أغراض الشعر العربي القديم
تتناول الأغراض الشعرية الهدف من القصائد والموضوعات التي تتضمنها تلك القصائد، ولها مكانة بارزة في التراث الأدبي العربي. وفيما يلي بعض الأغراض الشعرية المهمة:
الهجاء
الهجاء هو أسلوب شعري يُستخدم لانتقاص قيمة الخصوم أو الاستهانة بهم، وله جذور تمتد عبر العصور. تطور هذا النوع من الشعر ليحتوي على العديد من القصائد التي وصلت إلينا من عصور متعددة، منها الجاهلي والإسلامي والأموي والعباسي. مثال على ذلك، قصيدة للشاعر جرير التي يُعتبر أحد أبياتها الأكثر هجاءً في اللغة العربية، حيث قال:
فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍ
فلا كَعبًا بَلَغتَ وَلا كِلابا
أَتَعدِلُ دِمنَةً خَبُثَت وَقَلَّت
إِلى فَرعَينِ قَد كَثُرا وَطابا
المديح
المديح يُعرّف بأنه وصف الصفات الإيجابية مثل الكرم والجود، سواء لشخص معين أو لقبيلة بأسرها. يُعد هذا النوع من الشعر واحدًا من أشهر الأغراض في التاريخ الأدبي العربي. ومن أشهر الأمثلة على ذلك، قول جرير:
أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا
وَأَندى العالَمينَ بُطونَ راحِ
الرثاء
يختص الرثاء بذكر محاسن المتوفى، ويعبر الشاعر من خلاله عن مشاعر الألم والمعاناة التي تعقب الفقد، كما يقدم التعازي ويدعو للثأر في حال كان الموت غير طبيعي. ومن أبرز الأمثلة، قصيدة عَديّ بن ربيعة في رثاء أخيه الملك كُليب بن ربيعة:
إِنَّ في الصَدرِ مِن كُلَيبِ شُجونًا
هاجِساتٍ نَكَأنَ مِنهُ الجِراحا
أَنكَرَتني حَليلَتي إِذ رَأَتني
كاسِفَ اللَونِ لا أُطيقُ المُزاحا
وَلَقَد كُنتُ إِذ أُرَجِّلُ رَأسي
ما أُبالي الإِفسادَ وَالإِصلاحا
بِئسَ مَن عاشَ في الحَياةِ شَقِيّاً
كاسِفَ اللَونِ هائِماً مُلتاحا
يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيبًا
وَاِعلَما أَنَّهُ مُلاقٍ كِفاحا
يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيبًا
ثُمَّ قولا لَهُ نَعِمتَ صَباحا
الحكمة
الحكمة هي ترجمة للمشورة السديدة والنصيحة بالابتعاد عن الشر والأخطاء. الشعراء الذين يتناولون هذا الموضوع يقدمون نصائح عن الصلاح والتوجه نحو الحق من خلال ألفاظ واضحة وأفكار مترابطة. ومن الأمثلة البارزة في هذا المجال قول الإمام الشافعي:
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ
وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا
الغزل
الغزل هو وصف المحبوبة ومخاطبتها، حيث يبرز الشاعر جمالها ومزاياها، إضافةً إلى مشاعر الحب والشوق والفراق. من شواهد شعر الغزل قول الشاعر جرير:
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
الفخر
الفخر هو تعبير الشاعر عن اعتزازه بنفسه وقبيلته، ويُظهر ما يملكه من شجاعة وثروة وجمال. كما يتناول قوته في المعارك وكرم الطباع. من الأمثلة على شعر الفخر قول الفارس عنترة بن شداد العبسي:
أَنا الحِصنُ المَشيدُ لِآلِ عَبسٍ
إِذا ما شادَتِ الأَبطالُ حِصنا
شَبيهُ اللَيلِ لَوني غَيرَ أَنّي
بِفِعلي مِن بَياضِ الصُبحِ أَسنى
جَوادي نِسبَتي وَأَبي وَأُمّي
حُسامي وَالسِنانُ إِذا اِنتَسَبنا