يُعتبر مرض التصلب اللويحي واحدًا من الأمراض المزمنة التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، حيث يُحدث هذا المرض تأثيرًا كبيرًا على الدماغ والحبل الشوكي. يتسبب التصلب اللويحي غالبًا في تلف النسيج المحيط بالخلايا العصبية، والذي يُعرف بمادة المايلين، مما يؤدي إلى فقدان هذه الخلايا لمرونتها، ويترتب على ذلك توقف إشارات الجهاز العصبي عن الانتقال بين الدماغ وبقية أجزاء الجسم. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل الأسباب المحتملة للإصابة بالتصلب اللويحي والأعراض المرتبطة به.
التصلب اللويحي: تعريف
يُعرف التصلب اللويحي أيضًا بأسماء أخرى، مثل التصلب المنتثر، والنخاع المتعدد، والتهاب الدماغ، وتصلب الأنسجة المتعدد. تتواجد مادة المايلين الدهنية كعازل كهربائي يحيط بالألياف العصبية، بهدف تسريع نقل الإشارات العصبية عبر الجسم. هناك عدة أمراض تهاجم هذه المادة وتسبب تدميرها، والتصلب اللويحي هو أحدها، مما يؤثر سلبًا على التواصل بين الدماغ وبقية الأجسام.
أسباب مرض التصلب اللويحي
حتى الآن، لم يتم تحديد سبب رئيسي للإصابة بالتصلب اللويحي، لكن أظهرت الأبحاث أن هناك مجموعة من العوامل قد تساهم في ظهوره. على سبيل المثال، قد تؤدي العدوى الفيروسية أو البكتيرية، مع وجود عوامل بيئية معينة وقابلية جينية لدى الشخص، إلى تلف مادة المايلين بسهولة، مما يؤدي إلى ظهور المرض. وفيما يلي سنستعرض بعض العوامل المحتملة:
العوامل الجينية
تشير الدراسات إلى أن التوائم أحاديّة الزايجوت قد تكون معرضة للإصابة بالتصلب اللويحي بنسبة تتراوح بين 20% و35%. وهذا يوحي بأن العوامل الجينية تلعب دورًا متوسطًا في حدوث المرض، مما يعني أن الاعتماد على العوامل الجينية وحدها دون وجود عوامل أخرى ليس كافيًا.
العوامل البيئية
تُعتبر العوامل البيئية من بين أكثر العوامل تأثيرًا في ظهور التصلب اللويحي. أظهرت دراسة جغرافية أن فرصة الإصابة بالمرض تظل منخفضة للغاية في المناطق الاستوائية، بينما ترتفع بشكل كبير في المناطق الشمالية والجنوبية. كما يظهر أن العرق له تأثير كبير، حيث تكون احتمالية الإصابة أقل بين شعوب الأقصى.
نقص فيتامين د
فيتامين د هو أحد الفيتامينات الضرورية لجسم الإنسان، حيث يلعب دورًا في تنظيم المناعة. يوجد في الجسم نوعان من السيتوكينات: تلك التي تعزز الالتهاب والأخرى التي تقاومه. تعمل مستويات كافية من فيتامين د على زيادة السيتوكينات المضادة للالتهابات وتقليل المستويات التي تحفزها، مما قد يساهم في تقليل احتمال الإصابة بالتصلب اللويحي. وبالتالي، فإن سكان المناطق الاستوائية، الذين يتعرضون لأشعة الشمس بكثرة، يكونون أقل عرضة للإصابة مقارنة بمواطني المناطق الشمالية والجنوبية.
القصور الوريدي النخاعي المزمن
يُعتبر القصور الوريدي النخاعي المزمن أحد العوامل المرتبطة بالإصابة بالتصلب اللويحي، إلا أنه يُعد فرضية جدلية، حيث لا توجد أدلة قوية تثبت وجود علاقة مباشرة بينهما. تشير بعض الأبحاث إلى أن هذا القصور قد يتسبب في تراكم الحديد في أنسجة الدماغ، لكن لا يمكن اعتباره سببًا قاطعًا للإصابة بالتصلب اللويحي.
الأعراض المرتبطة بالتصلب اللويحي
تتميز أعراض التصلب اللويحي بعدم وجود نمط محدد، حيث قد تظهر بطريقة تدريجية في بعض الحالات، بينما قد تظهر بشكل مفاجئ في حالات أخرى. تتفاوت شدة الأعراض من خفيفة جدًا إلى شديدة، وقد تبقى بكاملها غير ملحوظة لسنوات قبل أن يتم اكتشافها بالصدفة، مثل إجراء فحص بالرنين المغناطيسي لأسباب أخرى. الأعراض تختلف حسب الأماكن المتأثرة في الدماغ، ومنها:
ضعف الأطراف
يُعد ضعف الأطراف أحد أبرز علامات التصلب اللويحي، حيث يشعر المريض بفقدان القوة أو السرعة أو المرونة في الأطراف، بينما قد يتعرض الجسم لضعف عام قد لا ينتبه له المريض إلا بعد ممارسة نشاط بدني مكثف. قد تظهر إلى جانب ذلك أعراض أخرى مثل التشنج وزيادة ردود الفعل العصبية.
الشلل التشنجي
يُصيب الشلل التشنجي حوالي 30% من مرضى التصلب اللويحي، وتتراوح شدة التشنجات بين المتوسطة إلى الشديدة. تؤثر هذه التشنجات على الحياة اليومية للمريض، مما يؤدي إلى صعوبة في أداء مهامه بشكل طبيعي.
التهاب العصب البصري
يعتبر التهاب العصب البصري من أعراض التصلب اللويحي، حيث يشعر المريض بانخفاض حدة الرؤية وقدرته على تمييز الألوان، وفي بعض الحالات يمكن أن تتطور الأعراض حتى تصل إلى العمى. عادةً ما تصيب هذه الأعراض عينًا واحدة، ولكنها قد تؤثر أيضًا على العين الأخرى، مصحوبةً بألم حول العين.
الأعراض الحسية
تشمل الأعراض الحسية المرتبطة بالتصلب اللويحي الشعور بالخدر، والتنميل، أو الوخز كما لو كانت الإبر تغرس. وفي بعض الأحيان، قد يعاني المريض من نقص في الإحساس أو حتى فقدان الشعور بالمنبهات الحسية.
ضعف المثانة
يُعتبر ضعف المثانة من الأعراض الشائعة لدى مرضى التصلب اللويحي، تتسبب في سلس البول، حيث يعاني أكثر من 90% من المرضى من هذه المشكلة.