مرض التوحد هو أحد الاضطرابات العصبية الشائعة في العصر الحديث، حيث يظهر منذ الطفولة ويستمر مدى الحياة، مما يؤثر على الجوانب النفسية والاجتماعية والعقلية للفرد. في هذا المقال، سنتناول بتفصيل أسباب مرض التوحد وأنواعه المختلفة.
ما هو مرض التوحد؟
التوحد، المعروف بالإنجليزية باسم Autism Spectrum Disorder (ASD)، يُعتبر اضطرابًا في الطيف التوحدي أو اضطرابًا ذاتويًا. يبدأ ظهور هذا المرض منذ مرحلة الطفولة المبكرة ويظل مع الشخص طيلة حياته، مما ينعكس سلبًا على مهاراته في التواصل والتفاعل مع الآخرين، بالإضافة إلى تأثيره على القدرة على التعلم.
ورغم أن جميع الأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد يواجهون صعوبات مشتركة، إلا أن تجاربهم تختلف بشكل ملحوظ. فقد يواجه بعضهم تحديات أكاديمية، بينما قد يعاني آخرون من مشاكل في الصحة العقلية، مما يبرز أن احتياجات الدعم تختلف من شخص لآخر. وبالفعل، يستطيع الأفراد المصابون بمرض التوحد أن يعيشوا حياة جيدة، بشرط توفير الرعاية والدعم المناسبين لهم.
أسباب مرض التوحد
حتى الآن، لا توجد أسباب معروفة بشكل قاطع لحدوث مرض التوحد، ولكن نظرًا لتنوع أعراضه وتفاوت شدة هذه الأعراض بين الأفراد، من المحتمل أن تتواجد أسباب متعددة. قد تلعب العوامل البيئية والعوامل الوراثية دورًا في ظهور هذا المرض.
من المهم الإشارة إلى أن هناك جدل قائم بين الأطباء حول إمكانية وجود علاقة بين مرض التوحد والتطعيمات، التي تُعطى للأطفال منذ الولادة. ومع ذلك، لم يتم إثبات هذا الربط، رغم الجهود البحثية المكثفة لإثبات أو نفي هذه الفرضية.
لذا، يجب على الآباء العلم بأن عدم تطعيم أطفالهم قد يعرضهم لخطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل شلل الأطفال، والسعال الديكي، والحصبة، والنكاف.
الأسباب الشائعة للإصابة بمرض التوحد:
العوامل الوراثية
تشير الأبحاث إلى أن الجينات الموروثة من الوالدين قد تزيد من احتمالية إصابة الطفل بمرض التوحد، كما يُعَدّ إصابة أشقاء الطفل المصاب بالتوحد أمرًا شائعاً. كذلك، قد يُصاب التوأمان المتطابقان بالتوحد، مما يعزز فرضية وجود عوامل جينية معينة مرتبطة بظهور هذا المرض، مثل متلازمة كروموسوم X الهش ومتلازمة ويليام ومتلازمة أنغلمان.
تشوهات في الدماغ
يُعتقد أن النمو السليم لدماغ الجنين خلال فترة الحمل يمكن أن يؤثر على احتمالية الإصابة بالتوحد. وقد أكدت الأبحاث وجود أنشطة غير طبيعية أو تشوهات في بعض المناطق الدماغية لدى المصابين. هناك أيضًا بيانات تشير إلى مستويات غير طبيعية من بعض الناقلات العصبية مثل السيروتونين في أدمغة الأطفال المصابين بالتوحد، مما يؤثر على تنقل الإشارات العصبية.
العوامل البيئية
تجرى الدراسات لتحديد العلاقة بين العوامل البيئية، مثل التعرض للالتهابات الفيروسية أو الأدوية أو تلوث الهواء، وزيادة خطر الإصابة بمرض التوحد.
عوامل خطر الإصابة بمرض التوحد
يؤثر مرض التوحد على الأطفال من مختلف الفئات العمرية والعرقية، وقد أظهرت الإحصائيات ارتفاع عدد الحالات بشكل ملحوظ. هناك العديد من العوامل التي قد تزيد من احتمالية إصابة الأطفال بهذا المرض، بما في ذلك:
تاريخ العائلة
تزداد احتمالية ولادة طفل مصاب بالتوحد إذا كان في العائلة أطفال آخرون مصابون أو إذا كان أحد الوالدين يعاني من مشاكل في المهارات الاجتماعية أو التواصل.
الولادة المبكرة
يُعتبر الأطفال المولودين قبل الأسبوع السادس والعشرين من الحمل في خطر أعلى للإصابة بالتوحد.
جنس الجنين
تشير الدراسات إلى أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بالتوحد مقارنة بالإناث، ربما بسبب تأثير الجينات المرتبطة بكروموسوم X.
العوامل الوراثية
تزيد احتمالية الإصابة بالتوحد لدى الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون أو متلازمة كروموسوم X الهش أو متلازمة ريت.
سوء تغذية الأم
يمكن أن تؤثر سوء تغذية الأم خلال فترة الحمل، وخصوصًا في بدايتها، على احتمالية تعرض الجنين لخطر الإصابة بالتوحد.
المضاعفات أثناء الحمل
تساعد المضاعفات الصحية أثناء الحمل أو بعد الولادة على زيادة ارتفاع فرص الإصابة بالتوحد، وخاصة إذا وُلد الطفل بوزن أقل من المعتاد أو عانى من فقر الدم.
حالة الأم الصحية
تؤثر العدوى أو اضطرابات الأيض (مثل السكري أو السمنة) التي تصاب بها الأم أثناء الحمل على فرص إصابة الطفل بالتوحد.
التعرض للمواد الكيميائية
قد يؤدي استنشاق مواد كيميائية خطيرة، مثل الكحول والمعادن والمبيدات الحشرية، خلال فترة الحمل إلى زيادة خطر إصابة الطفل بالتوحد.
تناول الأدوية
يمكن أن تتأثر صحة الطفل إذا تناولت الأم أدوية مضادة للاكتئاب أو مضادة للتشنجات خلال فترة الحمل.
الإصابة بالحصبة الألمانية
تُعتبر الأم المصابة بالحصبة الألمانية أو بالبيلة البنزيل كيتون في خطر أكبر لنقل احتمالية الإصابة بالتوحد إلى طفلها.
تقدم سن الوالدين
هناك دلائل على أن تقدم سن الوالدين أثناء الحمل قد يزيد من احتمالية إصابة الطفل بالتوحد.