مفهوم النية
تشير النية إلى المعاني التالية في اللغة والاصطلاح:
- لغويًا: تعبر عن توجه النفس نحو العمل.
- اصطلاحياً: هي تصديق القلب بإنجاز أمر معين والعزم عليه بدون تردد.
- مكانها: يوجد في القلب، ومن المباحات التلفظ بها، وتُؤدى في بداية العبادة، والغرض منها هو تمييز العبادات عن العادات، وكذلك التمييز بين العبادات نفسها.
أهمية النية
لا يُقبل العمل عند الله -سبحانه وتعالى- من دون نية صادقة خالصة لوجهه الكريم، حيث تعد النية الشرط الأساسي لقبول العمل. ويشترط أيضًا أن يتوافق العمل مع الشريعة وفقًا لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-. إذ يقول الله -عز وجل- في تأكيد أهمية النية: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، كما ذكر -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).
أنواع النية
تمتلك كل عمل نيته الخاصة؛ فلكل صلاة نيّة، ولكل نوع زكاة كذلك، وسنقوم بتصنيف تنوع النيات كما يلي:
من حيث الكيفية
تعددت آراء الفقهاء بشأن التلفظ بالنية عند بداية العمل، بالإضافة إلى احتفاظها في القلب، فيما يلي ثلاثة آراء رئيسية:
- استحباب التلفظ بها، وهو ما يُتفق عليه من قبل الشافعية والحنابلة.
- اعتبر البعض أن التلفظ بالنية بدعة، لكن يُستحسن للتغلب على الوسوسة، وهذا رأي الحنفية.
- يرى المالكية أن التلفظ بها ليس الأولى، لكن يُستحب للموسوسين لتوضيح الأمور في أنفسهم.
تعدد النيات للعمل الواحد
يمكن للمسلم أن ينوي أكثر من نية واحدة عند البدء في عمل واحد، وله -بإذن الله عز وجل- الأجر على كل نية، كما لو أنه قام بذلك العمل عدة مرات، وكل مرة بنية منفصلة. على سبيل المثال، إذا دخل المسلم المسجد هو ينوي زيارة ربه -سبحانه وتعالى- وينتظر الصلاة بعد الصلاة، ويبتعد عن مشاغل الحياة للتأمل، ويساعد من يحتاج الإرشاد، وهكذا. وهذا يؤكد ما قيل عن العلماء بأنهم تجار النيات.
الفارق بين العادات والعبادات
كما ذكرنا سابقًا، فإن النية تميز بين العبادات والعادات، ولكن المسلم العاقل يمكنه أن ينوي نية حسنة أثناء القيام بأعماله اليومية لكسب الأجر. ودليلنا على ذلك هو قول الله -سبحانه وتعالى-: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ)، حيث توضح هذه الآية أن المسلم يخصّص حياته وموته لربه -عز وجل-. وقد قال بعض العلماء: “أُحب أن يكون لي نية في كل شيء، حتى في نومي وأكلي وشربي”.
على سبيل المثال، عندما يتناول المسلم طعامه وشرابه، وهو يتأكد من أن مصدرهما حلال، ويذكر اسم الله -سبحانه وتعالى- قبل تناوله، ثم يشكر ربه -عز وجل- بعد الانتهاء، وينوي بهذا الطعام والشراب تقوية نفسه على طاعة الله -سبحانه وتعالى-. وبذلك يتحول هذا الطعام العادي إلى عبادة تساهم في حصد الحسنات، بينما قد يحصل الآخر على الطعام دون أن يحصل على أي أجر.