يعتبر الربيع بن حبيب الفراهيدي أحد أبرز الشخصيات العلمية في الأوساط الإباضية، حيث يُعدّ ثالث أئمة العلم عندهم ورائداً في مجالي الحديث والفقه. تميزت معرفته العميقة بالتفسير والحديث، مما أهله لتولي رئاسة الإباضية في البصرة بعد شيخه أبو عبيدة مسلم. في هذا المقال، سنستعرض سيرة الربيع بن حبيب وتفاصيل حياته.
من هو الربيع بن حبيب الفراهيدي؟
الإمام الأباضي الربيع بن حبيب بن عمرو بن الربيع بن راشد الأزدي الفراهيدي العماني، يعرف بلقب “أبو عمرو البصري”. يُعتبر الربيع أحد أعلام الإباضية، حيث يأتي ترتيبه الثالث بين العلماء الأباضية بعد أبو عبيدة وجابر بن زيد.
مولد الربيع بن حبيب ونشأته
تشير أغلب المصادر إلى أنه وُلِد في غضفان، وهي إحدى القرى الواقعة على ساحل عمان، في الفترة ما بين عامي 75-80 هجرياً. نشأ الربيع بين أحضان عائلته الطيبة والتي كان من أهم أعضائها والده الصالح حبيب بن عمرو. بعد قضاء طفولته في عمان، انتقل إلى البصرة، حيث بدأ مسيرته التعليمية في علوم التفسير والفقه والحديث، ليصبح واحداً من أبرز علماء المدينة، مما أهله لتولي القيادة بعد أبي عبيدة في رئاسة الدعوة الأباضية.
أهم شيوخ أبي عمرو البصري
درس الربيع على يد العديد من العلماء البارزين مثل أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وضّام بن السائب، وأبي نوح صالح الدهان. وقد قال الربيع نفسه: “أخذت الفقه من ثلاثة، وهم أبي عبيدة وأبي نوح وضّام”. استقى علمه أيضاً من التابعين الذين عاشوا في عصره مثل عمرو بن هرم و حمادو بن سلمة، إضافةً إلى شيوخ آخرين مثل محمد بن سيرين، مجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح. وقد بلغ عدد شيوخ الربيع أكثر من 25 شيخاً.
مكانة الربيع بن حبيب عند الأباضية ودوره الدعوي
لقد كانت مكانة الربيع بن حبيب رفيعة جداً بين الأباضية في المشرق والمغرب. وتُعزى هذه المكانة لتقواه وميله للعلم وأعماله التي كانت في صالح المسلمين. يُذكر أن الشيخ أبو عبيدة كان يصف الربيع بأنه “ثقتنا وأميننا”، مما يبرز مكانته المميزة داخل صفوف تلاميذه. ومن الجدير بالذكر أنه لا يُمكن أن يخلُو أي كتاب إباضي، سواء كان قديماً أو حديثاً، من ذكر اسمه. يُلاحظ أيضاً أن الربيع بن حبيب الإباضي مختلف عن الربيع بن حبيب أبو سلمة، الحنائي من اليمامة، والربيع بن حبيب الكوفي.
بعد وفاة الشيخ أبي عبيدة، تولى الربيع ناصية التدريس والتأليف، ليكون من المساهمين البارزين في الحركة العلمية في البصرة، كما قام بتوجيه النشاط العلمي نحو عمان واليمن. تولى أيضاً رئاسة الدعوة وتسيير أمورها والإشراف على دول الإباضية وحل قضاياها. بفضل أعماله الخيرية مثل توزيع الصدقات، كان للربيع مكانة خاصة في قلوب طلاب المدرسة الإباضية، واعتلى مكانة المستشار بين علماء الدعوة، كما كان مرجعاً لسياسات الدول التي أسسها أبو عبيدة في المغرب وعمان.
أثر الربيع بن حبيب على أهل الإباضية
يتجلّى تأثير الربيع بن حبيب من خلال مجموعة من الفتاوى وأقوال الفقه التي دُوّنت في كتب الإباضية. من بين هذه المؤلفات كتاب رواه عن شيخه ضمام بن السائب عن جابر بن زيد، تحت مسمى “آثار الربيع”، والذي يحتوي على فتاوى الشيخ جابر بن زيد وجمعه أبو صفرة عبد الملك بن صفرة. لا زال هذا الكتاب يُعتمد عليه في حل بعض المسائل التي تنشأ بين مشايخ أهل الدعوة. يُعتبر أيضاً كتاب المسند المعروف بـ “الجامع الصحيح” من أهم أعماله. ويرى أهل الإباضية أن مسند الربيع بن حبيب هو من أصح كتب الأحاديث من حيث السند، بفضل الأحاديث التي رواها عن شيخه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة عن جابر بن زيد.