أسباب اتباع سياسة التقشف المالي
تعتبر سياسة التقشف المالي خياراً تتبناه الحكومات لعدة أسباب، ومنها:
تباطؤ النمو الاقتصادي
تقوم الحكومات بضخ السيولة في السوق كوسيلة لمواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي، الذي قد يصاحبه ارتفاع في معدلات البطالة وتراجع في مستويات الاستهلاك. تتمثل الإجراءات في خفض الضرائب وتعزيز خلق فرص العمل، مما يسهم في تحسين الدورة الاقتصادية الوطنية. ولكن، قد يكون لهذا الأمر نتائج غير مرغوبة، مثل انخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار السلع بسبب زيادة الطلب.
يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات التضخم، مما يدفع الحكومات إلى اتخاذ قرارات تقشفية تشمل تقليص النفقات العامة ورفع الضرائب، وهو ما يترتب عليه انخفاض السيولة المتاحة في السوق وارتفاع مستويات البطالة.
معالجة الديون الحكومية
تلجأ الحكومات أحياناً إلى سياسات تقشفية كوسيلة للتفاوض مع الدائنين، بهدف الحصول على تخفيض لمعدلات الفائدة على الديون. على سبيل المثال، نجحت اليونان في خفض الفائدة على ديونها بعد تنفيذ أول برنامج تقشف خلال الأزمة الأخيرة.
التصدي للانكماش الاقتصادي
يؤدي الانكماش الاقتصادي إلى دفع الحكومات نحو تبني سياسات تقشفية. ففي أعقاب الانكماش الذي حدث سنة 2008، اعتمدت العديد من الحكومات الأوروبية سياسات مالية صارمة للتعامل مع تراجع إيرادات الضرائب.
تعزيز الثقة في إدارة الميزانية
تسعى الحكومات من خلال سياسات التقشف إلى تعزيز الثقة في إدارتها للميزانية الوطنية، مما يساهم في زيادة الكفاءة المالية. كما تعزز هذه السياسات دور القطاع الخاص في الاقتصاد. فمكافحة التهرب الضريبي والتجنب الضريبي تعمل على زيادة الإيرادات ومساعدة دافعي الضرائب، مع فتح المجال لخصخصة الصناعات المملوكة للدولة.
دعم النمو الصناعي المحلي
تتبع الحكومات إجراءات لدعم الصناعة المحلية، مثل فرض ضرائب، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، بهدف تقليل الصادرات وزيادة تعزيز الصناعات المحلية.
وجهات نظر حول سياسة التقشف
تباينت آراء الاقتصاديين حول سياسة التقشف، حيث انقسموا إلى فريقين: مؤيد ومعارض، وفيما يلي توضيح لمواقف كل منهما:
- الفريق المؤيد:
يعتقد المؤيدون لسياسة التقشف أن هذه السياسات تعزز من دافعية أصحاب الأعمال، وتحد من تدخل الحكومة في السوق، مما يؤدي إلى تقليل الدين العام. وفقاً لرؤية جون كوكرين من جامعة شيكاغو، يعتبر أن كل دولار تنفقه الحكومة ينعكس سلباً على قلة مثيله في القطاع الخاص، وأن الوظائف الحكومية قد تؤدي إلى تقليص فرص العمل في القطاع الخاص.
- الفريق المعارض:
في الجهة الأخرى، يعتبر المعارضون، مثل مارك بليث، أستاذ الاقتصاد في جامعة براون، أن التقشف هو فكرة ضارة تؤدي إلى تعقيد الأوضاع الاقتصادية. ويرى أن الحكومة قد تتمكن من تحسين وضعها المالي، إلا أن التكلفة الاجتماعية لهذه السياسات تكون مرتفعة جداً.