عند تأملنا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، تتجلى معاني سامية ومؤثرة، كما يظهر في قوله للطفل أبا عمير: “ما فعل النغير”. فقد كان الرسول الكريم معروفًا بطيبة قلبه وحنانه، وتعليمه للأطفال بفضل الحكمة والرعاية. في هذا المقال سنتناول من هو أبو عمير وموقعه مع النبي صلى الله عليه وسلم.
يا أبا عمير، ما فعل النغير؟
ورد في الحديث الشريف المروي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمازح أخيه الأصغر بقوله: “يا أبا عمير، ما فعل النغير”. [الراوي: أنس بن مالك] [المحدث: الألباني].
أبو عمير بن أبي طلحة الأنصاري، الذي يُعرف أيضًا باسم زيد بن سهل، هو الأخ لأخي أنس بن مالك من أمه، حيث كانت والدتهما أم سليم، زوجة أبي طلحة رضي الله عنهما. يتبين من قول الرسول صلى الله عليه وسلم “يا أبا عمير ما فعل النغير” مدى حبه وتعلقه بالأطفال، وعطفه عليهم.
رغم مشاغله المتعددة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصص وقتًا للعب مع الأطفال، حيث كان يزور أبا طلحة ويسأل أبو عمير عن الطائر الصغير، الذي يُعرف بالنغر، والذي يشبه العصفور.
كان النبي يسأل عن هذا الطائر لأنه علم مدى حزن الطفل لفقدانه، مما يعكس لطفه ورعايته للأطفال، كما هو موضح في الحديث التالي:
فوائد موقف النبي مع عمير
على الرغم من انشغاله بأمور الجهاد ونشر الإسلام، وتوليته مسؤوليات كبيرة، تظل مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال مليئة بالرحمة والحنان، وفيما يلي بعض الفوائد المستخلصة من موقفه مع عمير رضي الله عنه:
- تحلي النبي صلى الله عليه وسلم بلين القلب وحنانه أثناء تفاعله مع أنس رضي الله عنه وأخيه الصغير، على الرغم من مكانته الرفيعة كخاتم الأنبياء.
- ممارسة اللطف والسؤال عن أحوال الأصدقاء، الصغار والكبار، مما يسهم في تكوين الشخصية ويعزز متابعتهم للنبي كنموذج يحتذى به.
- استخدام تكنية الأطفال كإضافة كلمة “أب” أو “أم”، حتى وإن لم يكن لديهم أبناء.
- إيجاز دور اللعب وتفاعل الأطفال مع الطيور، مع التأكيد بأن إيذاء الكائنات أو إحباط حريتها قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، كما ورد في قصة المرأة التي عُوقبت بسبب حبس قطة.
- استخدام أسماء مستعارة لتقريب المسافات وتسلية الأطفال.
آداب الرسول مع الأطفال
يُعتبر رسولنا الكريم القدوة المثالية في كل جوانب حياتنا، بما في ذلك كيفية التعامل مع الأطفال. فقد كان يتمتع بأخلاق نبيلة، وعندما يتعامل مع الأطفال، كان يظهر اللطف والمحبة، ومن أبرز الآداب التي اتبعها:
1- الشكر والتلطف
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على شكر الأطفال عندما يقومون بأمور حسنة، وهي صفة نادرة. وقد أظهر ذلك في الحديث الشريف حيث قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ” [الراوي: أنس بن مالك][المحدث: البخاري].
2- التعبير عن الحب للأطفال
كما يتضح من الحديث الشريف، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعبّر عن حبه للحسن بن علي، حيث قال: “اللَّهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُ فأحِبَّهُ، وأَحِبَّ مَن يُحِبُّهُ” [الراوي: أبو هريرة][المحدث : البخاري].
بهذا، انتهينا من مناقشة دلالة قول النبي لأم أنس “يا عمير، ما فعل النغير”، كما تناولنا صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الأطفال، وحنانه ورفقته معهم.