الديناصورات
واجه العلماء تحديًا كبيرًا في القرن التاسع عشر عندما أسفرت عمليات الحفر عن عظام ضخمة لم تُعرف منطقتها، ولم يتمكنوا من تحديد مصدرها إلا في عام 1824، عندما قدم أستاذ الجيولوجيا في جامعة أكسفورد، ويليام بكلاند، أول ديناصور رسمي، والذي أُطلق عليه اسم “السحلية الأحفورية العظمى”. بعد ذلك، في عام 1842، قام أستاذ التشريح ريتشارد أوين بتسميتها “ديناصورات” بعد أن قام بتحديد السمات المشتركة بينها.
تأتي كلمة “ديناصور” من اليونانية، حيث تتكون من كلمتين: “دينوس” (deinos) التي تعني رهيب أو رائع، و”سورس” (sauros) التي تعني الزواحف أو السحالي. يُعتبر الديناصور زاحفًا كبيرًا ظهر قبل حوالي 245 مليون سنة، واستمر وجوده لمدة 180 مليون سنة حتى انقرض في نهاية العصر الطباشيري، أي قبل 66 مليون سنة. ومن خلال الدراسات المطولة حول عظام الديناصورات، تمكن العلماء من تحديد حوالي 1000 نوع و800 اسم.
أنواع الديناصورات
خلال منتصف العصر الجوراسي، كانت الأرض أكثر اخضرارًا، وبدأت تتقاسم القارات، مما أدى إلى إنشاء بيئات متنوعة ساهمت في ظهور أصناف وأنواع جديدة من الديناصورات. تنقسم هذه الأنواع إلى مجموعتين رئيسيتين: طيريّات الورك وسحليّات الورك.
طيريّات الورك
تتميز طيريّات الورك (بالإنجليزية: Ornithischia) بهيكل حوض يشبه حوض الطيور، حيث يكون منخفضًا نوعًا ما. وتتميز عظامها بمميزات مثل كونها غير مزدوجة ومجوفة، وتغطي مقدمة الفك السفلي. ومن أشهر الأنواع في هذه المجموعة:
- ليتوسور (بالإنجليزية: Lesothosaurus): ديناصور نباتي صغير عاش في بداية العصر الجوراسي وله أطراف طويلة.
- تيريوفورا (بالإنجليزية: Thyreophora): عاشت هذه الديناصورات حوالي 100 مليون سنة وأسفرت عن 50 نوعًا بفضل استراتيجيات الدفاع لديها. تحتوي هذه المجموعة على عظام مضمنة في الجلد تمتد من الرقبة إلى الظهر ثم الذيل، ومن أشهر أنواعها:
- التجوسورس (بالإنجليزية: Stegosauria): ديناصورات متوسطة الحجم تتراوح أطوالها بين 3 إلى 9 أمتار وتزن بين 300 إلى 1500 كغ، وقد تحولت عظامها المجروسة إلى أشواك وصفائح. تمتلك هذه الديناصورات أربعة أرجل، حيث تكون الأرجل الأمامية أقصر من الخلفية، مما يساعدها في التغذي على النباتات الأرضية المنخفضة.
- أنكيلوصوريا (بالإنجليزية: Ankylosauria): تتميز بشعور جلدها اللوحية العظمية والأشواك المترابطة التي تشكل درعًا يغطي الرقبة والظهر والذيل، وهي جزء من الديناصورات المتوسطة الحجم، حيث لا يتجاوز طولها خمسة أمتار.
- مارغينوسيفاليا (بالإنجليزية: Marginocephalia): تحتوي على سلسلة عظام في الجزء الخلفي من الجمجمة وتتميز بقرن أو عدة قرون. وهي تشمل أشكالًا وأحجامًا متنوعة، ولم تظهر إلا في العصر الطباشيري. ومن بين الأنواع الرئيسية:
- الباكيسفالوصور (بالإنجليزية: Pachycephalosaur): تتميز بسقف جمجمة سميك، وتتناول النباتات.
- مثيلات قرنيات الوجه (بالإنجليزية: Ceratopsia): تشبه وحيد القرن من حيث القرون، حيث يزن بعض الأنواع ما بين 6 و7 أطنان، ولكن يوجد نوع صغير ظهر في العصر الطباشيري بوزن 200 كغ ولا يحمل أي قرون.
- أورنيثوبودات (بالإنجليزية: Ornithopoda): تعد من أكثر المجموعات تنوعًا واستمرارية، حيث ظهرت في العصر الجوراسي واستمرت حتى نهاية العصر الطباشيري، ومن أشهر الأنواع فيها الهادروصوريا (بالإنجليزية: Hadrosaurids).
سحليّات الورك
تتميز سحليّات الورك (بالإنجليزية: Saurischia) بأن عظام العانة فيها متجهة للأمام مع انحدار بسيط، وهي تشمل مجموعة من الديناصورات التي تتراوح بين أصغر الديناصورات وأكبر الحيوانات التي عاشت على الأرض. ومن الأنواع البارزة:
- الصوربوديات (بالإنجليزية: Sauropodomorphs): تُعد من أكبر الديناصورات، حيث يصل وزنها إلى 75,000 كغ. عاشت هذه الفصائل لمدة 160 مليون سنة وتفرعت إلى 100 نوع، ومن أشهرها:
- بروسوبادا (بالإنجليزية: Prosauropoda): من الديناصورات البدائية، تمتاز برؤوس صغيرة وأعناق طويلة، ويصعب تصنيفها كديناصور نباتي أو مفترس.
- صوروبودا (بالإنجليزية: Sauropoda): هذه الديناصورات كبيرة الحجم ولها أسنان مثلثة الشكل، وجماجم صغير وفم صغير يتغذى على النباتات.
- ثيروبودا الأوّل (بالإنجليزية: Theropoda I): ديناصورات آكلة للحوم تمتاز بمخالب وأسنان حادة، تعتمد في حركتها على الأرجل الخلفية. وهناك أيضًا تنوع بين الثيربودا الطيرية وغير الطيرية، حيث تتراوح أحجامها بين متر إلى 15 مترًا.
- ثروبودا الثاني (بالإنجليزية: Theropoda II): يتميز هذا النوع بقدرته على الطيران، حيث يشبه الطيور العملاقة، ويمتلك أجسادًا تغطيها الريش ولا يحتوي على أسنان. ومن أبرز الأنواع الأركيوبتركس (بالإنجليزية: Archaeopteryx) التي تمتاز بأسنان حادة ومخالب متطورة.
- ثروبودا الثالث (بالإنجليزية: Theropoda III): تمثل هذه المجموعة الطيور التي تطورت لتصبح على شاكلة الطيور الحديثة، وظهرت في أواخر العصر الطباشيري.
الأحقاب الزمنيّة للديناصورات
ظهرت الديناصورات عبر سلسلة من الحقبات الزمنية، مقسمة إلى ثلاثة عصور ما قبل التاريخ، حيث تطورت وتنوعت خلالها أشكال الديناصورات. وهذه العصور تشمل:
- العصر الترياسي: هو الفترة التي تلي العصر البرمي، ويعرف أيضًا بعصر المزوزويك أو عصر الزواحف بسبب ظهور الديناصورات فيه. كانت الأرض مُتحدة في كتلة قارية تُطلق عليها اسم بانجيا، حيث ظهرت البرمائيات في بداية هذا العصر، ثم تشكلت الغابات وظهرت الثدييات في نهايته.
- العصر الجوراسي: شهد تنوعًا كبيرًا في الديناصورات التي كانت موجودة في اليابسة والجو والماء. كما بدأت القارات بالانقسام، وارتفعت الأمطار في المناخ.
- العصر الطباشيري: في نهايته، انقرضت الديناصورات بعد فترة من التوسع والانتشار في أشكالها وأصنافها، حيث شكلت الأرض إلى أشكالها الحالية.
أسباب انقراض الديناصورات
قبل 65 مليون سنة، شهد العصر الطباشيري انقراضًا واسع النطاق لأكثر من نصف الأصناف الحية على الأرض، حيث اختفت معظم الزواحف والثدييات والتماسيح. وقد أثار هذا الانقراض تساؤلات عديدة بين العلماء. قدم الباحثون فرضيتين رئيسيتين لتفسير هذا الانقراض، الأولى تتعلق بتأثير خارجي مثل كويكب أو مذنب، والثانية ترتبط بانفجارات بسلة للبراكين على الأرض أدت إلى انهيار الحياة. كلتا الفرضيتين تشير إلى حجب الضوء الشمسي بسبب الدخان، مما أثر على عملية التمثيل الضوئي للنباتات وبالتالي أدى إلى اختلال في السلسلة الغذائية. يعتقد بعض الباحثين أن تغييرات المناخ والتغيرات في مستويات المحيطات قد تكون أحد الأسباب الرئيسية وراء الانقراض.