الاستغفار
- يُعتبر الاستغفار من أعظم أنواع الذكر التي يُستحب للعبد المسلم القيام بها، حيث خص الله سبحانه وتعالى له العديد من الفضائل والأجور التي تتفوق على غيره من الأذكار.
- إن العبد المسلم في أمس الحاجة لاستغفار ربه والتوبة من الذنوب السابقة.
- فعندما يقول: “استغفر الله وأتوب إليه”، يشعر بعظمة ذنوبه وسعة رحمة ربه.
- توجد صيغ عديدة للاستغفار، بعضها ورد في القرآن الكريم وبعضها الآخر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
استغفر الله وأتوب إليه
- الألف والسين والتاء في اللغة العربية تُضاف للأفعال للدلالة على طلبٍ، فقوله “أستغفر الله” يعني “أطلب من الله الغفران.”
- تنوعت صيغ طلب المغفرة، حيث تشمل أبلغ وأجمل أنواع اللفظ التي تتضمن التوسل إلى الملك الغفور الرحيم بأسمائه وصفاته.
- ويحتوي هذا الدعاء على تلميح خفي بطلب الستر ونجاة العبد من عذاب الله سبحانه.
- أما عبارة “أتوب إليه”، فتعكس اعتراف العبد بما ارتكب من ذنوب ومعاصٍ.
- وتعكس هذه العبارة أيضًا الاعتراف بالتقصير في الطاعات، الندم على ما فات، والعزم على عدم العودة لهذه الذنوب.
آداب الاستغفار
- للاستغفار آداب ينبغي للعبد الالتزام بها، وأهمها إخلاص النية لله تعالى.
- فلا ينبغي للعبد قول “استغفر الله وأتوب إليه” وهو غافل عما يقول.
- كما يُفضل أن يكون العبد في حالة طهارة، فهي ليست شرطًا ولكنها تُعزز خضوع القلب.
- من أوازي الأبعاد الهامة للاستغفار هو الإلحاح، حيث ينبغي تكرار “استغفر الله وأتوب إليه” بدلًا من الاكتفاء بقولها مرة واحدة، فالله عز وجل يحب الإلحاح.
- أن يستشعر العبد الذل والخضوع لله تعالى، ويعلم بأنه يعتمد على الله وحده في غفرانه وقبوله لتوبته.
- فالعبد مفتقر إليه ولا أحد يستطيع أن يغفر ذنبه سواه.
صيغ الاستغفار في القرآن الكريم
- ورد ذكر الاستغفار في القرآن الكريم في مواضع عديدة، منها ما ورد بصيغة الأمر كما في قوله تعالى: “وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (البقرة 199).
- وكذلك في قوله: “وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إليه” (هود 3). ومنها ما جاء بمدح المستغفرين.
- وقد وصفهم الله تعالى بالإيمان والتقوى كما في قوله: “وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ” (آل عمران 17).
- هذا وقد أظهر الله فضل الاستغفار في وقت السحر، كما جاء في قوله: “وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” (الذاريات 18).
- وهذا يُظهر تفضيل الاستغفار في أوقات مخصوصة.
- يأتي أيضًا في صفات المتقين: “وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ” (آل عمران 133).
- ويستمر الله في الإشارة إلى الاستغفار في العديد من الآيات، مثل: “وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا” (النساء 110).
- علاوة على ذلك، يُعتبر الاستغفار مصدرًا لجلب الخير ودفع البلاء، كما أشار القرآن بقوله: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا” (نوح 10).
- وذلك أيضًا كما في قوله: “وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثمَّ توبُوا إليه” (هود 4).
- الاستغفار يُعتبر أيضًا السبب في رحمة الله كما يقول “لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ ترْحَمُونَ” (النمل 46).
- كما يُشكّل الاستغفار حماية من عذاب الله كما جاء: “وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهمْ يَسْتَغْفِرُونَ” (الأنفال 33).
صيغ الاستغفار في السنة النبوية
- تتضمن السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تتحدث عن الاستغفار وفضائله، وحرص النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
- بل كان صلى الله عليه وسلم يواظب على الاستغفار بالرغم من أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
- ومن أبرز العبارات التي كان يستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم هي: “استغفر الله وأتوب إليه”.
عن أبي هريرة
- ففي ذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: “والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة” (صحيح البخاري 5957).
- كما ورد عن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة” (صحيح مسلم 4977).
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
- روى رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب” (سنن ابن ماجه 7746).
- وكما جاء عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا” (سن ابن ماجه 3816).
عن الزبير رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من أحب أن تسره صحيفته، فليكثر فيها من الاستغفار” (شعب الإيمان للبيهقي 665).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي.”
- “يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي.”
- “يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة” (سنن الترمذي 3545).
عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل: “أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد.
- فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب.
- ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي.
- فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب.
- واعمل ما شئت فقد غفرت لك” (صحيح مسلم 5060).
كما يمكنكم التعرف على:
الاستغفار في سنن الأنبياء والمرسلين
- كما استخدم الاستغفار على لسان أنبياء الله ورسله، حيث كانوا يستغفرون ربهم ويحثّون أقوامهم على قول “استغفر الله وأتوب إليه.”
- فهذا هو آدم عليه السلام عندما أكل هو وحواء من الشجرة، قال: “رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ” (الأعراف 23).
- وكذلك نوح عليه السلام قال لله: “وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ” (هود 47).
- ولما قتل موسى عليه السلام رجلاً، قال: “رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (القصص 16).
- وأمر شعيب عليه السلام قومه بالاستغفار فقال: “وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ توبُواْ إليه إنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدودٌ” (هود 90).
- وكذلك جاء عن صالح عليه السلام، حيث قال: “وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إليه إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مّجِيبٌ” (هود 61).
فضل الاستغفار
- الاستغفار يحمل العديد من الفضائل التي وردت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
- من أهم فضائله أنه يُساهم في تطهير القلب وتنقيته، فالذنوب تترك آثارًا ثقيلة على القلب لا يُمكن استبدالها إلا بالاستغفار.
- كما أن المُكثر من الاستغفار سيتوصل إلى سعادة الدنيا وزوال همومه، وسعادة الآخرة بصفحتِه النقية.
- علاوة على أنه يُبعد العبد عن عذاب الله ويدخله ضمن عباده الذين يرحمهم الله في الدنيا والآخرة.
- الاستغفار هو طريق لدخول جنات الرحمن التي عرضها السموات والأرض.
- فضلاً عن كونه ليس وسيلة لدخول الجنة فحسب، بل يُرفع درجات العبد فيها أيضًا.
- فهو من السابقين في الجنان ذوي الدرجات العالية.
- فضلاً عن أنه يجلب البركات والخيرات والأسباب للنجاح.
- منها كثرة الأولاد وزيادة الأموال في الدنيا، بالإضافة إلى الأنهار والنعيم في الآخرة.
أحوال من قال استغفر الله وأتوب إليه
- صاحب عبارة “استغفر الله وأتوب إليه” لديه حالتان كما تفسرها العلوم:
الحالة الأولى
- أن يقول العبد “استغفر الله وأتوب إليه” وهو غير صادق في ذلك.
- يعني ذلك أن يستمر في ذنبه بينما يتحدث، ولا يشعر بالندم على ذلك.
- التوبة والاستغفار في هذه الحالة غير مقبولين، ويُعتبر كاذبًا في ادعائه أمام الله عز وجل، وبالتالي لن يحصل على فضائل الاستغفار.
الحالة الثانية
- أن يقولها العبد بصدق، نادمًا على ما فعله، وعازمًا على عدم العودة إلى ذلك.
- هذه هي نوعية المستغفرون الحقيقيون الذين ينالون كل الفضائل وسيفوزون بالتوبة والمغفرة والجنات في الآخرة بإذن الله.
أفضل استغفار مستجاب
أفضل استغفار هو:
- دعاء سيد الاستغفار: (اللَّهمَّ أنتَ ربِّي، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، خَلقتَني وأَنا عبدُكَ، وأَنا على عَهْدِكَ ووعدِكَ ما استطعتُ، أعوذُ بِكَ من شرِّ ما صنعتُ، وأبوءُ لَكَ بنعمتِكَ عليَّ، وأعترفُ بِذنوبي، فاغفِر لي ذنوبي إنَّهُ لا يَغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ).
- حديث النبي: (رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ، وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ).
- حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ).
- حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه)، من قاله غفر له وإن كان فرَّ من الزحف.
- حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وأَسْرَرْتُ وأَعْلَنْتُ، أنْتَ إلَهِي لا إلَهَ لي غَيْرُكَ).
- حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللهمَّ اغفرْ لي وارحمْني وتبْ عليَّ إنك أنت التوابُ الرحيمُ أو إنك توابٌ غفورٌ).
أدعية الاستغفار من الذنوب
- اللهم اغفر لي وارحمني، وتب عليّ، إنك أنت التواب الرحيم.
- اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
- أستغفر الله ربي من كل ذنب وأتوب إليه.
- اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني.
- اللهم إني أستغفرك لكل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لكل ذنب لم أتوب منه.
- رب اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم.
- اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني.
- اللهم إني أستغفرك من كل ذنب أذنبته، أو خطيئة ارتكبتها، أو سيئة فعلتها.
- أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.
- اللهم اغفر لي خطيئتي، وجميع ما ارتكبته من ذنوب، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.