أروع ما عبّر به الشاعر نزار قباني عن الحب
- يقول الشاعر:
أنت معجبةٌ لي،
تقول: أغانيك تسكن في قلبي،
كعقدٍ أثمنه في صدري،
قريبٌ من كبدي،
فمنه أُكحل عيني،
وبيتٌ يتلون بلون عيوني،
وبيتٌ بأحمرار خدي،
فيزول عني البرد،
وأحفظ منه كثيرًا وكثيرًا،
كأنك رشة طيب ذكية،
قد تعطر برودة أيامي،
كسلة ورد،
جميلة في حمدي.
تفشي برودي،
وحسبك أنك في كل بيتٍ،
كسلة ورد.
لقد كفاني من المجد،
تسبيح ثغرٍ براق في حمدي.
- ويقول أيضًا:
بطاقة من يديها ترتعش،
فما أعظم تلك اليد،
تقول: عيدي الأحد.
كم ستكون عمرها؟
لو أخبرتك أن ما غنته فوق جبيني،
سوف تعطي، عصوراً جديدة.
وبرهة من عمرها،
يختبئ فيها الخلود.
ترى إذا حل الغد،
وسقطت التول الأسود،
وأزهار البهجة انتشرت،
وطاب المشهد.
ورد وحلويات، وأنا
تأخذني الحيرة.
بأي هدية أفدي،
حينما يحل الأحد،
بخاتم أم باقة؟
هيهات، لا أستطيع التقليد.
هل من يدلني؟
كيف وماذا أستعد لهذا اليوم؟
هل أهدي لها أشرطة من سوسن؟
أستشهدها بنجوم بواطني؟
أهديها،
أوه، ما أقلها!
من الذي يختار؟
لي من كروم المشرق،
من قمر محترق.
حقًا غريب العطر،
كأنها علبة سحرية لم يشأ صانعها أن يخلقها.
أحملها، غدًا لها،
أوه، ما أقلها!
لو كان بيدي الكوكب،
واللؤلؤ والزمرّد،
لزخرفت بها جميعا،
رافعةً لنهدها،
ومحبسًا لزندها.
هدية صغيرة تحمل روحي كلها،
لعلها،
عندما أحملها،
ستفرح.
يا مرتجى، يا أحد.
قصيدة “قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ”
- يقول امرؤ القيس:
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ
بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ،
فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُهُ
لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ.
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه،
وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ،
كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو
لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ،
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيِّهُم،
يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَمَّلِ.
وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ،
فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ،
كَدَأبِكَ مِن أُمِّ الحُوَيرِثِ قَبلَه،
وَجارَتِها أُمِّ الرَبابِ بِمَأسَلِ،
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً،
عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي.
أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنهُنَّ صالِحٌ،
وَلا سِيَّما يَومٍ بِدارَةِ جُلجُلِ،
وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي،
فَيا عَجَباً مِن كورِها المُتَحَمَّلِ.
فَظَلَّ العَذارى يَرتَمينَ بِلَحمِه،
وَشَحمٍ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ.
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ،
فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي.
تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَع،
عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ،
فَقُلتُ لَها سيري وَأَرخي زِمامَهُ،
وَلا تُبعِديني مِن جَناكِ المُعَلَّلِ.
فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ،
فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ.
إِذا ما بَكى مِن خَلفِها اِنصَرَفَت لَهُ،
بِشِقٍّ وَتَحتي شِقُّها لَم يُحَوَّلِ.
وَيَوماً عَلى ظَهرِ الكَثيبِ تَعَذَّرَت،
عَلَيَّ وَآلَت حَلفَةً لَم تُخَلَّلِ.
أَفاطِمَ مَهلاً بَعضَ هَذا التَدَلُّلِ،
وَإِن كُنتِ قَد أَزمَعتِ صَرمي فَأَجمِلي،
وَإِن تَكُ قَد ساءَتكِ مِنّي خِلقَةٌ،
فَسُلّي ثِيابي مِن ثِيابِكِ تَنسُلِ.
أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي،
وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ يَفعَلِ،
وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي
بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ.
وَبَيضَةِ خِدرٍ لا يُرامُ خِباؤُه،
تَمَتَّعتُ مِن لَهوٍ بِها غَيرَ مُعجَلِ.
تَجاوَزتُ أَحراساً إِلَيها وَمَعشَر،
عَلَيَّ حِراساً لَو يُسِرّونَ مَقتَلي.
إِذا ما الثُرَيّا في السَماءِ تَعَرَّضَت،
تَعَرُّضَ أَثناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ.
فَجِئتُ وَقَد نَضَّت لِنَومٍ ثِيابَه،
لَدَى السِترِ إِلّا لِبسَةَ المُتَفَضِّلِ.
فَقالَت يَمينَ اللَهِ ما لَكَ حيلَةٌ،
وَما إِن أَرى عَنكَ الغِوايَةَ تَنجَلي.
خَرَجتُ بِها أَمشي تَجُرُّ وَراءَن،
عَلى أَثَرَينا ذَيلَ مِرطٍ مُرَحَّلِ.
فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ وَاِنتَحى،
بِنا بَطنُ خَبثٍ ذي حِقافٍ عَقَنقَلِ.
هَصَرتُ بِفَودي رَأسِها فَتَمايَلَت،
عَلَيَّ هَضيمَ الكَشحِ رَيّا المُخَلخَلِ.
إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُه،
نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ.
مُهَفهَفَةٌ بَيضاءُ غَيرُ مُفاضَةٍ،
تَرائِبُها مَصقولَةٌ كَالسَجَنجَلِ.
كَبِكرِ المُقاناةِ البَياضِ بِصُفرَةٍ،
غَذاها نَميرُ الماءِ غَيرُ المُحَلَّلِ.
تَصُدُّ وَتُبدي عَن أَسيلٍ وَتَتَّقي،
Bِناظِرَةٍ مِن وَحشِ وَجرَةَ مُطفِلِ.
وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِفاحِشٍ،
إِذا هِيَ نَصَّتهُ وَلا بِمُعَطَّلِ.
وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ،
أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ.
غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلْو،
تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ.
وَكَشحٍ لَطيفٍ كَالجَديلِ مُخَصَّرٍ،
وَساقٍ كَأُنبوبِ السَقِيِّ المُذَلَّلِ.
وَتَعطو بِرَخصٍ غَيرِ شَثنٍ كَأَنَّهُ
أَساريعُ ظَبيٍ أَو مَساويكُ إِسحِلِ.
تُضيءُ الظَلامَ بِالعِشاءِ كَأَنَّهُ
مَنارَةُ مَمسى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ.
وَتُضحي فَتيتُ المِسكِ فَوقَ فِراشِه،
نَؤومُ الضُحى لَم تَنتَطِق عَن تَفَضُّلِ.
إِلى مِثلِها يَرنو الحَليمُ صَبابَةً،
إِذا ما اِسبَكَرَّت بَينَ دِرعٍ وَمِجوَلِ.
تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِب.
وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ،
أَلا رُبَّ خَصمٍ فيكِ أَلوى رَدَدتَهُ،
نَصيحٍ عَلى تَعذالِهِ غَيرَ مُؤتَلِ،
وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ.
عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي،
فَقُلتُ لَهُ لَمّا تَمَطّى بِصُلبِهِ.
وَأَردَفَ أَعجازاً وَناءَ بِكَلكَلِ.
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي،
بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ.
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ،
بِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ.
كَأَنَّ الثُرَيّا عُلِّقَت في مَصامِه،
بِأَمراسِ كِتّانٍ إِلى صُمِّ جَندَلِ.
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِه،
بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ.
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَع،
كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ.
كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ،
كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ.
مِسَحٍّ إِذا ما السابِحاتُ عَلى الوَنى،
أَثَرنَ غُباراً بِالكَديدِ المُرَكَّلِ.
عَلى العَقبِ جَيّاشٍ كَأَنَّ اِهتِزامَهُ،
إِذا جاشَ فيهِ حَميُهُ غَليُ مِرجَلِ.
يَطيرُ الغُلامَ الخِفُّ عَن صَهَواتِهِ،
وَيَلوي بِأَثوابِ العَنيفِ المُثَقَّلِ.
دَريرٍ كَخُذروفِ الوَليدِ أَمَرَّهُ،
تَقَلُّبُ كَفَّيهِ بِخَيطٍ مُوَصَّلِ.
لَهُ أَيطَلا ظَبيٍ وَساقا نَعامَةٍ،
وَإِرخاءُ سِرحانٍ وَتَقريبُ تَتفُلِ.
كَأَنَّ عَلى الكَتفَينِ مِنهُ إِذا اِنتَحى،
مَداكُ عَروسٍ أَو صَلايَةُ حَنظَلِ.
وَباتَ عَلَيهِ سَرجُهُ وَلِجامُهُ،
وَباتَ بِعَيني قائِماً غَيرَ مُرسَلِ.
فَعَنَّ لَنا سِربٌ كَأَنَّ نِعاجَهُ،
عَذارى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ.
فَأَدبَرنَ كالجِزعِ المُفَصَّلِ بَينَهُ،
بِجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَةِ مُخوَلِ.
فَأَلحَقَنا بِالهادِياتِ وَدونَهُ،
جَواحِرُها في صَرَّةٍ لَم تُزَيَّلِ.
فَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍ وَنَعجَةٍ،
دِراكاً وَلَم يَنضَح بِماءٍ فَيُغسَلِ.
وَظَلَّ طُهاةُ اللَحمِ ما بَينَ مُنضِجٍ،
صَفيفَ شِواءٍ أَو قَديرٍ مُعَجَّلِ.
وَرُحنا وَراحَ الطَرفُ يُنفِضُ رَأسَهُ،
مَتى ما تَرَقَّ العَينُ فيهِ تَسَفَّلِ.
كَأَنَّ دِماءَ الهادِياتِ بِنَحرِهِ،
عُصارَةُ حِنّاءٍ بِشَيبٍ مُرَجَّلِ.
وَأَنتَ إِذا اِستَدبَرتَهُ سَدَّ فَرجَهُ،
بِضافٍ فُوَيقَ الأَرضِ لَيسَ بِأَعزَلِ.
أَحارِ تَرى بَرقاً أُريكَ وَميضَهُ،
كَلَمعِ اليَدَينِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ.
يُضيءُ سناهُ أَو مَصابيحَ راهِبٍ،
أَهانَ السَليطَ في الذَبالِ المُفَتَّلِ.
قَعَدتُ لَهُ وَصُحبَتي بَينَ حامِرٍ،
وَبَينَ إِكامِ بُعدَ ما مُتَأَمَّلِ.
وَأَضحى يَسُحُّ الماءُ عَنكُلِّ فَيقَةٍ،
يَكُبُّ عَلى الأَذقانِ دَوحَ الكَنَهبَلِ.
وَتَيماءَ لَم يَترُك بِها جِذعَ نَخلَةٍ،
وَلا أُطُماً إِلّا مَشيداً بِجَندَلِ.
كَأَنَّ ذُرى رَأسِ المُجَيمِرِ غُدوَةً،
مِنَ السَيلِ وَالغُثّاءِ فَلكَةُ مِغزَلِ.
كَأَنَّ أَباناً في أَفانينِ وَدقِهِ،
كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ.
وَأَلقى بِصَحراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ،
نُزولَ اليَماني ذي العِيابِ المُخَوَّلِ.
كَأَنَّ سِباعاً فيهِ غَرقى غُدَيَّةً،
بِأَرجائِهِ القُصوى أَنابيشُ عَنصُلِ.
عَلى قَطَنٍ بِالشَيمِ أَيمَنُ صَوبِهِ،
وَأَيسَرُهُ عَلى السِتارِ فَيَذبُلِ.
وَأَلقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ،
فَأَنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ.
قصيدة “إِنّي ذَكَرتُكِ يا زَهراءَ مُشتاقاً”
- يقول الشاعر ابن زيدون:
إِنّي ذَكَرتُكِ يا زَهراءَ مُشتاقاً،
وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرَأى الأَرْضِ قَد راقا.
وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ،
كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا.
وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضّيِ مُبتَسِمٌ،
كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا.
يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت،
بِتنا لَها حينَ نامَ الدَّهرُ سُرّاقا.
نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ،
جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا.
كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي،
بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا.
وَردٌ تَأَلَّقَ في ضاحي مَنابِتِهِ،
فَازدادَ مِنهُ الضُحى في العَينِ إِشراقا.
سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ،
وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا.
كُلٌّ يَهيجُ لَنا ذِكرى تَشَوُّقِنا،
إِلَيكِ لَم يَعدُ عَنها الصَدرُ أَن ضاقا.
لا سَكَّنَ اللَهُ قَلباً عَقَّ ذِكرَكُمُ،
فَلَم يَطِر بِجَناحِ الشَوقِ خَفّاقا.
لَو شاءَ حَملي نَسيمُ الصُبحِ حينَ سَرى،
وافاكُمُ بِفَتىً أَضناهُ ما لاقى.
لَو كانَ وَفّى المُنى في جَمعِنا بِكُم،
لَكانَ مِن أَكرمِ الأَيّامِ أَخلاقا.
يا عَلقِيَ الأَخطَرَ الأَسنى الحَبيبَ إِلى،
نَفسي إِذا ما اِقتَنى الأَحبابُ أَعلاقا.
كانَ التَجارِي بِمَحضِ الوُدِّ مُذ زَمَنٍ،
مَيدانَ أُنسٍ جَرَينا فيهِ أَطلاقا.
فَالآنَ أَحمَدَ ما كُنّا لِعَهدِكُمُ،
سَلَوتُمُ وَبَقينا نَحْنُ عُشّاقا.
قصيدة “هو الدمعُ أضحى بالغرامِ يُترجِمُ”
- يقول الشاعر الملك الأمجد:
هو الدمعُ أضحى بالغرامِ يُترجِمُ،
وقد كانَ فيكَ الظنُّ قبلُ يُرَجَّمُ.
فلا ماءَ إلا ما جفونُكَ سحبُه،
ولا نارَ إلا في ضلوعِكَ تُضْرَمُ.
توهَّمتَ أن البعدَ يَشْفي مِنَ الجوَى،
وأدْوائهِ يا بئسَ ما تتوهَّمُ.
ستقلَقُ أن جدَّ الفراقُ وأصبحتْ،
أيانِقُ ليلى للرحيلِ تُقَدَّمُ.
حرامٌ على عينيكَ نومُهما اِذا،
أقمتَ بنجدٍ والركائبُ تُتهمُ.
فلا جفَّ غَرْبُ العينِ أن بانَ حيُّها،
وسارتْ بها اِبْلٌ نواحلُ سُهَّمُ.
تجوبُ بها الهَجْلَ البعيدَ كأنَّها،
اِذا ما سجا الليلُ الدجوجيُّ أَنْجُمُ.
فيا صاحِبَيْ شكوايَ أن تنأَ عَلْوَةٌ،
فلا تحسبا أنّي مِنَ الوجدِ أسلمُ.
وما كنتُ أدري قبلَ فتكِ لحاظِها،
بأنَّ الجفونَ البابليَّةَ أَسْهُمُ.
جَزِعتُ وما بانَ الخليطُ ولا غدتْ،
نجائبُه تشكو الكلالَ وتُرْزِمُ.
ولا ناحَ مشتاقٌ تذكَّرَ اِلْفَهُ،
ولا أن مهجور ولا حَنَّ مُغْرَمُ.
فكيف إذا شطَّتْ وشطَّ مزارُها،
وأصبحَ مِرْطُ الوصلِ وهو مُرَدَّمُ.
وصدَّتْ إلى أن عادَ طيفُ خيالِها،
على قربِ مسراه يَصُدُّ ويَسْأَمُ.
ورفَّعَ حادُوها القِبابَ وأرقلتْ،
نِياقٌ نماهنَّ الجَدِيلُ وشَدْقَمُ.
وكُدَّ رَوِرْدُ القربِ بعدَ صفائهِ،
وعهدي بهِ عذبُ المواردِ مفعَمُ.