طرح أحد القراء سؤالاً حول من هو أول من سعى بين الصفا والمروة، حيث يُعتبر السعي بين هذين الجبلين جزءًا أساسيًا من شعائر الحج وله مكانة خاصة في الإسلام. لذا، سيتناول هذا المقال الإجابة على سؤال “من أول من سعى بين الصفا والمروة”.
أول من سعى بين الصفا والمروة
السيدة هاجر، زوجة نبي الله إبراهيم عليه السلام ووالدة إسماعيل عليه السلام، هي أول من قام بالسعي بين جبلي الصفا والمروة. وقد اتبعها الحجاج بعدما أقر الله سبحانه وتعالى هذا السعي كعبادة.
أتت سعي السيدة هاجر نتيجة بحثها عن القوت والماء لها ولطفلها الرضيع إسماعيل. فقد أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يغادر مع زوجته هاجر إلى مكة، تاركًا لها ولطفلهما في منطقة جرداء في ذلك الوقت.
كانت مكة آنذاك مكانًا قاحلاً، لا ماء فيه ولا طعام، وقد ترك إبراهيم عليه السلام مع هاجر بعض الطعام والماء لكي يساعدهما في البقاء، لكن هذا القليل سرعان ما نفد.
بالنظر إلى حالتهما الحرجة، اضطرت هاجر للبحث عن أي شخص ينقذهما بالماء، فبدأت تبحث حولها عن أي مصدر قريب. وقد سعت سبع مرات بين جبلي الصفا والمروة، حتى سمعت صوتًا بجوار طفلها، فذهبت خلف الصوت واكتشفت ملَكًا يضرب جناحيه على الأرض، ومن هناك بدأ الماء بفوران الأرض، وهو يعرف بماء زمزم.
نبذة عن السيدة هاجر
ذُكرت العديد من النساء في القرآن الكريم، وستظل أسماؤهن راسخة عبر الزمن، ومن أبرز هؤلاء النساء السيدة هاجر. تُعتبر والدة إسماعيل، الجد الأول للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. قبل أن تصبح زوجة إبراهيم، كانت أميرة مصرية ثم وقعت في الأسر وأصبحت جارية سارة، زوجته الأولى.
بعد أن تزوج إبراهيم من هاجر ورُزقا بإسماعيل، شعرت سارة بالغيرة وطلبت من إبراهيم أن يبعد هاجر وابنها عن أنظارها. استجاب إبراهيم لهذا الطلب بعد أن تلقى أمرًا من الله بأخذ هاجر وإسماعيل إلى مكة.
ومع تركهم في تلك المنطقة القاحلة، شعر إبراهيم بالحزن لتركهم، وتوجه بالدعاء إلى الله كما جاء في القرآن.
قال تعالى: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتي المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} [سورة إبراهيم: 37].
تتحدث هذه الآية عن دعاء إبراهيم بعد تركه لزوجته وابنه في وادٍ لا يُزرع، حيث طلب من الله أن يرزقهم وأن يجعل هذه المنطقة عامرة، وبالفعل استجاب الله دعاءه، فأصبحت مكة أرضًا مليئة بالناس والخيرات.
الصفا والمروة
كلمة “الصفا” تعني في اللغة المكان الملساء الذي لا تُزرع فيه النباتات، بينما في الشريعة، تعتبر نقطة بداية السعي وتوجد جنوبي المسعى، وهي أعلى منطقة في جبل أبي قبيس.
أما “المروة”، فهي تعني في اللغة الحصى الصغيرة ذات اللون الأبيض، ولكنها قانونيًا تمثل نقطة نهاية السعي وتقع في الطرف الشمالي للمسعى.
وقد ذكر الله الصفا والمروة في القرآن الكريم: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم} [سورة البقرة: 158].
إن ذكر جبلي الصفا والمروة في القرآن يعد تكريمًا للسيدة هاجر، ليظل هذا الحدث عالقًا في الأذهان كعبرة للمسلمين، ودليل على قدرة الله سبحانه وتعالى في حفظ ورعاية عباده.
بهذا، نكون قد ناقشنا في مقالنا حول أول من سعى بين الصفا والمروة، كما تطرقنا لتعريف الصفا والمروة وقدمنا لمحة عن السيدة هاجر عليها السلام.