بدأ الاهتمام بعلم الاجتماع التربوي كأحد فروع علم الاجتماع منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. يهدف هذا العلم إلى دراسة الظواهر الاجتماعية والعلاقات التأثيرية التي تساهم في تشكيل الحياة الاجتماعية. وبالتالي، يعد علم الاجتماع التربوي من العلوم الهامة التي تتطلب دراسة معمقة في مواضيعها المتعددة، وفي هذا المقال، نستعرض الأهداف الرئيسية لهذا المجال البحثي.
أهداف علم الاجتماع التربوي
يركز علم الاجتماع التربوي على تحليل الظواهر الاجتماعية وتأثيراتها التربوية، حيث يسعى إلى فهم أساليب التربية المتبعة في المنازل والمدارس للتعرف على مدى التوافق بين المبادئ التربوية والقيم المجتمعية السائدة.
يعتبر علم الاجتماع التربوي أحد الفروع الأساسية لعلم الاجتماع وله أهداف متعددة يسعى المتخصصون لتحقيقها، ومن بين هذه الأهداف:
- استغلال الوسائل التربوية كوسيلة فعالة لنقل القيم الاجتماعية بشكل صحيح إلى أفراد المجتمع.
- تقييم تأثير الظواهر الحديثة على البيئة والتربية الاجتماعية، سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
- تحليل أثر الثقافات الاجتماعية على النظام التربوي العام، لإعادة توجيه هذا النظام بما يتناسب مع الاستراتيجيات التربوية المعتمدة.
- رصد دور المؤسسات التعليمية في توجيه الأفراد وتطوير مهاراتهم التربوية بشكل سليم.
- دراسة العقبات التي تعيق قدرة علم الاجتماع على التأثير في الاستراتيجيات التربوية والتعليمية.
- تطوير النظريات الاجتماعية المتنوعة.
- الإسهام في إصلاح المجتمع من خلال إعداد الأفراد ثقافيًا وحضاريًا، مما يرفع من مستوى تفكيرهم الاجتماعي لمواجهة التحديات المستقبلية.
تاريخ علم الاجتماع التربوي
انطلقت أبحاث علم الاجتماع في أواخر القرن التاسع عشر على يد مجموعة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع، الذين قاموا بتأليف كتب تتناول التطورات المجتمعية والنظم الاجتماعية التربوية.
صدر أول كتاب يحمل عنوان “علم الاجتماع التربوي” عام 1963، والذي تضمن أفكار العلماء السابقين بالإضافة إلى الدراسات الحديثة المعتمدة على تطوير مفاهيم علم الاجتماع التربوي.
كما تم نشر مجموعة من الكتب حول هذا الموضوع في عامي 1971 و1974، ومع نهاية القرن العشرين، حظي علم الاجتماع التربوي بمكانة بارزة بين العلوم الأخرى.
تقدم العديد من الفلاسفة بدراسة مواضيع علم الاجتماع التربوي، مثل تأثير البيئة على المجتمع وتأثير المجتمع على التربية، وذلك وفقًا لرؤية كل مجتمع تجاه الأسس التربوية المستندة إلى العادات والتقاليد السائدة فيه.
نظريات علم الاجتماع التربوي
يتضمن علم الاجتماع التربوي مجموعة من النظريات الاجتماعية التي تطبق في المجال التربوي، وهذه النظريات تشمل:
1- النظرية التفاعلية
تهدف هذه النظرية إلى تحليل القيم الاجتماعية وفهم العلاقة بين الأفراد والنظام التربوي، مع التركيز على تطبيق هذه النظرية في المدارس لتوضيح العلاقات الاجتماعية بين الطلاب والمعلمين.
2- النظرية المعرفية
تستند هذه النظرية إلى الربط بين مجموعة من المعارف والقيم الاجتماعية في مجال التربية، مما يسهل نقل المعرفة المتعلقة بالاجتماع التربوي إلى الأفراد بطريقة تسهم في فعالية التنشئة الاجتماعية.
ميادين علم الاجتماع وفروعه
وفقًا لآراء بعض الفلاسفة وعلماء الاجتماع، يتم تقسيم علم الاجتماع إلى عدة ميادين رئيسية تشمل:
1- رأي أوجست كونت
رأى أوجست كونت أن علم الاجتماع يمكن تقسيمه إلى قسمين رئيسيين كالتالي:
- الاستقرار الاجتماعي أو الاستاتيكي، الذي يهتم بدراسة النظم والظواهر الاجتماعية خلال فترات زمنية محددة في مجتمعات خالية من الاضطرابات.
- الديناميكي الاجتماعي أو التطوري، الذي يركز على دراسة ظواهر التغير الاجتماعي والحركة الاجتماعية.
2- رأي ابن خلدون
أما في رأي ابن خلدون، فقد قسم علم الاجتماع إلى أربعة ميادين رئيسية كما يلي:
- أصول المدنيات: يتعلق بدراسة المجتمعات البدوية والحضرية.
- السكان: يتناول توزيع الأفراد والظواهر المرتبطة بالكثافة السكانية.
- المورفولوجيا الاجتماعية: يهتم بدراسة الجغرافيا وتأثيرها على الحياة الاجتماعية.
- البحوث في النظم العمرانية: يشمل دراسة النظم الاجتماعية مثل النظام السياسي والاقتصادي والديني والعائلي.
يبرز علم الاجتماع كفرع أكاديمي يهتم بدراسة الظواهر والنظم الاجتماعية عبر منهجيات بحث دقيقة بهدف الوصول إلى قواعد وقوانين تحكم العلاقات الاجتماعية، وذلك لتحقيق النمو والإصلاح المجتمعي.