ما هو العنف في علم النفس؟ وما هي مسبباته وأنواعه؟ يعتبر العنف واحداً من الظواهر النفسية التي ظهرت منذ فجر التاريخ، وقد أولى علم النفس عناية كبيرة لهذه الظاهرة من خلال تطوير نظريات تفسر أسبابها. يتبنى علم النفس عدة مفاهيم للعنف، وفي هذه المقالة سنستعرض المفهوم الخاص بالعنف كما يراه علماء النفس، بالإضافة إلى النظريات المتعلقة به وأهم أنواعه.
تعريف العنف في علم النفس
في علم النفس، يُعرف العنف على أنه سلوك يؤدي إلى إلحاق الأذى بالناس أو الممتلكات، حيث يتم استخدام القوة الجسدية أو السلطة بشكل غير قانوني، سواء بالفعل أو من خلال التهديد.
كما صرح بعض علماء النفس بأن العنف يُعتبر تعبيراً عن القسوة التي تعطل الروابط الاجتماعية وتؤدي إلى اضطراب التوازن الاجتماعي.
أشار عالم النفس نوربير سبلني إلى أن العنف هو الاستخدام المفرط للقوة ناتجاً عن إنكار القوانين وحقوق الأفراد.
أسباب العنف في علم النفس
بعد استعراض مفهوم العنف، قام علماء النفس بدراسة دؤوبة للأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة، وقد توصلوا إلى مجموعة من النظريات التي توضح تلك الأسباب، وهي كالتالي:
- نظرية الإحباط والعدوان: تشير إلى الشعور بالإحباط الناتج عن الوقوع تحت سطوة الظلم الاجتماعي.
- نظرية التحليل النفسي: تشير إلى وجود ارتباط قوي بين العنف الذي يتعرض له الأبناء من آبائهم والأذى الذي عانى منه الوالدان في طفولتهما.
- نظرية الضغوط: تشير إلى أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وكثرة المطالب، تدفع الأفراد إلى ممارسة العنف.
- نظرية معرفية: تعبر عن سلوك العنف من قبل الآباء تجاه أبنائهم نتيجة لقصور في مهاراتهم الإدراكية.
- نظرية التعاطف: تشير إلى غياب التعاطف من قبل الآباء تجاه أطفالهم، مما يعزز سلوكيات العنف.
أنواع العنف في علم النفس
بالإضافة إلى التعريفات السابقة، قام علم النفس بتصنيف العنف إلى 11 نوعًا بناءً على نوع الوكيل وطبيعة الفعل. فيما يلي بعض الأنواع:
أولاً: أنواع العنف وفقًا لنوع الوكيل
تشير هذه الفئة إلى العنف حسب الشخص الذي يمارسه، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع:
1- العنف الذاتي
يعتبر هذا النوع من العنف بمثابة إيذاء الشخص لنفسه، حيث يقوم بإيذاء نفسه عمدًا من خلال إهانة النفس أو تعريض جسده للضرر.
هذا الشكل من العنف قد يظهر في حالات الضغط النفسي الشديد أو الاضطرابات النفسية، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى الانتحار بسبب الأعراض السلوكية المرتبطة به.
من المهم ملاحظة أن العنف الذاتي قد ينشأ نتيجة عوامل خارجية كتعرض الشخص للعنف من الآخرين أو أسباب داخلية غير معروفة.
2- العنف بين الأشخاص
يمثل هذا النوع من العنف الاعتداء على الأفراد الآخرين، مثل العنف المنزلي، وجرائم البلطجة، والسرقات بالعنف. ويرتبط هذا النوع من العنف أحياناً بظواهر اجتماعية كالفقر أو تعاطي المخدرات.
العنف الجماعي
يتميز هذا النوع من العنف بالطبيعة الجماعية، حيث يحدث بين مجموعات أو مجتمعات مختلفة. ونادراً ما يكون سببه بعيدًا عن العوامل السياسية أو الاقتصادية أو الإيديولوجية.
منظور هذا النوع من العنف يُعتبر الأكثر تدميرًا، حيث يؤثر سلبًا على جميع أفراد المجتمع ويشمل جميع جوانب الحياة، مما يؤدي إلى زيادة محاولات القتل والإصابات.
ثانيًا: أنواع العنف وفقًا لطبيعة الفعل
يميز هذا التصنيف بين أنواع العنف بناءً على كيفية وطرق الإيذاء، وتشمل الأنواع التالية:
- العنف الجسدي: هو الأكثر شيوعًا، ويخلف إصابات بدنية مختلفة قد تكون خطيرة.
- العنف اللفظي: يشمل استخدام ألفاظ مهينة تؤثر على صورة الضحية واحترامه.
- العنف الجنسي: يتضمن أي اعتداء جسدي غير مقبول مثل التحرش والاغتصاب.
- العنف الاقتصادي: يتضمن السرقة وسوء استخدام الأموال.
- الإهمال: هو نوع من العنف يحدث عندما لا يُقدم حد أدنى من الرعاية للآخرين، كرفض الطبيب علاج مريض.
- العنف الديني: يتمثل في استخدام المعتقدات الدينية للتلاعب بعقول الناس.
- العنف الثقافي: يشمل أنواع من الاعتداءات المرتبطة بالثقافة مثل ختان الفتيات.
- التسلط عبر الإنترنت: يحدث من خلال تهديد الأفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تجدر الإشارة إلى أن العنف سلوك متأصل في النفس البشرية، وقد ينجم عن نقص في القدرات النفسية أو في بيئة غير ملائمة. إن هذه الظاهرة غير مقبولة أخلاقياً واجتماعياً، مما يحتم على الدول العمل نحو نشر الوعي وتعزيز ثقافة السلام.