تُعَدُّ الحضارة اليونانية القديمة واحدة من أرقى الثقافات عبر التاريخ، حيث تميزت بمسارات فنية واقتصادية وسياسية متعددة، مما أكسبها لقب “أبو الفنون”. ومن خلال هذا المقال، سنتناول عناصر وأجزاء المسرح اليوناني وأساليب الدراما في بداياتها.
عناصر المسرح اليوناني
في البداية، كان المسرح اليوناني مصنوعًا من الخشب، مع إمكانية نقله من مكان إلى آخر ويعرف باسم “الثياثرون” (theatron). وكان الحضور مقتصرًا على الرجال، بينما كان حضور النساء موضوعًا مثارًا للجدل بين الباحثين.
ابتداءً من القرن الخامس قبل الميلاد، أصبح الدخول للمسرح مجانيًا، وبدأ إنشاء المسارح من الحجر الثابت في كل مدينة. وتكون المسرح اليوناني من عدة مكونات رئيسية نبرزها فيما يلي:
1- الأورخسترا (Orchestra)
تعني “حلبة الرقص” وتعتبر جزءًا أساسيًا من تصميم المسرح اليوناني. كانت الأورخسترا مكانًا دائريًا مخصصًا لجوقة المؤدين لأداء رقصاتهم، وفي وسطها مذبح يُستخدم في العديد من المسرحيات. وكان هناك ممران جانبيان يُعرفان بـ “بارودوس” (Parodos) لإدخال الممثلين إلى الأورخسترا.
2- الثياثرون (Theatron) أو الكويلون (Koilon)
يمثل منطقة جلوس المشاهدين، وكان يتكون من عدة درجات عادة ما تتجه إلى سفح تل. بدأ الثياثرون على شكل حلقة دائرية حول الأورخسترا، ولكن مع تطور الدراما وتقديم الممثلين، تغيرت تصميماته ليصبح على شكل حدوة الحصان. ويتألف من صفوف من المقاعد الحجرية مقسمة عادة بواسطة السلالم تسمى “الكليماكيس” (Klimakes) وأقسام المقاعد تُعرف بـ “كيركيديس” (Kerkides) وتُقسم على طبقات بواسطة درجات أفقية تسمى “ديازوماتا” (Diazomata).
ويمكن أن يتواجد عرش كاهن ديونيزوس، رئيس الدراما، في موقع بارز. كانت المسارح تُقام في الهواء الطلق عند سفوح التلال، مما يساهم في توفير جودة صوت ممتازة.
3- الأسكيني (Skene)
تُستخدم كلمة “الأسكيني” للإشارة إلى ما نعتبره اليوم الديكور المسرحي. في بداياته، كانت الأسكيني تمثل خيمة قماشية تقع خارج الأورخسترا تُستخدم لحجب رؤية الممثلين عن الجمهور، وكان بها جدار خشبي مع أبواب متعددة.
في العديد من المسرحيات اليونانية القديمة، كانت الأسكيني تمثل واجهة قصر أو منزل عادي أو معبد، مع عناصر جانبية تدور حول نفسها والتي تتضمن أشكالًا ومظاهر تتناسب مع طبيعة المسرحية. في الأعمال التراجيدية، كانت هناك أعمدة وواجهات عالية، أما في الكوميدية، فكانت تُظهر بيوتاً عادية، وبينما في المسرحيات الساتيرية، فكانت تتضمن أحراجاً وكهوفاً وجبالاً.
4- البروسكينيون (Proskenion)
يمثل الموقع الذي يقف عليه الممثل ويتحدث. تأخر ظهوره حتى القرن الرابع قبل الميلاد، وكان يقع أمام الأسكيني. وكانت الإضاءة الرئيسية تعتمد على ضوء الشمس، حيث كانت العروض المسرحية تُقام خلال النهار.
أشكال الدراما اليونانية
تتألف الدراما اليونانية من عدة عناصر تشمل:
1- (Prologos)
وهي المقدمة التي تُعتبر اختيارية حسب طبيعة المسرحية. تُلقى المقدمة غالبًا على شكل مونولوج يؤديه ممثل واحد أو حوار بين ممثلين، والهدف منها تمهيد المسرحية.
2- (Parodos)
تمثل المدخل، مما يتيح للجوقة الانتقال إلى الأداء الفعلي في الأورخسترا، أثناء إنشادهم ورقصهم.
3- (Episodion)
يمثل المشهد التمثيلي، وقد يختلف عدد المشاهد حسب طول المسرحية.
4- (Stasimon)
يُطلق عليه الفاصل الكورالي الذي تُنشده الجوقة أثناء وقوفهم في الأورخسترا، وذلك دون دخول أو خروج. يهدف إلى التخفيف من توتر المشاهد وإعطاء الفرصة للممثلين للاستعداد للمشهد التالي.
5- (Kommos)
النحيب الذي يتشارك في أدائه الجوقة والممثلون، وليس شرطًا أن يتواجد في كل تراجيديا.
تُعَدُّ الحضارة اليونانية القديمة رائدة في مجالات عديدة من الفنون والثقافات، حيث كانت السبّاقة في تطوير أشكال الفن المسرحي وتنوع أساليب الدراما والعناصر الأساسية المرتبطة بها.