِن رَسُولٍ إِلَّا نُوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ). كما أن القصص القرآني كانت عاملًا لتثبيت قلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقلوب المؤمنين في مختلف العصور، وزرع الثقة في النفوس، كما قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِن أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).
- إبراز حقيقة قصص الأنبياء السابقين -عليهم الصلاة والسلام-، وما خفي من الحقائق، إذ تكشف القصص القرآني صدق الأنبياء.
- عرض النعم التي أنعم الله بها على أنبيائه ورسله -عليهم السلام-، مثل قصة يونس -عليه السلام-، حيث قال الله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَّن نَّا قَدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ).
- تسليط الضوء على الـأصل المشترك بين دعوة إبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام- بشكل خاص، وبين الدعوات بشكلٍ عام، كما قال تعالى: (إِنَّ هَـذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى*صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى).
- إظهار معجزة خلق آدم وعيسى -عليهما السلام-، مما يعكس قدرة الله -عز وجل- القائل: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).
- التحذير من الشيطان وخصومته للبشر وتربصه بهم.
- تقديم البشائر والمخاوف من نتائج كفر المؤمنين والكافرين.
خصائص القصص القرآني
يتميز القصص القرآني بعدد من الخصائص تميزه عن غيره من القصص، وفيما يلي نبين بعض منها:
- ذكر القصص لأحوال كل فئة، سواء من اتبعوا أوامر رسوله أو الذين خالفوا ذلك، مقارنة توضح موقفهما ومصير كل منهما، والتحديات والمصاعب التي واجهها كل نبي، تليها الحقائق عن النصر والتمكين. وهكذا، يوازن القارئ بين الترغيب والترهيب، الوعد والوعيد، مما يساعد في اعتداله في مجريات الحياة.
- تكرار القصص في عدّة مواضع بالقرآن بأسلوب مختلف لترسيخ الأفكار وتجديد العبر منها.
- توزيع أحداث القصة الواحدة على عدة مواضع من القرآن لتكون متكاملة غير منفصلة.
- صلاحية استشهادات القصص القرآنية في جميع الأزمان، فالقرآن الكريم هو كتاب هداية للبشرية، ويتم أخذ العبر من القصص على مر العصور، فكما في قصة أصحاب الجنة الذين منعوا حق المساكين، فتجدر الإشارة إلى أنهم عوقبوا من قبل الله -عز وجل-، وهذه العبرة تصلح للاعتبار عبر السنين.
تعريف القصص القرآني
القصص في اللغة تعني إخبار عن الماضي بطريقة متتابعة، وقد قيل إن القصة تعني الأمر أو الشأن أو الخبر، كما قال الله تعالى: (إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ). أما القصص القرآني، فهو إخبار عن الأمم السابقة كما يحتويه القرآن الكريم من أحوالهم وشؤون أنبيائهم وما حدث لهم، مع ذكر أخبار البلاد وديارهم، بشكل واضح يبرز كيف كانت معيشتهم وممارستهم للحياة وأعمالهم فيها. ويجدر بالذكر أن القصص القرآني ينقسم إلى ثلاثة أنواع: الأول هو قصص الأنبياء ومعجزاتهم ومراحل دعوتهم، كما هو وارد في قصص نوح وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-. والثاني هو قصص شخصيات لم تثبت نبوّتها، وكذا قصص أقوام ماضين مثل قصة طالوت وذي القرنين وأهل الكهف وأصحاب السبت وقصة مريم -عليها السلام- وأصحاب الفيل. والثالث هو قصص توضح الأحداث التي جرت في زمن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- مثل غزوة بدر وأحد وقصة الهجرة وحادثة الإسراء والمعراج وغيرها مما حدث في زمن النبي عليه الصلاة والسلام.