النكاح الذي أباحه الله خطه الشروط والطريقة التي وضحها وشرعها، وينبغي تجنب الأفكار والطرق التي لم يُنزل بها سلطان من الله، كما أنه من غير المقبول الإساءة إلى النساء المنكوحات بأي شكل من الأشكال. يجب أن نعمل على تعزيز مكانة المرأة وإكرامها كما أوصانا الله. في هذا المقال، سنناقش نكاح الشغار.
ما هو حكم نكاح الشغار
لقد أمر الله سبحانه وتعالى بمكانة عالية للمرأة في كافة جوانب الحياة، ولا سيما في الزواج، إذ يشرع الإعلان عن الزواج برضا الوالدين ويحدد المهر لها. وقد ورد في كتاب الله العزيز:
“وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلكَ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا” [سورة النساء، الآية 24].
لقد برزت في الأونة الأخيرة أنواع من الزواج التي لم يشرعها الله، ومن أبرزها نكاح الشغار. يعني “الشغار” في اللغة الفراغ، وهو مصطلح مأخوذ من سلوك الكلب عندما يريد التبول، حيث يرفع إحدى قدميه، وقد أطلق هذا الاسم على هذه الممارسة ليدل على قبحها.
كما يُعبر “الشغار” عن معنى المكان الخالي من الناس، فعندما نقول إن هناك وظيفة شاغرة، فإننا نقصد بها وظيفة خالية. وسبب تسميته بهذا الاسم هو انعدام المهر. وقد قال ابن قدامة: “إنما سُمي شعارًا لِقُبحه، تشبيهًا برفع الكلب رجله ليبول.”
مفهوم زواج الشغار هو أن يُزوج الرجل امرأة تحت ولايته، مثل أخته أو ابنته، ولكن بشرط أن يُزوج الآخر أحد أفراد عائلته أيضًا، دون أن يتضمن ذلك دفع صداق، حيث يكون زواج كل منهما لأخته أو ابنته هو بمثابة مهر للآخر. وقد كان الشغار موجودًا في الجاهلية.
حكم نكاح الشغار
اتفق العلماء على أن نكاح الشغار محرم. على الرغم من اختلافهم حول صحته، إلا أن الكثيرين يرون أنه باطل. كما اتفقوا على تحريمه، وأسباب بطلان هذا النكاح هي أمران: الأول هو عدم وجود مهر في عقد النكاح، والثاني هو تعليق الأزواج بعضهم ببعض، الأمر الذي يجعل النكاح مشروطًا بنكاح الأولاد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن الشغار: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ. والشِّغَارُ: أنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ علَى أنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ، ليسَ بيْنَهُما صَدَاقٌ” [الراوي: عبد الله بن عمر، المحدث: البخاري].
لماذا زواج الشغار منهي عنه
أوضح بعض العلماء أن نهي زواج الشغار يعود إلى انعدام المهر، حيث يُشترط تقديم بضع كل من الابنة أو الأخت كحق للآخر، مما يحرم المرأة من الاستفادة من قيمة المهر. ويُعتبر المهر ضمانًا للمرأة في حال حدث أي طارئ.
كما ورد في القرآن الكريم، أنه إذا رغب الزوج في تقديم شيء من المهر للمرأة، فليكن ذلك طواعية. قال الله تعالى: “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” [سورة النساء، الآية 4].
يعتبر زواج الشغار نوعًا من الظلم الموجه للنساء، كما أن مشروطة هذا الزواج تجعله غير شرعي. لذا علينا الالتزام بتعاليم الله واتباع ما شرعه لنا من طرق للنكاح والزواج.
وبهذا نختم مقالنا حول نكاح الشغار، وقد تناولنا فيه ما يتعلق بتحريمه والأسباب وراء ذلك. لنتبع دائمًا أوامر الله ونجتنب ما نهى عنه.