فتوحات أبو بكر الصديق في الشام
في العام الثاني عشر الهجري، توجه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- لأداء مناسك الحج. وبعد إتمامه لأداء الطقوس، أعدَّ الجيوش للفتوحات في الشام، وعين عليهم عدداً من القادة البارزين مثل عمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وأبو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة -رضوان الله عليهم جميعاً-. وقد تحققت انتصارات ملحوظة في أجنادين وفحل خلال السنة الثالثة عشر. وتمت الفتوحات الإسلامية في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- على جبهتين رئيسيتين، كما يلي:
- الجبهة الشرقية، التي كان من أبرز قادتها خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، حيث حققوا انتصارات كبيرة.
- الجبهة الغربية، التي كانت في الشام ضد الروم، حيث أرسل أبو بكر جيشًا بقيادة يزيد بن أبي سفيان إلى دمشق، وآخر بقيادة عمرو بن العاص إلى فلسطين، بالإضافة إلى جيش تحت قيادة شرحبيل بن حسنة إلى الأردن، وآخر إلى حمص بقيادة أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم جميعاً-. وكانت القيادة العامة تعود لأبي بكر، وقد بلغ عدد الجنود حوالي 240 ألف مقاتل.
تجهيز هذه الجيوش جاء بعد أن هاجم الروم المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، مما أسفر عن هزيمتهم. فور وصول الأخبار إلى الخليفة أبو بكر -رضي الله عنه-، قام بتجهيز الجيوش الأربعة للحرب في الشام، من أجل معركة اليرموك ضد الروم. كما أرسل أبو بكر رسالة إلى خالد في العراق، يأمره بالتوجه إلى الشام للقتال برفقة القوات المسلمة الموجودة هناك. وأسفرت معركة اليرموك عن انتصار المسلمين على الروم، مما مهّد الطريق لتحرير بقية الشام.
كانت الشام من أولويات الخليفة أبو بكر -رضي الله عنه- بسبب طبيعتها الحيوية للتجارة العربية. وقد كان سعيد بن العاص الأموي هو أول من توجه إلى بلاد الشام، حيث زار دمشق وأرسل جيشاً آخر إلى مناطق مثل وادي القرى، وتبوك، والجابية، ودمشق. أما الجيش الثاني بقيادة شرحبيل فاستهدف مدينة بصرى مروراً بمعان، والجيش بقيادة أبي عبيدة كان اتجاهه نحو حمص عبر وادي القرى، في حين أن الجيش الرابع بقيادة عمرو كان متوجهاً نحو فلسطين عبر الساحل. وقد حقق المسلمون انتصارات في معارك مؤاب، ثم معركة داثن، ثم معركة مرج الصفر، وتمكنوا من فتح تدمُر، والقريتين، وحوارين.
فتوحات أبو بكر الصديق في العراق
تواجه المسلمون الفُرس على الجبهة الشرقية التي تشمل العراق، وغرب الشام، وشمال الجزيرة. وقد كانت القوات تحت قيادة خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، حيث تمكنوا من فتح الحيرة، والأنبار، ودومة الجندل وغيرها. ومع توجيه أبي بكر -رضي الله عنه- لهم للتركيز على الشام، توقفوا عن الفتوحات في العراق، وتمت استكمالها بالفترة اللاحقة بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب.
وفي سياق حروب الردة، طارد المثنى بن الحارث المرتدين شمالاً، وعند وصوله للعراق واجه تحدي تجمع الفُرس. فأرسل طلب مساعدات إلى الخليفة، الذي أرسل له خالد بن الوليد. ودارت معارك عديدة مثل ذات السلاسل، والمذار، والولجة، وأليس، والحيرة، وعين التمر، والأنبار، ونجح خالد في فتح نحو نصف العراق، كما تمكن من فتح أماكن مثل أمغيشيا، ودومة الجندل، والحصيد، والخنافس، والمصيخ، والثني، والزميل، والفراض.
أسباب الفتوحات في عهد أبو بكر الصديق
توجد عدة أسباب دفعت للفتوحات في زمن أبي بكر، تشمل ما يلي:
- تهيئة الأرضية للدعوة الإسلامية ونشرها بلا عوائق، مما يسهم في تحقيق حرية العقيدة.
- مواجهة العدو، سواء كانوا الفُرس أو الروم، مما استدعى ضرورة رد هجماتهم.
أسباب قلة فتوحات أبو بكر الصديق
هناك عدة عوامل أدت إلى تقليص الفتوحات خلال عهد أبو بكر، منها:
- قصيرة مدة خلافته، التي امتدت لعامين وثلاثة أشهر.
- انشغاله بحروب الردة التي استهلكت جهوده.
- حرصه على إظهار قوة المسلمين وفتح أفق الفتوحات بشكل مدروس.