يُعتبر القطن من النباتات الشهيرة في الزراعة، حيث يُعتمد عليه في العديد من الصناعات ولديه استخدامات متعددة في مجالات مختلفة. يُعتبر القطن من النباتات التاريخية التي تم تسجيلها في حضارات عديدة، وذُكرت في رسوم جدران المعابد، وكذلك في البرديات والمخطوطات القديمة.
قد تميز الإنسان القديم بمهارته في تصنيع خيوط القطن وصناعتها في النسيج، ويستطيع هذا النبات النمو في معظم بلدان الشرق الأوسط وشرق آسيا التي تشتهر بجودتها العالية.
نبات القطن
يعد نبات القطن من النباتات الخشبية التي يمكن أن يصل ارتفاعها في بعض الأحيان إلى بين متر ومترين.
يمتاز بأوراقه المفصصة وزهوره الكبيرة ذات اللون الأصفر، كما نستخرج ألياف القطن من الزغب الأبيض الذي يغطي بذوره.
وتتصدر مصر والهند والولايات المتحدة الأمريكية قائمة أكبر الدول المنتجة للقطن.
يتطلب نبات القطن مناخًا حارًا ومعتدلًا للنمو، ويتميز القطن المصري بجودته ولونه الأبيض الناصع وطول التيلة. ولهذا السبب، كانت مصر واحدة من بين الدول الأولى التي قامت بتصدير القطن إلى أوروبا، وقد حصلت في بعض الفترات التاريخية على المركز الأول عالميًا في إنتاجه.
في بعض الدول التي لا تتوفر فيها الظروف المناخية المناسبة، يتم زراعة القطن داخل صوبات زجاجية، مما يساعد على تعديل المناخ والسيطرة على درجة الحرارة المطلوبة للنمو السليم وتحقيق نتائج جيدة.
تاريخ القطن
حتى الآن، لم يتمكن العديد من الباحثين المتخصصين في النباتات من تحديد مكان نشأة نبات القطن وما هي أول أماكن زراعته.
ويُعتقد أن اكتشاف القطن تم في أحد كهوف المكسيك خلال اكتشاف قارة أمريكا، وقد تم تتبع تاريخ النبات النسبي من خلال المخطوطات في الحضارات القديمة.
شملت هذه الحضارات الحضارة المصرية القديمة والحضارة الهندية، بالإضافة إلى النقوش الموجودة داخل المعابد.
توجد قصص تشير إلى أن الإسكندر الأكبر قد أحضر القطن إلى أوروبا بعد غزوه لدول الشرق.
هناك أيضًا مصادر تشير إلى العثور على منسوجات قطنية تعود إلى 5000 و7000 سنة في الحضارة المصرية، فضلاً عن جهود بحث أخرى.
تعود صناعة النسيج في إنجلترا إلى القرن السابع عشر، حيث قامت مصر بتصدير القطن إلى إنجلترا من أجل التصنيع.
تطورت تقنيات الزراعة والصناعة في مجال القطن بشكل كبير، مما ساهم في تحسين التكنولوجيا والجودة والفعالية في الزراعة والإنتاج.
أنواع القطن واستخداماته
أنواع القطن
هناك أربع أنواع رئيسية من القطن تُزرع في مختلف أنحاء العالم:
قطن المناطق المرتفعة الأمريكي
- يتميز هذا النوع بقدرته العالية على التحمل، ويُنتج كمية كبيرة من المحصول في ظل ظروف مناخية متفاوتة.
- يمثل أكثر من 90% من الإنتاج العالمي للقطن، ويُزرع في معظم الدول، ويستخدم في جميع الصناعات النسيجية بفضل متانته وجودته.
القطن المصري
- يشتهر بجودة أليافه وطول تيلته، ويعتبر من أكثر الأصناف شيوعًا عالميًا.
- يتميز بعدم وجود العيوب، لذا كانت مصر في بعض الأوقات تحتل المركز الأول في إنتاج وتصدير القطن المصري طويل التيلة.
قطن السي اليندر
- يُعتبر من أغلى أنواع القطن حيث يصل طول أليافه إلى 44 مم ويُستخدم في إنتاج أرقى المنسوجات.
- بدأت زراعته في بلدان السي اليندر بشمال فلوريدا ثم انتقل إلى الهند، لكنه يتميز بتكاليفه العالية مقارنة بباقي الأنواع. يستغرق وقتًا طويلاً في الزراعة، كما أنه يشبه القطن المصري من حيث بعض خصائص أليافه ولكنه يختلف عنه في بعض الجوانب.
القطن الآسيوي
- ينتشر هذا النوع في الهند والصين وباكستان، يمتاز بقصر تيلته وخشونة أليافه وقلة محصوله.
- لذلك يُستخدم بشكل رئيسي في صناعة حشوات الوسادات وبعض البطانيات والملابس الخشنة.
لا تفوتك قراءة:
استخدامات القطن
تتعدد استخدامات القطن في مختلف الصناعات، حيث تُعد الألياف والنسالة من أهم مكوناته.
تستخدم الألياف في تصنيع الأنسجة القطنية، بينما تُستخدم بذور القطن في إنتاج زيت بذور القطن الذي يُدخل في العديد من المنتجات الغذائية.
بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم القطن في صناعة الورق والوسادات والبلاستيك، كما يستخدم المزارعون بقايا نبات القطن بعد الحصاد كنقطة انطلاق لتقليبها في التربة كمصدر للتسميد العضوي المفيد للتحسين النوعي للتربة. يُستخدم القطن أيضًا في صناعة المنسوجات والملابس والقبعات.
يدخل بعض الكيماويين في تصنيع قطن مقاوم للحريق والماء والتمزق والتجعد، ما يمنحه ميزات إضافية مقارنة بالأنواع الأخرى. كما يُستخدم القطن أيضًا في إنتاج المستلزمات الطبية والقطن الطبي.
صناعة القطن
تبدأ مرحلة التصنيع بعد حصاد القطن، حيث يقوم المتخصصون بفرز القطن وتقييم جودته. يتم تحديد سعره بناءً على جودته والصناعات التي سُيدخل إليها وفقًا لمواصفاته.
على سبيل المثال، تُستخدم الألياف الخشنة في صناعة البطانيات وحشوات الكراسي، بينما تُستخدم الألياف الطويلة والناعمة في صناعة الملابس والمفروشات بسبب نقاوتها وطولها وبياضها اللامع.
يتم استخدام بعض القشور المستخلصة من البذور في الصناعات الورقية، كما يُعتبر زيت بذور القطن من الزيوت المميزة، حيث يُستخدم على نطاق واسع في الصناعات الغذائية بفضل قيمته الغذائية العالية وجودته.
تُوجد في جميع المدن المنتجة للقطن بورصات لتحديد الأسعار، وتوجيه المستثمرين نحو الأصناف المناسبة. يتم شراء القطن من المزارعين بأسعار مُتفق عليها ضمن هذه البورصات والتي تعتمد على المواصفات القياسية للقطن.
زراعة القطن وحصاده
يُعتبر القطن من المحاصيل الزراعية الشهيرة، حيث ينمو نبات القطن بشكل جيد في التربة الخصبة ذات الصرف الجيد والتهوية، كما يحتاج إلى كميات كافية من الماء خلال فصل الصيف.
يبدأ المزارعون بتهيئة التربة قبل الزراعة عبر إزالة بقايا المحاصيل السابقة، ثم تقليب التربة باستخدام الآلات الحديثة، تليها إضافة الأسمدة المناسبة.
بعد ذلك يبدأ وضع البذور، والري والمتابعة المستمرة لنمو النبات، حيث تستغرق دورة النمو حوالي 180 يومًا حتى يصبح المحصول جاهزًا للحصاد.
من الضروري متابعة زراعة القطن لحمايته من الآفات الزراعية التي قد تُصيب المحصول، حيث يمكن أن تؤدي الإصابة بأي آفة خلال فترة النمو إلى تدمير المحصول بالكامل، ومن بين هذه الآفات: قملة الحشرات، ودودة القطن، وخنفساء القطن. يتمكن المزارع ذو الخبرة من تمييز النبات السليم عن المصاب.
زيت بذور القطن
يعد زيت بذور القطن معيارًا لقياس جودة وخصائص الزيوت النباتية الأخرى، ويمتاز بأنه غير مشبع بالدهون.
لذا، يُعتبر الخيار المفضل للأشخاص الذين يعانون من السمنة والكوليسترول. زيت القطن غني بفيتامين E وبعض مضادات الأكسدة، مما يساهم في تحسين صحة الإنسان وحماية القلب وتعزيز الجهاز المناعي ومكافحة الأمراض السرطانية.
يتميز زيت بذور القطن بأنه يحتفظ بخصائصه ولونه وكفاءته عند القلي، ما يجعله أحد أفضل الزيوت المكررة في عائلة الزيوت النباتية.
يدخل الزيت أيضًا في إنتاج السمن الصناعي والنباتي، وتُستخدم بقية الزيت بعد التصنيع في صناعة الصابون والشمع والبلاستيك.