ما هو مفهوم الأسرة في علم الاجتماع؟ وما هي أصنافها؟ يركز علم الاجتماع دوماً على دراسة دور الأسرة في المجتمع وتأثيرها على الأفراد الأمر الذي ينعكس على المجتمع بشكل عام. تشمل الدراسات الاجتماعية كافة الجوانب المتعلقة بالأسرة، مثل التغيرات في التركيبة الأسرية، أدوار الأفراد داخل الأسرة، والديناميكيات الأسرية. من خلال هذا المقال، سوف نستكشف مفهوم الأسرة من منظور علم الاجتماع.
مفهوم الأسرة في علم الاجتماع
إن تعريف الأسرة في علم الاجتماع ليس موحداً؛ حيث قدم كل عالم رأيه الخاص بهذا التعريف. لذلك، يمكن القول إن مفهوم الأسرة في هذا المجال متعدد الأوجه، ومن أهم التعريفات نجد ما يلي:
- تشير التعريفات الرائجة في علم الاجتماع إلى أن الأسرة تعتبر الخلية الأساسية للمجتمع البشري وهي حجر الزاوية له، وأحد أهم الجماعات الأولية فيه.
- تعتبر الأسرة كياناً إنسانياً تنظيمياً يساهم بشكل كبير في استقرار وتطور المجتمع.
- تعد الأسرة وحدة أساسية تتكون من مجموعة من الأفراد المرتبطين بروابط عائلية ويعيشون في نفس المكان.
- يعتقد البعض أن الأسرة تمثل نظاماً اجتماعياً جوهرياً لبناء المجتمع وتطويره، وهي المحرك الرئيسي لكل وظائف المجتمع.
- يمكن وصف الأسرة بمجموعة من الأفراد المرتبطين بصلة الدم أو رباط الزواج أو التبني، والمتفاعلين في إطارها لتحقيق الدعم العاطفي، الحماية، والأمان.
أنواع الأسر في علم الاجتماع
عادةً ما تتضمن الأسرة في علم الاجتماع الزوج وزوجته والأبناء، ولكن في كثير من الأحيان تتغير تركيبة الأسرة حسب العادات والتقاليد والظروف الاجتماعية. فالأسر قد تمتد لتشمل الأجداد والأعمام والعمات، وغيرها من الأقارب. بناءً على ذلك، يمكن تقسيم الأسرة إلى نوعين رئيسيين نوجزهم كالتالي:
1- الأسرة النواة
تمثل الأسرة النواة الكيان الذي يتكون من الأب والأم والأبناء، وغالبًا ما تتميز بخصائص الجماعة الأولية. ينبغي الإشارة إلى أن هذا النمط هو الأكثر شيوعًا في الدول الغربية، بينما يُعد أقل انتشارًا في الدول العربية.
تتميز الأسرة النواة بترابط قوي بين أفرادها نظراً لحجمها الصغير، ويكون لديها استقلالية في إدارة شؤونها السكنية والمالية بعيداً عن الأهل. لكن، تمثل هذه الوحدة الاجتماعية تكوينًا مؤقتًا حيث تنتهي مع وفاة الوالدين وزواج الأبناء، مما يجعل طابع الحياة الاجتماعية فيها أكثر فردية.
2- الأسرة الممتدة
تعتمد الأسرة الممتدة على وجود عدة وحدات أسرية، تجمعها صلة الدم والإقامة المشتركة. إن هذا النمط هو النمط الأكثر شيوعًا قديمًا وفي المجتمعات العربية التقليدية، خصوصا في السياقات الريفية. وتنقسم الأسرة الممتدة إلى نوعين هما:
- الأسرة الممتدة البسيطة: والتي تضم الأجداد والأب والأم والأبناء وزوجاتهم.
- الأسرة الممتدة المركبة: وتشمل الأجداد، الأب، الأم، الأبناء وزوجاتهم، والأحفاد، والأصهار والأعمام. تعد هذه الوحدة من أقوى الوحدات الاجتماعية، حيث تمتد على عدة أجيال، وغالباً ما تتمسك بالقيم والعادات والتقاليد، وتركز على مراقبة سلوكيات أفراد الأسرة لضمان عدم خروجه عن الأصول.
تعمل الأسرة الممتدة المركبة على تعزيز شعور الأمان والحماية بين أفرادها، وذلك نتيجة الزيادة في العلاقات الاجتماعية بينهم.
خصائص الأسرة في علم الاجتماع
حدد علم الاجتماع مجموعة من الخصائص الخاصة بالأسرة، والتي تتمثل في:
- تنظيم الأسرة يتأسس على الزواج والمصاهرة والقرابة، ويخضع لنظم الدين والأعراف والقانون.
- تشكل الأسرة مجمعًا اجتماعيًا قائمًا على الحب والمودة والتواصل بين أفرادها.
- تتطلب الحياة العائلية تنظيم الأدوار والمسؤوليات بين أفراد الأسرة، ليكون لكل فرد حقوقه وواجباته الواضحة.
- تشكل الإقامة المشتركة علامة فارقة للأسرة، إذ تعزز من استمراريتها.
أهمية الأسرة ودورها في المجتمع
وفي إطار مناقشة مفهوم الأسرة، من الضروري الإشارة إلى أهمية الأسرة ودورها الجوهري في المجتمع، حيث تعتبر الخلية الأساسية التي إذا صلحت صلح المجتمع بأسره، وإذا فسدت، فقد يفسد المجتمع ككل. يمكن تلخيص أهمية الأسرة ودورها في المجتمع من خلال النقاط التالية:
- تعتبر الأسرة قاعدة الاستقرار في الحياة الاجتماعية.
- تسهم تطورات الأسرة بشكل إيجابي في تعزيز الحياة الاجتماعية في المجتمع.
- تعد الأسرة مصدر العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية، حيث تضع القواعد السلوكية لأفرادها، مما يسهل عملية التنشئة الاجتماعية وينتج الخصائص الثقافية للفرد.
- تشكل الأسرة العنصر الأساسي لتكوين الشخصية الإنسانية والقومية في المجتمع، فهي تعزز روح الانتماء وحب الوطن، كما تأخذ دوراً محورياً في تعليم الأفراد مهارات التفاعل الاجتماعي وبناء العلاقات.
- تعمل الأسرة كوسيط أول في نقل ثقافة المجتمع إلى الأطفال.
تشكل الأسرة إحدى المؤسسات الأكثر تأثيراً على نمو شخصية الفرد ومدى استقراره النفسي والاجتماعي، حيث يكتسب الأفراد غالبية قيمهم ومعتقداتهم وسلوكياتهم الاجتماعية ضمن إطار الأسرة. لذلك، يُعد توفير الرعاية المناسبة والدعم العاطفي والمادي لأفراد الأسرة من الأمور الضرورية لتهيئة بيئة صحية وسليمة.