من هو ورش؟
هو عثمان بن سعيد بن عبد الله المصري، المعروف بلقب أبي سعيد، والذي يُعتبر أحد أبرز شيوخ القراء في مصر خلال زمنه. وُلد في مصر عام 110 هجرية، ثم انتقل إلى مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقرأ القرآن على يد نافع المدني، أحد القراء العشرة، حيث ختم عليه القرآن عدة مرات في عام 155 هجرية. عُرف ورش بجمال صوته واتقانه الكبير في النطق بالحروف، مما مكنه من التميز في قراءة القرآن.
أطلق نافعٌ عليه لقب “ورش” نظراً لشدة بياضه، حيث إن “الورش” هو مادة بيضاء تُصنع من اللبن. وقد اعتُمد هذا اللقب حتى أصبح ورش معروفاً به بشكل يكاد لا يُذكر معه اسمه الحقيقي، لذا يُشار إلى روايته دائماً بعبارة “رواية ورش عن نافع”.
تربى على يديه الكثير من التلاميذ الذين قرأوا القرآن منه، ومن أبرز هؤلاء: أحمد بن صالح، داود بن أبي طيبة، أبو الربيع داود بن سليمان المهري، أبو الأشعث عامر بن سعيد الجرشي، عبد الصمد بن عبد الرحمن، وأبو يعقوب الأزرق، وغيرهم. توفي -رحمه الله- في مصر عام 197 هجرية.
أحكام الراء عند ورش
تفخيم الراء
يتميز الإمام ورش بتفخيم الراء في الحالات التالية:
- عندما تكون الراء مكسورةً كسراً عارضاً، مثل: (ارْجِعِي)، (ارْجِعُونِ).
- إذا جاءت الراء في اسم أعجمي، مثل: (إبراهيم، إسرائيل، عمران).
- عند تكرار الراء في الكلمة، مثل: (ضِرَاراً لَّتَعْتَدُوا).
- إذا كان الحرف الساكن بعد الكسرة من صاد أو طاء أو قاف، مثل: (صِرَاطَ)، (إعْرَاضاً)، (فِرَاقُ)، (والْإِشْرَاقِ).
- إذا كانت الراء في نهاية الكلمة وتم الوقف عليها وكان الحرف الذي قبلها مفتوحاً أو مضموماً أو ساكناً، مثل: (الْكُبَرِ)، (الزُّبُرِ).
ترقيق الراء
تُرقق الراء عند الإمام ورش في الحالات التالية:
- عندما تكون الراء مفتوحةً أو مضمومةً بعد كسر، مثل: (ناضرة)، (وتُعَزِّرُوهُ)، (الْكَافِرُونَ)، (سَاحِرٌ).
- عندما يفصل بين الكسر والراء حرف ساكن غير حرف استعلاء، باستثناء حرف الخاء، مثل: (وِزْرَكَ)، (إِخْرَاجٍ).
- إذا جاءت الراء المتحركة بعد ياءٍ ساكنةٍ، مثل: (وَنَذِيراً)، (ضَيْرَ).
- عند تكرار الراء في نهاية كلمة واحدة، مثل: (فِرَاراً).
جواز الوجهين
يجوز تحويل الراء بين التفخيم والترقيق عند الإمام ورش في حالة واحدة، وهي: إذا كان وزن الاسم فعلاً منصوباً منوناً، مثل: (ذِكْراً)، (سِتْراً)، (إِمْراً)، (وِزْراً)، (وَصِهْراً)، (حِجْرا). وقد تم الاختلاف في بعض الكلمات عند الوقف عليها، مثل: (وَنُذُرِ) في سورة القمر، (يَسْر) في سورة الفجر، و(حَيْرَانَ) في سورة الأنعام.
أصول رواية ورش عن نافع
لكل قارئ من القراء العشرة أصولٌ متميزة، ومن أهم أصول رواية الإمام ورش عن الإمام نافع ما يلي:
- لديه ثلاثة أوجه بين السورتين: الوصل والسكت وكلاهما دون بسملة، والبسملة لها أوجهها الثلاثة مع عدم جوازها بين الأنفال والتوبة.
- روى صلة ميم الجمع إذا تلتها همزة قطع، مثل: (لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلً)، والمد هنا يُعتبر من باب المد المنفصل، وتقتصر الصلة على حالة الوصل، فإذا وقف على الميم سكنها.
- له في المد المنفصل والمتصل الإشباع، ويمتلك ثلاثة أوجه في مد البدل، وهي: القصر والتوسط والإشباع، سواء كان البدل محققاً أو غيره بالتسهيل أو الإبدال أو النقل. وقد استثني له من البدل ثلاثة أصول وكلمتان باتفاق، وكلمتان بخلاف.
- له في حرف اللين إذا تلاها همزة متصلة: التوسط والإشباع، مثل: (شَيْءٍ، سُوء، يَيْأَسُ، كَهَيْئَةِ).
- في حال تواجد همزتين من كلمة واحدة وكانت الثانية مفتوحةً، له وجهان: الإبدال والتسهيل، ويفند ذلك بحسب حالة الإبدال. إذا كان ما بعد الألف المبدلة ساكناً مُدَّت مداً مشبعاً، مثل: (أَأَنْذَرْتَهُمْ)، بينما إذا كان متحركاً قصُرت نحو: (فَإِذا أَمِنْتُمْ). وإذا كانت الثانية مضمومةً أو مكسورةً، فله تسهيلها بين بين، وهو في الاستفهام المكرر كقالون.
- له في الهمزتين من كلمتين موحدتين في الحركة وجهان: الإبدال والتسهيل.
- روى إبدال الهمزة الساكنة إذا كانت فاءً للكلمة، مثل: (يُؤْمِنَّ، فَأْتِيا، أَنِ ائْتِ)، وكذلك إبدال الهمزة المفتوحة بعد ضم إذا كانت فاءً للكلمة، مثل: (مُؤَذِّنٌ).
- روى لفظ (النَّبِيُّ) بالهمز كما فعل قالون.
- روى نقل حركة الهمزة إلى الساكن الذي قبلها وحذف الهمزة، شرط أن يكون المنقول إليه ساكناً صحيحاً منفصلاً، مثل: (مَنْ آمَنَ، وَلَقَدْ أَرْسَلْنا، قُلْ إِنِّي، بِالْآخِرَةِ).
- له إدغام دال (قد) في الضاد كما في: (فَقَدْ ضَلَّ)، وفي الظاء كما في: (فَقَدْ ظَلَمَ)، وإدغام تاء التأنيث في الظاء كما في: (كانَتْ ظالِمَة)، وإدغام الذال في التاء في: (أَخَذَتِ) و(اتَّخَذْتُمُ) حيث وردتا. كما لديه الإدغام في (يس وَالْقُرْآنِ)، وله في (ن وَالْقَلَمِ) خيار الإدغام أو الإظهار.