هجاء المتنبي لكافور
كتب أبو الطيِّب المتنبي هجاءً لكافور، حيث قال:
ألم يكن في هذه الدنيا كَرِيمٌ
يزيلُ بالكرم هموم القلوب؟
أليس في هذه الدنيا مكانٌ
يسعد فيه الجار الساكن؟
تشابهتِ البهائم والعُبَد،
تجمع علينا والمماليك والصميم.
ولا أدري هل هو داءٌ حديث أصاب الناس،
أم هو داء قديم مستمر.
وجدتُ في أرض مصر عبيداً،
كأن الحر بينهم يتيم.
كأن الأسود اللابي بينهم
غرابٌ يحيط به رخم وبوم.
مدحتُه فكان في ذلك هوانٌ،
فهل من عذرٍ للذكي يا حليم؟
وعندما هجوتُه، وجدت عيَّاً،
فهل من عذرٍ لابن آوى يا لئيم؟
فهل هناك عاذرٌ في ذلك أم لا،
فالهدف إلى السقم السقيم.
إذا جاء الإساءة من لئيم،
فمن ألوم المُسيء يا كرم؟
كما قال يهجوه في الأبيات التالية:
وماذا في مصر من المُضحكات،
لكنها ضحكٌ كالبكاء.
هناك نبطياً من أهل السواد،
يُدرس أنساب أهل الفلا.
وأسود مِشفره نصفه،
يقال له أنت بدر الدجى.
وشعر مدحت به الكركدن،
بين القريض وبين الرقى.
فما كان ذلك مدحاً له،
ولكنه كان هجاءً للورى.
وقد ضل قومٌ بأصنامهم،
فأما بزق ريحٍ فلا.
وتلك صممٌ وهذا ناطق،
إذا حركوه انتشى أو هذى.
ومن جهلت نفسه قدره،
رأى غيره منه ما لا يرى.
هجاء المتنبي للأعور بن كروس
وقال أبو الطيِّب المتنبي في هجاء الأعور بن كروس:
اغفر لي، فداءً لك، واحبني من بعدها،
لتخصني بعطيةٍ منكَ تُقرِّبُني.
وإنه المُشير عليك في ضلالتي،
فالحُرّ مُمتَحَن بأولاد الزنى.
وإذا الفتى طرح الكلام مُعَرضاً،
في مجلسٍ يأخذ الكلام الذي عَناه.
ومكايد السفاهاء واقعةٌ بهم،
وعداوة الشعراء بئس المقتنى.
لعنت مقارنة اللئيم، فإنها
ضيفٌ يجرُّ من الندامة ضيفنا.
غضب الحاسد إذا لقيتك رضاً،
رزءٌ أخفُّ عليَّ من أن يُوزن.
هجاء المتنبي لأبي فرج السامري
قال المتنبي في هجاء أبي فرج السامري:
أسامرِّيُّ، ضحكة كل رأي،
فطنتَ وكنتَ أغبى الأغبياء.
صغُرتَ عن المديح فقلت هجاء،
كأنكَ ما صغُرتَ عن الهجاء.
وما فكرت قبلَك في محالٍ،
ولا جربت سيفي في هباء.
هجاء المتنبي لوردان بن ربيعة الطائي
قال المتنبي في هجاء وردان بن ربيعة الطائي:
لئن كانت طيء لئاماً،
فالألم منها ربيعة أو بنوه.
وإن تكن طيء كراماً،
فوردانٌ لغيرهم أبوه.
مررنا منه في حسما بعبد،
يمجُّ اللؤم منخره وفوه.
أشذَّ بعِرسهِ عني عبيدي،
فأتلفهم ومالي أتلفوه.
فإن شقيت بأيديهم جيادي،
لقد شقيت بمنصلي الوجوه.
هجاء المتنبي لأبي دلف بن كنداج
قال أبو الطيِّب في هجاء أبي دلف بن كنداج:
اهوِن بطول الثواء والتلف،
والسجن والقيد يا أبا دلف.
غير اختيارٍ قبلت برَّكَ لي،
والجوع يُرضي الأسود بالجيف.
كن أيها السجن كيف شئت، فقد،
وطنت للموت نفس معترفة.
لو كان سكني فيكَ منقصةً،
لم يكن الدر ساكناً في الصدف.
هجاء المتنبي لسوار الدليمي
هجاء المتنبي في هجاء سوار الدليمي:
بقية قوم آذنت بوباء،
وأنضاء أسفار كشراب عقار.
نزلنا على حكم الرياح بمسجد،
علينا لها ثوباً من حصى وغبار.
خليليَّ ما هذا مُناخاً لمثلنا،
فشدّا عليها وارحلا بنهار.
ولا تُنكرا عصف الرياح فإنها،
قرى كل ضيف بات عند سوار.