الغواصات
يمثل مصطلح “الغواصات” نوعاً خاصاً من السفن البحرية القادرة على الإبحار فوق سطح الماء وتحتها. تتميز الغواصة بتصميمها الانسيابي الذي يمكنها من الدفع الذاتي والغوص تحت السطح، كما يمكنها البقاء مغمورة لفترات طويلة. تُستخدم الغواصات بشكل شائع في المجال العسكري، حيث تتضمن تجهيزات مثل المناظير والطوربيدات أو الصواريخ. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن صواريخ مضادة للصواريخ وأخرى مضادة للغواصات. يُذكر أن الغواصات ظهرت لأول مرة خلال الحرب العالمية الأولى بين السنوات 1914 و1918، حيث كانت ألمانيا الدولة الأولى التي استخدمتها لتدمير السفن التجارية. وفي الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، لعبت الغواصات دوراً كبيراً في المحيط الأطلسي من قبل البحرية الألمانية وفي المحيط الهادئ من قبل البحرية الأمريكية. ومن المثير للاهتمام أن الغواصات تطورت لاحقاً لتعمل بالطاقة النووية في الستينيات من القرن العشرين، مما أتاح لها إطلاق صواريخها دون الحاجة للظهور على السطح، كما باتت قادرة على البقاء تحت الماء لعدة أشهر.
ترجع فكرة الغواصة إلى عام 1580 حين طرح الإنجليزي ويليام بورن دراسة حول ظاهرة طفو السفن على سطح الماء، لكنه لم يتمكن من تنفيذ ما قدمه من أفكار، إذ انتقلت براءة الاختراع إلى الهولندي كورنيليوس دربل الذي ابتكر أول غواصة سنة 1623، حيث تم نقلها على ظهر سفينة ثم تم إلقاؤها في نهر التايمز بواسطة 12 مجدفاً، لتصل إلى عمق 15 قدماً.
أقوى غواصات في العالم
تستمر عمليات تطوير الغواصات لتعزيز قوتها وكفاءتها، حيث يتم إدخال تحسينات تجعلها قادرة على منافسة الغواصات الأخرى. وفي هذا السياق، حصلت 5 غواصات على لقب الأقوى والأضخم في العالم، مرتبة حسب قوتها كما يلي:
- غواصة أكولا الروسية: وهذه غواصة ذرية استراتيجية تُعرف باسم “القرش” وأيضاً بلقب “تايفون” حسب حلف الناتو، وهي تُعتبر الأكبر في العالم، حيث يبلغ طولها 170 مترًا أي أطول من ملعب كرة القدم، وعرضها 23 مترًا. يمكنها حمل حوالي 20 صاروخًا نوويًا باليستيًا، وتمتاز بهيكلها الخارجي المصنوع من الفولاذ الخفيف، مما يمنحها القدرة على البقاء تحت الماء لمدة 180 يومًا. كما تستطيع الإبحار في الثلوج وتعمل على الوقود الصلب. في حال أطلقت الصواريخ التي تمتلكها، يمكن أن تُخلف دماراً هائلاً يصل إلى مستوى محو دول بأكملها.
- غواصة بوري الروسية: تُعتبر غواصة بوري جزءًا أساسيًا من القوة البحرية النووية الروسية، وذلك لقدرتها على اختراق الأنظمة الدفاعية الصاروخية في العالم.
- غواصة أوهايو الأمريكية: تم بناء هذه الغواصة بواسطة البحرية الأمريكية عام 1960، وبدأت الخدمة في عام 1996. تحمل 24 صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات، وتعمل بواسطة مفاعل يدفعها إلى سرعة تصل إلى 25 عقدة.
- غواصة مورينا الروسية: تطورت غواصة مورينا منذ ظهورها في الحرب الباردة في أربع مراحل، بدءًا من دلتا 1 في عام 1972، وصولاً إلى دلتا 4 القادرة على تنفيذ المهام بشكل أكثر هدوءًا.
- غواصة فانغارد البريطانية: بُنيت هذه الغواصة وبدأت الخدمة في عام 1993، شاركت في تحسينات منذ عام 2002. تميزت بقدرتها على الغوص وتحمل وزن يصل إلى 15,900 طن، وحمل 16 صاروخًا استراتيجيًا، مما يجعلها الأضخم التي أنتجتها المملكة المتحدة.
نظام عمل الغواصة
يعتمد مبدأ عمل الغواصة على قدرتها على التحكم في قوة الطفو. حيث تطفو الغواصة على الماء لأن وزن الماء الذي تزيحه يعادل وزنها. وعندما تتمكن الغواصة من تحريك الماء، تتولد قوة طفو تعاكس الجاذبية. لذلك، تم تزويد الغواصات بمعدات تتيح لها التحكم بقوة الطفو، مثل صهاريج وزن التوازن وخزانات احتياطية تعمل بالتناوب على الملء بالماء أو الهواء. عندما تكون الغواصة على السطح، تكون خزاناتها مليئة بالهواء، مما يجعل كثافتها أقل من كثافة الماء، وعندما ترغب في الغوص، تفتح خزاناتها لتملأ بالماء، مما يزيد كثافتها. بعد الوصول إلى العمق المطلوب، يتم توزان الكثافة بين الهواء والماء. كما تتحكم في اتجاه الغوص من خلال مجموعة الأجنحة القصيرة المعروفة باسم (hydroplanes) ودفّة الذيل لتوجيه الغواصة يسارًا أو يمينًا. بعض الغواصات مزودة بمحركات دفع ثانوية تمكن القائد من تدويرها بزاوية 360 درجة.
خصائص الغواصات
تمتاز الغواصات بعدة خصائص تجعلها مناسبة للعمل في البيئات المحيطة بها، ومن أبرز هذه الخصائص:
- ضبط درجات الحرارة: تحافظ الغواصة على درجات حرارة مناسبة للطاقم من خلال استخدام معدنها الذي يسخن الماء المحيط بها، حيث تستخدم في ذلك الطاقة الكهربائية المستمدة من محركات الديزل أو البطاريات أو المفاعل النووي.
- توفير المياه: جهزت الغواصات بنظام تقطير لمياه المحيط المالحة بهدف إنتاج مياه عذبة تستخدم في تبريد المعدات الإلكترونية ولتوفير مياه صالحة للشرب.
- الحفاظ على نسبة الأكسجين: تحتوي الغواصة على نظام محوسب يحافظ على توازن الأكسجين داخل الغواصة بإطلاق كميات منتظمة منه، حيث يُستخدم الأكسجين من خزانات مضغوطة أو مولدات أكسجين، في حين يُزال ثاني أكسيد الكربون بفضل أجهزة خاصة تعرف باسم (أجهزة غسيل الغاز).