البحر المتوسط
يُعرف البحر المتوسط (بالإنجليزية: Mediterranean Sea) أيضاً باسم البحر الأبيض المتوسط. يمتد هذا البحر العظيم من الغرب تجاه المحيط الأطلسي، ومن الشرق نحو قارة آسيا، حيث يفصل بين قارتي أفريقيا وأوروبا. في العصور القديمة، عُرف البحر باسم “البحر بين الأراضي”؛ إذ يتصل القسم الغربي منه بالمحيط الأطلسي عبر قناة سطحيّة تعرف بمضيق جبل طارق. كما يرتبط البحر المتوسط بالبحر الأسود من خلال مضيق البسفور، ومضيق الدردنيل، وبحر مرمرة، بينما تتصل الجهة الجنوبية الشرقية منه بالبحر الأحمر عبر قناة السويس.
صقلية: أكبر الجزر في البحر المتوسط
تُعتبر جزيرة صقلية (بالإنجليزية: Sicily Island) الأكبر في منطقة البحر المتوسط. تتمتع هذه الجزيرة بالحكم الذاتي، رغم إدارتها الرسمية من قبل إيطاليا. تبعد صقلية حوالي 160 كيلومتراً عن شمال شرق تونس، ويفصل بينها وبين اليابسة مضيق ميسينا. عاصمة صقلية هي مدينة باليرمو، وهي تقع في الجنوب الغربي من إيطاليا، بمساحة تصل إلى 25,426 كم²، وتتمتع بشكل جغرافي يشبه المثلث. يمتد سواحلها لأكثر من 1000 كيلومتر، وتحتوي على حوالي 15 نهراً، يعد نهر سالسو الأطول بينها، حيث يصل طوله إلى 144 كيلومتراً.
المظاهر الطبيعية
تشكل الجبال والتلال حوالي 85% من مساحة جزيرة صقلية. تَنتشر في قسمها الشمالي مجموعة من الجبال مع وجود سهول ساحلية ضيقة. يتراوح ارتفاع جبال صقلية بين 100 و1500 متراً، بينما تصل ارتفاع بعض القمم إلى أكثر من 1500 متر، ومن أبرز هذه الجبال جبل نبرودي (1847 متر)، وجبل مادوني (1979 متر)، وجبل بلوريتاني (1279 متر). يعتبر جبل إتنا البركاني، الذي يرتفع إلى 3340 متراً، من أهم المعالم الجبلية ويشهد ثورات بركانية بين الحين والآخر. المنطقة الجنوبية من الجزيرة شبه جبلية، حيث يتراوح ارتفاعها بين 400 و800 متر، مع سهول تشكل نحو 35% من المساحة، وأبرزها سهل قطانيا الشرقي.
اقتصاد جزيرة صقلية
يعتبر القطاع الزراعي النشاط الاقتصادي الرئيسي في صقلية، حيث تشمل أهم المنتجات الزيتون، والشعير، والقمح، والذرة، واللوز، والحمضيات، والقطن. يعتمد الاقتصاد أيضاً على تربية الماشية وصيد الأسماك مثل السردين والتونة، مما يعزز من صناعة المواد الغذائية. يساهم القطاع الصناعي المحلي في إنتاج المواد الكيميائية، والأسمدة، والجلود، والسفن. في الجهة الجنوبية الشرقية من الجزيرة، توجد حقول النفط، بالإضافة إلى إنتاج الكبريت والغاز الطبيعي. ساهمت هذه الصناعات في دعم التنمية الاقتصادية، بوجود موانئ رئيسية مثل ميسينا، وكاتانيا، وباليرمو.
تاريخ جزيرة صقلية
تشير الرسوم الموجودة في كهوف صقلية إلى أن الإنسان قد سكن هذه الجزيرة منذ العصور ما قبل التاريخ. في القرن الثامن قبل الميلاد، بدأت الاستعمار اليوناني للمنطقة الشرقية، وفي فترة لاحقة أسس الفينيقيون العديد من المراكز التجارية في غرب الجزيرة. في القرن الثاني قبل الميلاد، تعرضت صقلية للغزو الروماني، حيث أصبحت مقاطعة رومانية وواحدة من أهم مصادر الحبوب في الإمبراطورية.
مع سقوط روما في القرن الخامس الميلادي، احتل القوط الشرقيون والوندال الجزيرة، وفي عام 535م، أصبحت صقلية جزءاً من الإمبراطورية البيزنطية. خلال هذه الفترة، أصبحت اللغة اليونانية هي اللغة الرسمية. في القرن التاسع، وصل المسلمون من شمال أفريقيا إلى صقلية، وأدى الحكم الإسلامي الذي استمر نحو 200 عام إلى تطوير الزراعة والري، مما أدى إلى ظهور محاصيل جديدة مثل البرتقال والقطن والليمون. لا تزال آثار الحضارة الإسلامية واضحة في الآداب والفنون في الجزيرة.
في القرن الحادي عشر، وصل الاحتلال النورمندي إلى صقلية، وتم ضمها إلى إيطاليا الجنوبية، مع تأسيس مملكة الصقليتين. تدريجياً، تحولت الثقافة السائدة في الجزيرة إلى ثقافة أوروبية بسبب تأثير الحكم الألماني والفرنسي في القرن الثالث عشر، مما ساهم في تشكيل صقلية كمركز ثقافي إيطالي.
في عام 1282م، حدثت ثورة في صقلية أدت إلى إنهاء الحكم الفرنسي، وفي عام 1860م، أصبحت الجزيرة جزءاً من المملكة الإيطالية بعد غزوها. خلال الحرب العالمية الثانية، تعرضت القواعد البحرية والجوية في الجزيرة للقصف من قبل الحلفاء، وفي عام 1943م، احتلها الحلفاء، مما حولها إلى نقطة انطلاق لغزو إيطاليا، وفي عام 1948م، حصلت على حكم ذاتي مستقل.
المناخ
يسود مناخ البحر المتوسط في جزيرة صقلية، حيث يتميز الصيف بالحرارة، بينما يكون الشتاء معتدلاً وماطراً. يتراوح معدل هطول الأمطار سنوياً بين 70 و80 سم في المناطق الساحلية الشمالية الغربية، وبين 50 و60 سم في المناطق الشرقية، ومن 60 إلى 70 سم في الجنوب الغربي. تشهد المنطقة الوسطى عند جبل إتنا زيادة في هطول الأمطار لتتجاوز 100 سم.
تتراوح درجات الحرارة في الشتاء بين 10 و13 درجة مئوية في السهول الساحلية، بينما تتجاوز درجات الحرارة 25 درجة مئوية في أشهر الصيف. وفي المناطق المرتفعة التي تتجاوز 1000 متر، تنخفض درجات الحرارة إلى نحو 18 درجة مئوية في الصيف، بينما تصل إلى 4 درجات مئوية خلال الشتاء.