حبيبتي
حبيبتي: في حال سُألتِ عني
في يومٍ من الأيام، فلا تتركي المجال للتفكير كثيراً
اهمسي لهم بكل فخر
(… يحبني… يحبني كثيراً)
عزيزتي: إذا أعربوا لك عن استنكارهم
كيف قصصتِ شعرك الحريري
وكيف حطّمتِ إناءً جميلاً
بعد أن ربيته لأشهر عدة
وكان يشبه الصيف في وطني
يمنح ظلاله العطرة
قومي بإخبارهم: (قصصت شعري
(… لأن من أحبّه يحبّه قصيراً
أميرتي: إذا رقصنا معاً
على ضوء الشموع لحننا الذي نحبّه
وحولنا كل شيء في ثوانٍ
فوجودنا كان شعاعاً ونوراً
وظنّ الجميع أنني في ذراعيك
كالفراشة التي تهمّ بالطيران
تابعي الرقص في سكون
… واجعلي من أضلعي سريراً لك
وارفعي صوتك بكل فخر:
(… يحبني… يحبني كثيراً)
حبيبتي: إذا أخبروك أنني
لا أملك الخدم والقصور
وليس في حوزتي عقد من الماس
لأتزيّن به عنقك الصغير
قولي لهم بكل قوة
يا حبي الأول والأخير
قولي لهم: (… يكفيني
(… أن لديه حباً لي كبيراً
حبيبتي، كم أحبك
فحبي لعينيك عظيم
… وسياستبقى عظيماً دائماً
حبيبتي تقرأ فنجانها
توقفي .. أرجوكِ .. عن قراءة الفنجان
حين تكونين معي..
لأنني أرفض هذا العبث الغير مبرر
في مشاعر الإنسانية.
فما الذي تودين معرفته، يا سيدة،؟
وما الذي تودين اكتشافه؟
أنتِ التي كنتِ على صدري
تطلبين الدفء والأمان
وتصهيلين في سبر الحب كالحصان..
أَلَمْ تقولي يوماً
إن حبي لك من عجائب الزمن؟
أَلَمْ تقولي إنني
بحرٌ من الرّقة والحنان؟
فكيف تطرحين الأسئلة، يا سيدة،
عنّي .. ملوك الجان؟
حيث أكون حاضراً..
وكيف لا تصدقين ما أقوله؟
وتطلبين المشورة من صديقك الفنجان؟
توقفي .. أرجوكِ .. عن قراءة الغيوب
إن كان هناك بشارة سعيدة
أو خبر… أو كان من حمامة تحمل في منقارها مكتوب
فأنا الشخص الذي سيطلق الحمامة
وأنا الشخص الذي سيكتب المكتوب..
قصيدة بلقيس
أشكركم ..
أشكركم . .
فحبيبتي قُتلت .. وأصبح بإمكانكم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدة
وقصيدتي اغتيلت ..
وهل توجد أمة على وجه الأرض
-إلا نحنُ- تغتال القصيدة؟
بلقيسُ …
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل
بلقيسُ ..
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا مشت ..
ترافقها الطواويس..
وتتبعها الأيائل ..
بلقيسُ .. يا وجعي..
ويا ألم القصيدة حين تلمسها الأنامل
هل يا ترى ..
بعد شعرك سترتفع السنابل؟
يا نينوى الخضراء ..
يا غجريتي الشقراء ..
يا أمواج دجلة ..
تلبس في الربيع بساقيها
أجمل الخلاخل ..
قتلوكِ يا بلقيس ..
أيّة أمة عربية تلك التي
تغتال أصوات البلابل؟
أين السموأل؟
والمهلل؟
والغطاريف الأوائل؟
فقبائل أكَلَت قبائل ..
وثعالب قَتَلَت ثعالب ..
وعناكب قتلت عنكبوتها ..
قسماً بعينيك اللتين إليهما ..
تأوي ملايين الكواكب
سأقول، يا قمري، عن العرب العجائب
فهل البطولة كذبة عربية؟
أم التاريخ كاذب مثلنا؟
بلقيسِ
لا تبتعدي عني
فإن الشمس بعدكِ
لا تضيء على السواحل
سأقول في التحقيق:
إن اللص أصبح يرتدي ثوب المقاتل
وأقول في التحقيق:
إن القائد الموهوب أصبح كالمقاول ..
وأقول:
إن حكاية الإشعاع هي أغبى نكتة قيلت ..
فنحن قبيلة بين القبائل
هذا هو التاريخ، يا بلقيس ..
كيف يفرق الإنسان بين الحدائق والمزابل
خمس رسائل إلى أمي
صباح الخير يا حلوة
صباح الخير يا قديسة القلب
مرت عامانِ يا أمي
على الابن الذي أبحر
برحلته الخيالية
وخبأ في حقائبه
صباح بلاده الأخضر
وأنجمها، وأنهارها، وكل شقيقها الأحمر
وخبأ في ملابسه
طرابين من النعناع والزعتر
وليلكة دمشقية..
أنا وحدي..
دخان سجائري يتسلل
ومقعدي يتضجر
وأحزاني عصافير
تفتش عن بيدر
عرفتُ نساء أوروبا..
عرفتُ عواطف الإسمنت والخشب
عرفتُ حضارة التعب..
وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر
ولم أعثر..
على امرأة تمشّط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها..
إليّ عرائس السكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنتشلني إذا أعثر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الابن الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيش عروسة السكر
فكيف.. فكيفَ يا أمي
غدوت أباً..
ولم أكبر؟
صباح الخير من مدريد
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلك الطفلة الطفلة
فقد كانت أحب حبيبة لأبي..
يدلّلها كطفلته
ويدعوها إلى فنجان قهوته
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمته..
ومات أبي
ولا زالت تعيش بحلم عودته
وتبحث عنه في أرجاء غرفته
وتسأل عن عباءته..
وتسأل عن جريدته..
وتسأل حين يأتي الصيف
عن فيروز عينيه..
لتنثر فوق كفيه..
دنانير من الذهب..