تُعتبر حضارتا الفينيقيين والكنعانيين من أقدم الحضارات التي شهدتها البشرية، ولذلك نسلط الضوء على الفروق بين الفينيقيين والكنعانيين. كما نتساءل: هل كان الفينيقيون عربًا؟ حيث ازدهرت هذه الحضارات في منطقة الشرق الأوسط القديم. من خلال هذا المقال، نستعرض تاريخ هذه الحضارات القديمة ونستكشف الفوارق بينها، بالإضافة إلى مسألة عروبة الفينيقيين.
أصل الفينيقيين
يشير الفينيقيون إلى شعوب فينيقيا القديمة، ويُعتقد أنهم كانوا تجارًا ومستكشفين هاجروا من منطقة الخليج العربي في شبه الجزيرة العربية. وصلوا إلى بلاد الشام في حوالي عام 3000 قبل الميلاد، وتوسعت مجالاتهم لتشمل شمال أفريقيا والأناضول وقبرص. عُرفت اللغة السامية كوسيلة تواصل أساسية بينهم.
استطاع الفينيقيون التوسع على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط، حيث كشفت الحفريات في مدينة جبيل الفينيقية عن وجود نشاط تجاري مع مصر منذ عام 2800 قبل الميلاد. وُجدت آثار مهمة تعود للفينيقيين في مدن كبرى مثل القدس وأريحا ومجدو. بحلول عام 1250 قبل الميلاد، كانت الفينيقيون قد بدأوا في الملاحة في البحر الأبيض المتوسط، ومهما اتجهوا، كانوا يؤسسون مستعمرات تحولت لاحقًا إلى دول مستقلة.
شاهد أيضًا:
إنجازات الحضارة الفينيقية
أسهمت الحضارة الفينيقية بإبداعات عديدة أثرت في البشرية، وفيما يلي أهم إنجازاتهم:
- تميز الفينيقيون بقدراتهم في المجال البحري.
- انخرطوا في صبغ الأقمشة بلون أرجواني معروف، يُسمى باليونانية “فينيسيا”، وكان يُستخرج من المحار.
- عبودهم لآلهة الخصوبة وابتكار أسماء لها مثل بعل وسترت وأدونيس، حيث كانوا يقدمون القرابين الأولى سواء كانت حيوانات أو إنسانًا.
- أثروا في تطوير الكتابة الأبجدية، مما ساهم في تطور الأدب اليوناني، حيث كانت هذه الكتابة أكثر بساطة وكفاءة من الكتابات المسمارية والهيروغليفية المعقدة.
شاهد أيضًا:
من هم الكنعانيون
تعني كلمة “كنعان” الشعب الذي عاش قديمًا في هذه الأرض، حيث يُعتقد أن أرض كنعان تشمل أجزاء من فلسطين ولبنان وسوريا والأردن.
تُعتبر أرشيفات تل العمارنة في مصر والتناخ من أبرز السجلات التاريخية المدروسة حول الكنعانيين، بينما تشير الآثار المكتشفة في المناطق التي عاشوا فيها إلى أنهم كانوا يتكونون من عدة ضمنات عرقية، لكنهم كانوا موحدين سياسيًا في مملكة واحدة.
عُرفت أرض كنعان بأنها “الأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا”، ودامت الحياة فيها لفترات زمنية متعددة، حيث أظهرت دراسات تاريخية أن العديد من العرب واليهود الذين أقاموا بها لفترات طويلة كانوا يحملون الثقافة والجينات الكنعانية.
تشكلت الثقافة الكنعانية من خليط بين المهاجرين من جبال القوقاز والسكان الأصليين، وسادت خلال العصر البرونزي المبكر في المنطقة الواقعة بين مصر وبلاد ما بين النهرين، واستمرت حتى عام 1200 قبل الميلاد.
شاهد أيضًا:
موطن الكنعانيين
تمت الإشارة إلى أرض كنعان في العديد من الكتب، حيث يعتبر أغلبها أن فلسطين هي الموطن الأصلي – الأراضي التي تقع غرب نهر الأردن، بينما ذكرت بعض المصادر الأخرى أن كنعان تشمل أيضًا سوريا وفلسطين، كما ذُكر أنها تمتد على الشريط الساحلي الممتد من عكا نحو الشمال.
عرفت كنعان بتنوع ثقافاتها عبر العصور، ويُعتقد أن الحضارة الفينيقية هي في الأساس نفس الحضارة الكنعانية، بناءً على نصوص عديدة. وسُمّيت هذه الأرض بهذا الاسم نسبة إلى سكانها الكنعانيين.
يعتقد بعض المؤرخين أنه في سفر التكوين يُشار إلى أن الكنعانيين من نسل كنعان، ابن حام، حفيد سيدنا نوح عليه السلام. كما يُعتقد أن اسم كنعان مشتق من كلمة سامية دالة على اللون الأرجواني، وهو اللون الذي كانت المنطقة مشهورة بإنتاجه.
لقد سردنا في هذا المقال بعض الجوانب التي تميز الحضارتين الفينيقية والكنعانية، والتي تؤكد العديد من المصادر أنها تنتمي لحضارة واحدة. تبقى الحضارتان، رغم اختلافاتهما، من أقدم الحضارات التي أثرت بشكل كبير في تاريخ الإنسانية وساهمت في تطور الكتابة على مر العصور.