يُعتبر الاحتباس الحراري وتأثيراته على المناخ موضوعًا مهمًا يتطلب الدراسة والتفحص. من بين تلك التأثيرات، هناك تغييرات في نمط هطول الأمطار، ذوبان الثلوج، ازدياد حموضة المحيطات، وتغير التيارات المائية، وهو ما سنستعرضه في الفقرات التالية.
الاحتباس الحراري وتأثيراته على المناخ
- فيما يلي أبرز العوامل المسببة للاحتباس الحراري.
1- تغير معدلات هطول الأمطار
- تزداد معدلات التبخر، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما يؤثر على دورة المياه ويؤدي إلى تبخر كميات كبيرة من المياه، مما ينجم عنه هطول كميات أوفر من الأمطار.
- هذه الأمطار، مع ذلك، ليست متساوية التوزيع بين الدول.
- ففي فصل الشتاء، توجد مناطق أكثر رطوبة، بينما تعاني بعض المناطق في فصل الصيف من الجفاف.
- أظهرت الدراسات أن معدل الهطول قد يزداد بنسبة تتراوح بين 3% إلى 5%.
2- ذوبان الثلوج والجليد
- يؤدي ارتفاع متوسط درجات الحرارة إلى ذوبان الجليد في الصفائح الجليدية والأنهار والثليج خلال فصل الصيف.
- تشير الدراسات إلى أن كمية الجليد المفقود في المحيطات الشمالية والجنوبية ستزداد خلال القرن الحادي والعشرين، لكن لم تُحدد الكمية الدقيقة المفقودة بعد.
3- زيادة حموضة المحيطات
- تعمل المحيطات على تقليل آثار التغيرات المناخية من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون والحرارة الزائدة.
- تتزايد حموضة المحيطات نتيجة تفاعل الماء مع ثاني أكسيد الكربون، على عكس ما كان يحدث سابقًا حيث كانت هذه التفاعلات تؤدي إلى تقليل الحموضة.
- تشير الدراسات إلى أنه بحلول عام 2100، يمكن أن ترتفع الحموضة بنسبة تتراوح بين 14% إلى 35%، مما سيؤثر سلبًا على الكائنات الحية في الأرض.
4- ارتفاع مستوى سطح البحر
- يرتفع مستوى سطح البحر نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وذوبان مياه الجليد والصفائح الجليدية.
- كما يحدث تمدد للمياه بسبب زيادة حجمها نتيجة ارتفاع متوسط درجات الحرارة.
- خلال القرن العشرين، ارتفع مستوى مياه البحر بمقدار يتراوح بين 10 إلى 20 سم، ويتوقع أن يرتفع بمعدل يتراوح بين 20 إلى 50 سم بحلول 2100.
5- زيادة أعداد السُحب
- يتسبب ارتفاع متوسط درجات الحرارة في تبخر المياه، وعندما يتكثف هذا البخار، تتكون السُحب.
- للسحب دور مهم في التأثير على المناخ، حيث تعمل على تبريده وتعزيز تأثير الغازات الدفيئة.
6- التغير في النظام البيولوجي
- يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تغييرات في الأنظمة البيولوجية.
- على سبيل المثال، قد تتأثر مواعيد الصقيع، مما يؤثر بدوره على الحيوانات البرية والمستأنسة والنباتات.
7- تغييرات في الطقس
- أشار العلماء إلى أن الاحترار العالمي قد يسبب تغييرات في الأعاصير، بما في ذلك الأعاصير المناخية التي قد تكون بدأت تتشكل بالفعل.
- يتوقع أن تؤدي المحيطات ذات درجات الحرارة العالية إلى زيادة شدة الأعاصير.
8- تغيرات في دورة الكربون
- تظهر بعض النماذج لدورة الكربون أن الأرض ستكون أقل كفاءة في امتصاص الكربون نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.
- مما يؤدي ذلك إلى زيادة متوسط نسبة الاحتباس الحراري.
نظرة عامة عن ظاهرة الاحتباس الحراري
- تعرف ظاهرة الاحتباس الحراري أيضًا باسم ظاهرة الدفيئة أو الاحترار العالمي.
- منذ القرنين الماضيين، عُرفت هذه الظاهرة برفع درجة حرارة الهواء الجوي في الطبقة السفلية من سطح الأرض.
- تدخل حرارة الشمس إلى الغلاف الجوي وتحبس فيه، مما يؤدي إلى زيادة درجة الحرارة على الأرض.
- هذا الارتفاع في درجة الحرارة ناتج أيضًا عن امتصاص غازات الغلاف الجوي، مثل ثاني أكسيد الكربون.
- تحدث التغيرات المناخية على فترات زمنية معينة وكانت قد بدأت منذ بداية العصر الجيولوجي.
- أظهرت الدراسات مقارنة بين مجموعة من البيانات المتعلقة بالظواهر الجوية، مثل درجة الحرارة وهطول الأمطار، مع التغيرات المناخية والكيماويات في الغلاف الجوي.
- أدت الثورة الصناعية إلى تغيرات كبيرة في المناخ.
- ارتفع متوسط درجة الحرارة السطحية العالمية بمعدل يتراوح بين 0.3 إلى 0.6 درجة مئوية خلال القرن الماضي.
- يعتبر هذا الارتفاع هو الأكبر خلال الألف سنة الماضية، ويتوقع العلماء ارتفاعًا أكبر في هذا القرن.
- ببلوغه عام 2100، قد تشهد الأرض ارتفاعًا في درجات الحرارة يتراوح بين 2-4 درجة مئوية، علمًا أن متوسط الحرارة الحالي يبلغ 15 درجة مئوية.
- من الضروري أن ندرك أن ارتفاع درجة الحرارة ليس بالضرورة شاملًا لكل المناطق، بل يشير إلى ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية.
- وقد أثبتت الدراسات أن للاحتباس الحراري تأثيرات واضحة على أنماط الطقس، مما يؤثر مباشرة على هطول الأمطار وتغير المناخ.
غازات الاحتباس الحراري
- توجد هذه الغازات في الغلاف الجوي وتعرف بالغازات الدفيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون.
- تعمل هذه الغازات على امتصاص الموجات الطويلة، بما في ذلك الأشعة تحت الحمراء، وإصدارها إلى الغلاف الجوي.
- تساعد أيضًا في تسخين الأرض بما يمكن الكائنات الحية من العيش على سطحها، مما يعين على الحفاظ على درجة حرارتها.
- عندما ترتفع هذه الحرارة فوق المعدل الطبيعي، يؤدي ذلك إلى اختلال في المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة لنشاط الإنسان، وهو ما يعرف بالاحتباس الحراري.
- يعبر العلماء عن تركيز الغازات الدفيئة في الجو بالنسبة المئوية، ويمكن قياس النسب وفقًا لحجم الهواء في الغلاف الجوي.
- تُعتبر نسب الغازات صغيرة جدًا، ويتم قياسها من خلال وحدات مثل،
- Ppm (أجزاء لكل مليون جزء من الهواء).
- Ppt (أجزاء لكل تريليون جزء من الهواء).
- Ppb (أجزاء لكل تريليون جزء من الهواء).
- في عام 2009، كان تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يبلغ 385 جزءًا لكل مليون (ppm).
- هذا يشير إلى أنه لكل مليون جزء من الهواء يوجد 385 جزءًا من ثاني أكسيد الكربون.
أسباب الاحتباس الحراري
1- العوامل الطبيعية
يعد الاحتباس الحراري نتيجة تداخل العوامل الطبيعية والبشرية، ومن بين العوامل الطبيعية:
النشاط الشمسي
- تتغير درجات الحرارة العالمية نتيجة للتغيرات التي تحدث في النشاط الشمسي، مثل البقع الشمسية والتوهجات.
- على سبيل المثال، شهد القرن السابع تغيرًا في درجات الحرارة أسفر عن ما يعرف بالعصر الجليدي الصغير.
- حدثت تلك التغيرات نتيجة نشاط شمسي ضعيف، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية تقريبًا.
- أخبر العلماء أن هناك عدة تغييرات شمسية تؤثر على الاحتباس الحراري، ومنها:
- التغيرات المغناطيسية، والتي تؤثر على النشاط الشمسي، وتعمل على تشتيت الأشعة الكونية المكونة من جسيمات مشحونة.
- عندما تخفت حرارة الشمس، يتعرض المجال المغناطيسي للانهيار، مما يسمح لاختراق الأشعة بعمق أكبر.
- تتكون السحب الناتجة عن زيادة الأشعة الكونية التي تخترق الغلاف الجوي للأرض، مما يؤدي إلى تأين الجسيمات المشحونة وتكوين قطرات الماء.
- تؤدي هذه العملية إلى تشكل سُحب تحمل سمكًا كبيرًا، مما ينعكس على الطاقة الشمسية إلى الفضاء.
- تكرار تكوين هذه السحب يسبب تغييرات في متوسط درجات الحرارة.
- يعتبر النشاط الشمسي حاسمًا أيضًا في تغير الأطوار، مثل الأطوار فوق البنفسجية والأطوار المرئية.
النشاط البركاني
- تعطي البراكين كميات كبيرة من الغازات الدفيئة، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار المياه، نتيجة الانفجارات البركانية التي تحدث على مدى ملايين السنين.
- في حين أن ثورانًا بركانيًا وحيدًا قد لا يؤثر على الاحتباس الحراري، إلا أن تسلسل الثورات البركانية يمكن أن يؤدي إلى ذلك بشكل كبير.
- تظهر دراسات تاريخية أن البراكين تساهم في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء.
ذوبان الجليد الدائم
- يساعد ذوبان الجليد في القطبين (الشمالي والجنوبي) على تعزيز الاحتباس الحراري، نتيجة الكربون المخزون في الجليد.
- تنبعث الغازات نتيجة النشاط الشمسي وحرائق الغابات والانفجارات البركانية.
- قد يؤدي ذلك الى حدوث اختلال في العمليات الطبيعية مثل دورة الكربون نتيجة انبعاث الكربون.
حرائق الغابات
- تؤثر حرائق الغابات سلبًا على متوسط درجات الحرارة، حيث تؤدي احتراق النباتات إلى إطلاق الكربون الموجود فيها.
- تتسبب هذه النسبة في زيادة تركيز الغازات الدفيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، مما يسهم في تلوث الهواء وارتفاع حرارة الغلاف الجوي.
2- العوامل البشرية
- تؤثر الأنشطة البشرية أيضًا على المناخ من خلال استهلاك الوقود الأحفوري بمختلف أنواعه.
- يساهم احتراق الوقود في انبعاث غازات دفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي لزيادة نسبة الهباء الجوي.
- يؤدي ذلك إلى اختلال توازن بيئي نتيجة تأثير الهباء الجوي والغازات الدفيئة على نسب الأشعة تحت الحمراء والإشعاع الشمسي.
- تشمل المصادر الأساسية للغازات الدفيئة نتيجة للنشاط البشري:
- زيادة نسبة الميثان لأسباب متعددة، منها:
- مكبات النفايات وسوء التهوية، حدوث تخمر معوي للدواب، تفاوت رطوبة الأرض، إدارة السماد، تأثير خطوط الأنابيب، وزراعة حقول الأرز.
- تساهم الأنشطة الزراعية، مثل استخدام الأسمدة، في رفع مستويات أكسيد النيتروجين.
- كما تؤدي عمليات احتراق الوقود الأحفوري إلى زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون.
- إزالة الأراضي الزراعية لبناء مناطق حضرية جديدة يؤدي أيضًا إلى انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.
- تستخدم المركبات مثل الكلور في عدة تطبيقات صناعية، بما في ذلك أنظمة التبريد وأنظمة مكافحة الحرائق.
حلول لمشكلة الاحتباس الحراري نتيجة تغير المناخ
هناك عدة استراتيجيات يمكن من خلالها تقليل آثار الاحتباس الحراري:
1- تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور
- يمكن تحقيق ذلك عبر تنفيذ عمليات مشابهة لتصنيع الحجر الجيري، مما يحول ثاني أكسيد الكربون إلى معادن كربونية.
- هناك أساليب متعددة، مثل استخدام البكتيريا في منشآت صناعية لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى مواد نافعة كمنتج ثانوي.
2- زراعة المزيد من الأشجار
تعتبر زراعة الأشجار وسيلة فعالة لمواجهة التغير المناخي. وقد أظهرت الدراسات أن تغطية حوالي 900 مليون هكتار بالأشجار يمكن أن يساعد في تخزين 25% من الكربون الموجود في الغلاف الجوي.
3- جعل سطح الأرض أكثر انعكاسًا
- يشير العلماء إلى ضرورة استخدام تقنيات تعكس الطاقة الشمسية للحد من التسخين الكوكبي.
- يجب استخدام أسقف فاتحة اللون للمساعدة في تبريد المناطق الحضرية.
- تغطية الطرق المسفلتة بالحجر الجيري يساعد في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
4- تشجيع استخدام الطاقات المتجددة
- حث الخبراء على تعزيز استخدام السيارات الكهربائية والمركبات التي تعمل بالهيدروجين، نظراً لعدم انبعاثها لغازات ملوثة.
- يمكن تقديم حوافز مثل مواقف مجانية في بعض المناطق وتخفيضات ضريبية لأصحابها.
- أظهرت دراسة نشرت مؤخرًا أن 60% من السيارات الجديدة التي تم بيعها في مارس من عام 2019 كانت تعمل بالطاقة الكهربائية.