يتساءل الكثيرون عن خطوات معالجة المياه الطبيعية، وهي عنصر أساسي لحياة الإنسان، حيث تشكل المياه 75% من سطح الأرض. لضمان صلاحيتها للشرب وللعديد من الاستخدامات الأخرى، يتوجب معالجتها لإزالة الميكروبات الضارة والملوثات والكائنات الحية الدخيلة. سيتناول هذا المقال جميع مراحل معالجة المياه الطبيعية حتى تصبح مناسبة للاستخدام البشري.
معالجة المياه
الغرض الرئيسي من معالجة المياه السطحية، مثل الأنهار والبحيرات والخزانات، هو إزالة الملوثات والجراثيم والكائنات الحية. تتم هذه المعالجة من خلال مجموعة من العمليات البيولوجية والفيزيائية والكيميائية، لضمان أن تكون المياه في النهاية صالحة للشرب.
بعد تفشي وباء الكوليرا في لندن عام 1854، والذي تم ربطه بمياه الشرب الملوثة، بدأت الولايات المتحدة في استخدام الكلور لتعقيم المياه، على غرار ما بدأت به الدول الأوروبية في ذلك الوقت.
تطور مفهوم معالجة المياه بعد ذلك، حيث تم اكتشاف إمكانية الاستعانة بالأوزون لتنقية مياه الشرب. وفي عام 1914، دشنت السلطات الصحية العامة أول نظام لمياه الشرب في الولايات المتحدة.
مراحل معالجة المياه الطبيعية
فيما يلي مراحل معالجة المياه حتى تصبح صالحة وآمنة للاستخدام:
1- مرحلة التخثر
تعد مرحلة التخثر (أو الترويب) المرحلة الأولى في معالجة مياه الشرب، حيث يتم إضافة مواد كيميائية ذات شحنات موجبة إلى الماء، مما يُحيِّد الشحنة السالبة للجسيمات والأتربة. يؤدي ذلك إلى ارتباط الجسيمات مع هذه المواد لتشكيل مواد أكبر حجمًا تعرف بـ “الفلوك”.
2- مرحلة الترسيب
يهدف حوض الترسيب إلى تجميع أكبر قدر ممكن من المواد العالقة في الماء الناتجة عن عملية التخثر. يتم إدخال الماء إلى أحواض الترسيب بعد الانتهاء من مرحلة التخثر، ويمكث فيها لمدة تصل إلى أربع ساعات.
تصمم الأحواض بشكل مستطيل أو دائري، حيث يسمح التصميم المستطيل بدخول الماء من الجوانب القصيرة، بينما التصميم الدائري يتم فيه إدخال الماء من المركز. يتم تجهيز الجزء السفلي من الحوض بشكل يميل نحو القاع لجمع الملوثات. عندما تتزايد نسبتها، يتم التخلص منها بواسطة كاسحة الأطيان، إذ تتوافر في قاع الحوض فتحات لتفريغ الملوثات.
تغسل الأحواض بشكل دوري لإزالة المواد التي يصعب على الكاسحة إزالتها. وقد تصل نسبة الملوثات المتجمعة إلى 90% أو أكثر، حسب جودة المياه وطرق عمل وحدات التخثر والترسيب. تعتمد كمية المواد المترسبة كذلك على مدة بقاء المياه وسرعة تدفقها.
3- مرحلة الترشيح
تتعدد طرق الترشيح لمعالجة مياه الشرب، وتعتمد على جودة المياه الخام. تتم العملية من خلال تدفق المياه عبر مواد تعمل على إزالة الملوثات. غالبًا ما تكون هذه المواد عبارة عن وسط حبيبي مثل الرمل أو الفحم أو الكربون المنشط. ومن بين طرق الترشيح الشائعة: الترشيح عالي المستوى، والترشيح البطيء بالرمل، وترشيح دياتومي للأرض.
ثمة نوع آخر من الترشيح، يُستخدم بشكل واسع في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة، وهو الترشيح الغشائي. يتم فيه تدفق المياه عبر غشاء يشبه مصفاة القهوة. ومع ذلك، ليست هذه الطريقة مناسبة للمياه الملوثة بشدة، إذ قد تسد المواد الصلبة الغشاء.
4- التعقيم
تتم عملية التعقيم باستخدام مواد مثل غاز الكلور وثاني أكسيد الكلور، بالإضافة إلى إمكانية استخدام الأشعة فوق البنفسجية وغاز الأوزون وهيبوكلورات الصوديوم.
لكل من هذه الأساليب بعض العيوب، فالأشعة فوق البنفسجية تعمل كمعقم لحظي، بينما يتفاعل غاز الأوزون بسرعة ولا يؤمن الحماية اللازمة أثناء انتقال المياه. يعتبر الكلور الأقل تكلفة والأسهل في الاستخدام، كما يعد من أقوى المطهرات ضد الملوثات.
إضافة الكلور تتم في خزانات المياه قبل وصولها لتلك المخازن بعد عملية الترشيح، ويحتاج الكلور من 20 إلى 30 دقيقة لتفاعل مع الملوثات والجراثيم.
أما غاز ثاني أكسيد الكلور، فهو ضار جدًا، حيث يترك كميات كبيرة من مركبات الكلورات والكلوريدات التي تضر بصحة الإنسان، ولهذا تخصص بعض محطات معالجة المياه وحدات إضافية للتخلص من التركيز العالي لهذه الشوائب.
في ختام المقال، تم توضيح مفهوم معالجة المياه الطبيعية وأهميتها، بالإضافة إلى استعراض مراحل معالجة المياه حتى تصبح صالحة للشرب والاستخدام الآدمي.