يحفل التاريخ الإسلامي بالعديد من الشخصيات البارزة والمُلهمة، ومن بينها قصة أسماء ذات النطاقين، التي تمثل نموذجًا للمرأة المؤمنة القوية والمتواضعة في آن واحد. في هذا المقال، سنستعرض من هي أسماء ذات النطاقين، وسنسلط الضوء على جوانب مختلفة من قصتها.
من هي أسماء ذات النطاقين
عند الحديث عن تفاصيل حياة أسماء ذات النطاقين، نُشير إلى أنها الصحابية الجليلة ابنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولدت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بحوالي أربعة عشر عاماً.
أسماء هي ابنة الصحابي الجليل أبي بكر الصديق، الذي كان أول من أسلم من الرجال، وصاحب النبي في مجموعة من الغزوات، كما أنه كان أول الخلفاء الراشدين بعد وفاة الرسول.
أما تسمية أسماء بـ”ذات النطاقين”، فتعود إلى تلك اللحظة التاريخية التي شقت فيها خمارها إلى نصفين لتضع في أحدهما زاد النبي وفي الآخر قِرْبته، وذلك حرصًا منها على تزويد النبي وأبي بكر بالطعام والماء خلال هجرتهم إلى المدينة المنورة.
قصة أسماء ذات النطاقين
اعتنقت أسماء الإسلام فور عودة والدها إلى المنزل وقد زفه نبأ نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أعلن أبو بكر إسلامه لأسرته، وكانت أسماء من أوائل من اتبعوه بسبب حبها الكبير له.
تزوجت أسماء رضي الله عنها من الصحابي الزبير بن العوام قبل الهجرة، وكان الزبير فقيرًا، حيث لم يكن يملك سوى فرس كانت أسماء تعتني به. وقد تحلت أسماء بالصبر والشجاعة، وساعدت زوجها في مواجهة صعوبات الحياة.
كانت أسماء تُعنى بنفسها وبأهل بيتها بشكل كبير، حيث كانت تدق النوى للفرس وتحمله على رأسها، وكان الناس يشفقون على حالها ويتأهبون لمساعدتها، لكنها كانت ترفض المساعدة، حتى أُحضر لها والدها خادمًا لمساعدتها لاحقًا.
مواقف أسماء ذات النطاقين أثناء الهجرة
خلال الهجرة إلى المدينة، كانت أسماء حاملًا، وأنجبت عبد الله بن الزبير ليكون أول أبناء المهاجرين. وقد وردت في كتب السيرة مواقف عدة لأسماء رضي الله عنها خلال هذه الحقبة، نذكر منها:
- رفضت أسماء الإجابة على أبا جهل عندما سألها عن مكان والدها، مما أدى إلى تعرضها للضرب الشديد، لكن هذا لم يُثنيها عن مبدأها في الصمود وعدم الكشف عن أي معلومات تخص والدها والنبي صلى الله عليه وسلم.
- زار أبي قحافة ابنته أسماء في منزل أبي بكر بعد معرفته بخبر الهجرة وكان ضريرًا؛ وعندما سألها إن ترك والدها لهم شيئًا، جمعت بعض الحصى وأعطته ليشعر بأن ابنه ترك لهم ثروة.
- كانت أسماء حريصة على إعداد الماء والطعام لأبي بكر والنبي، حيث قامت بشق خمارها لتخصيص نصفه للطعام والنصف الآخر للشراب، مما أدى إلى تسميتها بذات النطاقين.
صفات أسماء بنت أبي بكر
يُعرف عن الصحابية أسماء رضي الله عنها مجموعة من الصفات الحميدة، نذكر أبرزها فيما يلي:
- محبتها الكبيرة لوالدها، مما كان له أثر على شخصيتها، وكونها واحدة من أوائل المسلمين، بالإضافة إلى خدمتها للنبي ووالدها خلال فترة الهجرة.
- تواضعها الشديد، حيث حرصت على خدمة نفسها بنفسها حتى أحضر لها والدها خادمًا لمساندتها في نهاية المطاف.
- قوتها، حيث لم تخشى لوم الآخرين عند الدفاع عن الحق، ووقفت بشجاعة في وجه الحجاج وحثت ابنها على ذلك.
- صبرها، فقد واجهت وفاة ابنها بيد الحجاج، في وقت كانت فيه قد تجاوزت سِنّها.
توفيت أسماء بعد فترة قصيرة من وفاة ابنها، حيث كانت تبكي عليه بعد أن قتله الحجاج. ويقال إنها توفيت عن عمر يناهز السبعين عامًا، وكانت آخر من توفي من المهاجرين والمهاجرات.
تُظهر السطور السابقة المعالم الرئيسية لقصة أسماء ذات النطاقين، حيث كانت تُعرف بحبها العميق لوالدها وللرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كرست نفسها لخدمتهم خلال الهجرة، كما تجلت شجاعتها في مواقف عدة أثناء هذه الفترة، فضلاً عن تواضعها وصبرها، خاصةً عندما فقدت ابنها.