يُعتبر رجال الأعراف من الشخصيات التي ذُكرت في القرآن الكريم، وقد تطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الموضوع في العديد من الأحاديث النبوية. كما تم تداول آراء وقصص عديدة حول هؤلاء الرجال بين الصحابة والتابعين. يسعى الموقع إلى تقديم تفسيرات دقيقة تعتمد على أراء المفسرين والتابعين فيما يتعلق بأهل الأعراف وأسباب تسميتهم، وما الذي يميزهم عن غيرهم.
من هم رجال الأعراف؟
خصص الله تعالى سورة في القرآن الكريم تحمل اسم “الأعراف”، لتتناول الحديث عن رجال الأعراف وخصائصهم في الحياة الدنيا والآخرة. وقد تباينت الآراء بين الصحابة والتابعين حول ذلك كما يلي:
- يقول ابن مسعود وكعب الأحبار وابن عباس رضي الله عنهم، إن رجال الأعراف هم سكان الجنة، وقد استندوا في ذلك إلى ما أوضحه الإمام الطبري في تفسيره.
- كما نُقل أن رجال الأعراف يقيمون بين الجنة والنار، إلى أن يُقودهم الله إلى نهر يُعرف بنهر الحياة، الذي تحيط به أشجار من الذهب واللؤلؤ، وترابه من المسك.
- في سياق متصل، ذكر الإمام الطبري أن هؤلاء الرجال يتم إلقاؤهم في هذا النهر لتتحسن ألوانهم، ويظهر على جبينهم علامة بيضاء، ويحقق الله لهم آمالهم ويُعرفون بمساكين الجنة.
أقوال الصحابة والتابعين حول رجال الأعراف
تباينت آراء العلماء بشأن رجال الأعراف، الذين يرزحون بين الجنة والنار، وفق ما تم نقله عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين. وفيما يلي أبرز هذه الأقوال:
1ـ رأي ابن عطية في تفسيره لرجال الأعراف
يوضح ابن عطية أن رجال الأعراف هم أصحاب ذنوب بسيطة لم تُكفّر عنها في الدنيا، وبالتالي يُعدّون من أهل الجنة وأهل النار في ذات الوقت، إلى أن تصيبهم الشدائد فيُكفّرون عن ذنوبهم ويدخلون الجنة.
2ـ رأي أبو نصر القشيري والشوكاني
يؤكد كلا العالمين أن أصحاب الأعراف من أفضل المؤمنين والشهداء الذين بذلوا أنفسهم لحماية ورعاية الآخرين.
3ـ رأي ابن مسعود وحذيفة بن اليمان
تتفق أقوالهم مع ما ورد من ابن عباس والشعبي وسعيد بن جبير والضحاك بأن أهل الأعراف هم رجال اتسمت أعمالهم بتوازن الحسنات والسيئات، لذا يقيمون بين الجنة والنار في سور عالٍ حتى يحكم الله فيهم، ثم يدخلون الجنة بفضل الله ورحمته.
ما هم أهل الأعراف في القرآن الكريم؟
ذُكرت صفات أهل الأعراف في العديد من الآيات القرآنية، التي تتناول موضوعهم وتعكس أحوالهم، ومن أبرز تلك الآيات:
- قال الله تعالى: “وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)”.
- كما وصف الله تعالى أهل الأعراف فقال: “وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48)”.
ما سبب تسميتهم بأهل الأعراف؟
سُمي أهل الأعراف بهذا الاسم نظرًا لمكانتهم بين الجنة والنار. فقد عرفوا صفات أهل الجنة وتزينوا بها، كما أدركوا صفات أهل النار وتجنبوا الانغماس فيها. لذلك، وُضعوا في سور عالٍ يُعرف بسور الأعراف، الذي يفصل بين الجنة والنار، حتى يحكم الله بينهم يوم القيامة.
هكذا، يظهر أن أهل الأعراف هم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم، وسوف يفصل الله بينهم يوم القيامة، ثم سوف يُدخلهم برحمته إلى الجنة، حيث تظهر على جبينهم علامة بيضاء تميزهم بين سكان الجنة.