فطر الله تعاليم الدين على ما وُجد في فطرة الناس، لذا فإنه لا يمكن أن نجد ما يتناقض مع فطرة البشر في إطار التعاليم الدينية. بل على العكس، فهي تتماشى معها كونها من الله سبحانه وتعالى. قال تعالى: “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير” (سورة الملك). من خلال هذا المقال، سنتناول موضوع “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” ودلالته على الشكر، ونسلط الضوء على بعض الآيات التي تعزز قيمة الشكر.
من لا يشكر الناس لا يشكر الله: دلالة على الشكر
سنستعرض في هذه الفقرة إذا كان القول بأن “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” حقيقة أم لا، مع التركيز على دلالته ومدى صحته، وذلك عبر النقاط التالية:
- أكدت الشريعة السمحاء على أهمية توجيه الشكر لمن أسدى إليك معروفًا، تقديرًا لفعله، ولإدخال السرور على قلبه، وتعزيز الألفة بين القلوب، وتشجيع الشخص على الاستمرار في تقديم الخير.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”، أخرجه أبو داود بسند صحيح. كما ورد عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه”، أخرجه أبو داود بسند صحيح. وأيضًا، ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء”، أخرجه الترمذي وصححه الألباني. وبالتالي، فهذا الخبر صحيح ومعتبر.
- يُعتبر الشكر للمحسن من السمات الرئيسية للمؤمنين ومن تعاليم الإسلام، لذا، يجب أن نحرص على ذلك ونعلمه للآخرين.
آيات تحث على شكر الناس
سنستعرض بعض الآيات التي تدعو إلى الشكر، وذلك في النقاط التالية:
- قال الله عز وجل: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” (سورة إبراهيم).
- قال الله تبارك وتعالى: “وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ” (سورة الأنبياء).
- قال رب العزة في قصة نبيه سليمان: “قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ” (سورة النمل).
- قال الله تبارك وتعالى: “وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ” (سورة لقمان).
- قال الله تعالى: “إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” (سورة الزمر).
المسلم وأخلاق الشكر
أنزل الله رسوله الكريم ليمثل قدوة لنا، وقد أشار الله عز وجل إلى أهمية اتخاذه أسوة حسنة، حيث كان من تعاليمه الحث على شكر من أحسن إلينا. لذا، من المهم أن نجسد هذه القيمة كخلق نتبعه، ونعلمها لأبنائنا وأصدقائنا وعائلتنا، وندعو إلى تطبيقها. فالنعماء لأهل الأخلاق هي في أعلى درجات الجنة، كما يتضح من النصوص الثابتة.
في ختام هذا المقال عن موضوع “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” وبيان أهميته، استعرضنا الآيات التي تحث على الشكر، وتناولنا جانب المسلم وأخلاق الشكر.