نماذج من أسلوب الاختصاص في القرآن الكريم
يساهم أسلوب الاختصاص في تعزيز المعنى وتوكيده، مما يؤدي إلى زيادة وضوحه وبيانه. إنه يجعل الكلام أكثر قوة وبلاغة من خلال الاختصار، حيث يمكن حذف الفعل والفاعل معاً. ولهذا الأسلوب أنواع وأحكام يمكن تلخيصها كما يلي:
- الاختصاص المعرف بأل.
ومن الأمثلة على ذلك قوله -تعالى-: (قالوا إِنَّ لَنا لَأَجرًا إِن كُنّا نَحنُ الغالِبينَ).
- اسما المختص بلفظ (أي/ أيها أو أية/ أيتها).
حيث يُعد هذين اللفظين مختصين من حيث إلزامهما حالة الإفراد وضرورة لاحق (ها) بهما. ومثال ذلك قوله -تعالى-: (أَيًّا ما تَدعوا فَلَهُ الأَسماءُ الحُسنى)، وكذلك قوله -تعالى-: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ).
الاختصاص والنداء
يمكن أن يظهر الاختصاص بشكل مشابه للنداء، غير أن الأول يرتبط بالمتكلم أو المخاطب، بينما الثاني يقتصر على المخاطب فقط. ومن الأمثلة على ذلك قوله -تعالى-: (قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ). قد يختلف أسلوب الاختصاص والنداء في بعض الحالات من حيث اللفظ والمعنى.
ومن الأمثلة على ذلك أن يأتي الاسم المختص منصوبًا لفظاً وليس مكاناً فقط، مع كونه مفردًا معرفًا. أما النداء فهو يُبنى على الضم مع كونه مفردًا معرفًا، كما في قوله -تعالى-: (وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
أسلوب الاختصاص في اللغة العربية
يُعرف الاختصاص في علم النحو بأنه تخصيص حكم ينسب إلى ضمير ما بعبارة تأتي بعده تحمل اسمًا ظاهرًا ومعرفاً. ويتكون أسلوب الاختصاص من أربعة عناصر رئيسية كما يلي:
- ضمير يحمل طابع العموم والإبهام.
حيث يشمل الضمير في عمومه أحداثًا عديدة، بينما الاسم المعرف الذي يأتي بعده يكون أقل عددًا.
- اسم ظاهر ومعرف يدل على ما يعنيه الضمير.
هذا الاسم يحدد المقصود من الضمير ويعمل على تخصيصه وتوضيحه، مما يقلل من عمومه وإبهامه، كونه أخص من الضمير.
- انطلاق ذلك الحكم إلى الاسم الظاهر المعرف.
لأن الاسم يتشارك مع الضمير في الدلالة، ويجري عليه الحكم المعنوي الذي يسري على الضمير، مما يجعل هذا تخصيصاً يقتصر على جزء معين من الشمول الذي يقدمه الضمير. كقوله: (نحن- العرب- أقرى الناس ضيفاً)، حيث “نحن” هو الضمير العام المبهم، و”العرب” هو الاسم المعرف والمختص، ويعتبر إقراء الضيف هو الحكم الذي يشمل على المبتدأ.
- حكم معنوي يُعطى لذلك الضمير.
تعريف الاختصاص
الاختصاص في اللغة يعني الانفراد بشيء دون غيره، وهو صفة مشتقة من الفعل خصص، لذا فإنه يشمل كل لفظ يحمل معنى محدد بشكل خاص. وبالتالي، يرتبط اختصار اللفظ بذلك المعنى، ويسمى بذلك للتفريق بينه وبين اللفظ المشترك. وفي علم الاصطلاح، توضيح هذه الفكرة لا يختلف عن معناها اللغوي.
كما أشار ابن منظور: “خَصَّهُ بِالشَّيْءِ، يخُصّه خَصّاً، وخُصُوصاً، وخَصُوصِيَّةً، والفتح أفصح. ويُقال: اختص فلان بالأمر إذا انفرد به”.
ولدى الفقهاء، يُستخدم الاختصاص في معنيين كما يلي:
- يُطلق على الأعيان التي لا تقبل التملك، مثل النجاسات كالبول وزيت النجاسة وغيرهما.
- يُطلق أيضاً على الأعيان القابلة للتملك، ولكن لا يجوز لأحد امتلاكها لأنها مخصصة لخدمة المجتمع، مثل المساجد والمراكز والمقاعد في الأسواق.