الشرك في ذات الله
يُعرف الشرك في الربوبية بأنه توجيه مظاهر الربوبية أو بعض خصائصها إلى غير الله سبحانه وتعالى، أو إبطال تلك الخصائص -تعالى عن ذلك- مثل الخلق، الإحياء، والإماتة، النفع والضر، والرزق. يمكن تقسيم الشرك في الربوبية إلى نوعين رئيسيين:
- شرك التعطيل: وهو إبطال مظاهر الربوبية وخصائصها عن رب العالمين، ومن أبرز الأمثلة على ذلك شرك فرعون حين قال: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِين).
- شرك التمثيل: ويعني أن يُعادل الإنسان بين الله -سبحانه- وغير الله في جانب من جوانب الربوبية، ومن الأمثلة على ذلك:
- شرك النصارى، كما جاء في قوله تعالى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ۚ).
- شرك المجوس الذين يعتقدون بأن هناك إلهين، واحد للخير وآخر للشر.
- شرك الصابئة الذين يرون أن الكواكب تدير شؤون الكون وتقوم مقام الإله.
الشرك في أسماء الله تعالى وصفاته
يُطلق عليه أيضًا اسم شرك الأسماء والصفات، ويمثل محاولة تشبيه صفات الخالق بصفات المخلوق، بحيث يصبح التشبيه قائمًا على صفة بصفة واسم باسم، كقول بعضهم -والعياذ بالله- “يد الله كيد المخلوق”، أو أن يُصوَّر الله -سبحانه- على أنه ينزل كما ينزل البشر. ومن الأمثلة أيضًا اشتقاق أسماء للآلهة من أسمائه -سبحانه- مثل “اللات” من “الله” و”العزى” من “العزيز” و”مناة” من “المنان”.
يتجلى الشرك في أسماء الله وصفاته من خلال:
- التعطيل الكلي: أي نفي اسم الله وصفاته معًا، مثلما تقول الجهمية “لا سميع ولا سمع، لا بصير ولا بصر”.
- التعطيل الجزئي: نفي صفات الله دون الأسماء، وهو رأي المعتزلة حيث يبقون الأسماء دون الصفات.
رين الله عن ذلك علوًا كبيرًا، فهو القائل في كتابه: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، و(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
الشرك في أفعال الله
يشير إلى شرك الألوهية، الذي يعني اعتقاد الإنسان بشراكة الله في العبادة الكاملة أو ببعضها، وهو يشمل عددًا من الصور، منها:
- شرك المحبة: وهو أن يحب الإنسان شيئًا غير الله ويعتبروه نداً له -سبحانه-، كما هي محبة المشركين لأصنامهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ۗ)، أو أن يُعادل حب الآلهة بحب الله -عزوجل-: (إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ).
- شرك الخوف: أن يخاف الإنسان من غير الله -سبحانه-، أو يعتقد أن هناك نفعًا أو ضررًا من غيره، وهو ما يتطلب تعظيمًا وخوفًا من أذى أو ضرر، كما يقول -عزوجل-: (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)، ويقول -تعالى-: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).
- شرك الرجاء: وهو أن يرجو الإنسان من غير الله -تعالى- لتحقيق أمر معين، مثل الرزق أو النصر.
في الختام، يُعتبر الشرك الأكبر بالله من الذنوب العظيمة التي تستطيع أن تخرج الإنسان من ملة الإسلام، ويتلخص الشرك الأكبر في ثلاثة أنواع: شرك الربوبية (في ذات الله)، وشرك الأسماء والصفات (في أسماء الله وصفاته)، وشرك الألوهية (في أفعال الله).