آثار الصراخ على الأطفال
زيادة السلوك السيء نتيجة الصراخ
يعتقد العديد من الآباء أن الصراخ على أطفالهم يمكن أن يساعد في حل المشاكل الفورية ويمنع السلوك السيء في المستقبل. ومع ذلك، هذا الاعتقاد غير مبني على أسس علمية؛ فقد أظهرت الأبحاث أن الصراخ له آثار سلبية ويؤدي إلى تفاقم المشكلات على المدى الطويل. حيث يتوقع الطفل من والديه أن يصرخوا أكثر من مرة حتى يستجيب للأوامر، مما يشجعه على تطوير سلوكيات غير مرغوب بها.
على الرغم من أن الطفل قد يظهر هدوءًا بعد الصراخ عليه، إلا أن ذلك يعكس شعوره بالحزن، وقد تستمر هذه المشاعر السلبية لفترات طويلة. الصراخ لا يعالج الحلول بل قد يؤدي إلى مشاكل نفسية مستدامة لدى الطفل، وكلما زاد صراخ الأبوين، كلما تدهور سلوك الطفل، لذا يفضل اللجوء إلى أساليب تأديبية مناسبة تربويًا بدلاً من الصراخ.
تأثير الصراخ على نمو دماغ الطفل
يمكن أن تؤدي أساليب التأديب القاسية أو الصراخ المستمر إلى تغيير الطريقة التي ينمو بها دماغ الطفل. فطبيعة الإنسان تتحسس بشكل أسرع للأحداث والمعلومات السلبية مقارنة بالإيجابية. يؤثر الصراخ المتكرر على حياة الطفل حتى بعد أن يكبر؛ حيث تبقى أصوات صراخ والديه عالقة في ذهنه. يتسبب الصراخ أيضًا في زيادة هرمونات التوتر في مجرى الدم، مما يزيد من التوتر العضلي والنشاط العاطفي في الدماغ، مما يعدل من تصور الطفل لنفسه في مراحل لاحقة من حياته.
القلق والعدائية والانسحاب
يمكن أن يؤدي الصراخ على الطفل إلى آثار سلبية قصيرة المدى مثل الانسحاب والقلق والعدائية. فقد يشعر الطفل بالحاجة إلى الرد على ذلك، مما يمكن أن يؤدي به إلى تصرفات عدوانية وشعور دائم بالتوتر. أشارت دراسة نُشرت في مارس 2011 في بعض الجامعات العالمية، بما في ذلك جامعة تكساس وجامعة ميشيغان، إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء البدني والصراخ يعانون من مستويات أعلى من التوتر والقلق مقارنة بأقرانهم.
الصراخ ليس وسيلة تواصل فعالة
لا يمكن اعتبار الصراخ وسيلة للتواصل مع الطفل. على الرغم من أن الأطفال قد يتوقفون عما يفعلونه عندما يتعرضون للصراخ، إلا أنه غير مناسب كوسيلة لحل المشكلات. يحاول معظم الأطفال إغلاق آذانهم لتجنب سماع صراخ آبائهم، مما يعوق إمكانيات التواصل الفعال. لذلك، يجب على الآباء اللجوء إلى أساليب عقاب أخرى أكثر صحة.
نتائج الخوف المفرط
يعتبر الأطفال والديهم قدوة في الحياة، حيث يعدون مصدر الأمان والاحتياجات الأساسية. ولكن الصراخ المستمر يمكن أن يؤثر على ثقة الطفل بوالديه. فالعلاقة بين الوالدين والطفل تستند إلى السلطة، لكن ينبغي عدم استغلال تلك السلطة عند الغضب لتحويلها إلى سيطرة دكتاتورية تجعل الطفل يشعر بالخوف.
عدم الاكتراث بالصراخ
يمكن للصراخ أن يجذب انتباه الطفل في البداية، لكنه مع تكرار ذلك، يصبح الطفل غير حساس للصراخ، مما يؤدي إلى تراجع تفاعله مع الأمور. كلما زاد صراخ الوالدين، كلما تراجع تجاوب الطفل، مما قد يؤدي إلى شعور الوالدين بالإحباط والرغبة في الصراخ أكثر، وقد يتطور الأمر أحيانًا إلى تعليقات مسيئة.
تعلم الصراخ كوسيلة لحل المشكلات
لا يمكن للصراخ أن يعلم الطفل الوسائل الصحيحة لمعالجة المشكلات. حيث أن الطفل ينظر إلى والديه كقدوة، سيبدأ في اعتقاد أن الصراخ هو الوسيلة المثلى لحل أي خلاف، مما يتطلب أن يتعلم المهارات اللازمة لتنظيم مشاعره وإدارة سلوكياته دون تكرار نفس الأخطاء.
أثر الصراخ على الصحة الجسدية
لا يقتصر تأثير الصراخ السلبي على الجانب النفسي فقط، بل يمكن أن يمتد إلى الصحة الجسدية. الأطفال الذين يتعرضون للصراخ بشكل مستمر يعانون من مستويات عالية من التوتر، وقد يؤدي ذلك إلى مشكلات صحية جسدية في حال عدم إدارة هذا التوتر، مثل التفكير في تعاطي المخدرات أو الانتحار، بالإضافة إلى مشاكل مثل الصداع وآلام الظهر والرقبة.
الخطوات اللازمة للتصحيح والإصلاح
يمكن اتباع الخطوات التالية للتصحيح والإصلاح:
- الاعتراف بالخطأ وفهم أن الصراخ يؤذي الأطفال ويؤثر سلبًا على مستقبلهم.
- الاعتذار للطفل وطلب المسامحة، ويجب أن يكون الاعتذار صادقًا وواضحًا حول أن الصراخ لم يكن هادفًا.
- منح الطفل الوقت الكافي للتسامح، لذا يستلزم ذلك صبر الوالدين ومثابرتهم لتحقيق المسامحة.
- التعبير للطفل عن رغبة الوالدين في التغيير، يجب قول ذلك بوضوح ومراعاة الأفعال لتجنب العودة للصراخ.
- طلب المساعدة من مستشار عند الحاجة، فقد يشعر أحد الوالدين بغضب شديد ومن الممكن تجاوز ذلك من خلال مشورة مختص.
نصائح للتوقف عن الصراخ على الأطفال
إليك بعض النصائح الهامة للتوقف عن الصراخ على الأطفال:
- التعرف على الأسباب والضغوط التي تؤدي إلى صراخ الوالدين، فالصراخ ليس حالة عشوائية، بل هو غالبًا استجابة لسلوك معين.
- تحذير الطفل قبل الشروع في الصراخ عليه، حيث يماطل الأطفال في الكثير من النشاطات وعندما يحدث ذلك يجب إعطاؤهم تحذيرًا واضحًا.
- أخذ وقت للاسترخاء بعيدًا عن الطفل للتخلص من الطاقات السلبية قبل الحديث معه، وتعلم كيفية ضبط النفس.
- كتابة قائمة بالأمور المنصوح بها للأطفال، على أن تُعلق في أماكن واضحة، كتلك التي تُعبر عن أوقات اللعب والدراسة.
- تعليم الطفل الدروس حول سلوكياته بدلاً من الصراخ عليه، إذ أن الصراخ ليس وسيلة تواصل سليمة، ويمكن أن يفاقم المشكلة.
- إدراك أن سلوك الأطفال في أعمارهم الصغيرة قد يكون طبيعيًا، لذا يجب على الآباء عدم لومهم بل تعلم كيفية التعامل معهم.
- استباق الأحداث وتوجيه الطفل للقيام بالأمور المتوقعة منه لتفادي الصراخ فيما بعد.
- تعديل التوقعات، رغم أن توقعات الوالدين قد تكون مرتفعة، يجب أن يتفهموا أن الأمور قد تختلف، ويستوجب الصبر في التربية.