يعتبر المتنبي من أبرز الشخصيات الأدبية في التاريخ العربي، حيث يكتسب لقبه من اسم “أبو الطيب الكندي”. اسمه الكامل هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي. يملك المتنبي مكانة رفيعة بين شعراء العرب، حيث يُعتبر مِن عجائب عصره ونادرة زمانه. في هذا المقال، سنستعرض المزيد عن المتنبي وأسباب تسميته بهذا الاسم.
أسباب تسميته بالمتنبي
تتعدد الروايات حول سبب تسميته بالمتنبي. يذكر ابن خلكان في كتابه “وفيات الأعيان”، وناصيف اليازجي في “العرف الطيب”، أن المتنبي ادعى النبوة أثناء إقامته في بادية السماوة، الواقعة بين الكوفة والشام. وقد تأثر حينها بفكر القرامطة الذين يعتبرون دعاة مذهبهم أنبياء، مما جعله يُسمّي نفسه نبيًا.
كان المتنبي يُعرف بطموحه الكبير وعُلُو همته. هناك روايات تشير إلى أنه ألقى أبياتًا شعرية في صغره تعكس مكنوناته الكامنة، حيث شبه نفسه بالمسيح بين اليهود وبصالح بين ثمود، قائلاً:
ما مقامي بأرض نخلةٍ إلّا
كمقام المسيح بين اليهود
أنا في أمةٍ تداركها الله
غريبٌ كصالح في ثمود
هناك أيضاً روايات ثالثة توضح أن لفظ “المتنبي” يدل على المَلَكة في الشعر واللغة، وليس النبوة الدينية. ومن هذه الروايات:
أنا ربُ الندى وربُّ القوافي
وسمامُ العِدَى وغيظُ الحسود
مقتل المتنبي
توضح بعض المصادر أن المتنبي كتب قصيدة هجاء في ضبة بن يزيد العيني مما أدى إلى مقتله، حيث اتسمت القصيدة بانتقادات حادة تتعلق بالشرف. وعندما توجه المتنبي إلى الكوفة برفقة ابنه محمد وغلامه مفلح، واجه فاتك بن أبي جهل الأسدي، الذي كان خال ضبة بن يزيد، مما أدى إلى نشوب قتال بين الطرفين وأسفر عن مقتل المتنبي وابنه وغلامه في منطقة النعمانية بالقرب من دير العاقول جنوب غرب بغداد.
موضوعات شعر المتنبي
تميز شعر المتنبي في عصره بعدم الافتعال والتصنع، حيث كانت مشاعره تتدفق مع تسلطة اللغة والبيان. ومن الموضوعات التي تناولها في شعره:
- الوصف: يُعتبر شعره واحدًا من السجلات التاريخية نظرًا لقدرة المتنبي على إبداع الوصف، سواءً للمعارك التي جرت في عصره أو لوصف الطبيعة وأخلاق الناس، فضلاً عن طموحاته ونفسه.
- الحكمة: تجلّت حكمته في مختلف قصائده، حيث كانت تعبر عن النفس الإنسانية مُستخدمةً تعبيرات جمل الأمثال.
معلومات إضافية عن المتنبي
لم يكن المتنبي مهتمًا بشكل كبير بفن الهجاء، وعندما أقدم عليه، كان ذلك وفق قواعد تحكمها المبادئ والأخلاق. اتسم بالتهكم في أغلب الأحيان، ما أفضى به إلى الهجاء. شعر المتنبي يتميز بشعوره القوي بالألم والغيرة على أصدقائه. من أبرز ما قاله:
واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِم” وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي “وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ” فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
بهذا، نكون قد استعرضنا حياة المتنبي، أسباب تسميته، معلومات عنه، وملابسات مقتله. إن شعر المتنبي يُعتبر تراثًا أدبيًا غنيًا يتناقله الناس حتى يومنا هذا.