يُعتبر مثل “ارحموا عزيز قوم ذل” من الأمثال الشهيرة والمتداولة بين الناس في وقتنا الحاضر. يُطلق هذا المثل على الأفراد الذين تعرضوا لصور من المصائب في حياتهم، بعد أن كانوا يعزّون بألقاب السلطة والجاه والمال، ولكنهم فقدوا كل شيء.
تعود أصول هذا المثل إلى قصة معروفة في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. في هذا المقال، سوف نستعرض معكم ملخص هذه القصة وأهم تفاصيلها.
من هو قائل عبارة “ارحموا عزيز قوم ذل”؟
تُستخدم هذه العبارة بشكل واسع ومنتشر بين الأفراد، لكن الكثير منهم لا يعرفون قائلها الأصلي. فكل مثل له قصة ورائها، وهي تعكس عبرة ودروسًا ذات مغزى. وقد تم اطلاق هذه العبارة على شخص كان عزيزًا ومُشرفًا قبل أن تصيبه الأقدار بفقدان ما كان يمتلكه من مال وجاه.
تعود هذه القصة إلى زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، حيث قيلت هذه العبارة عندما جاءت إليه سفانة بنت حاتم الطائي تطلب العفو. وذلك بسبب أن والدها كان معروفًا بالعزّة، لكن حظّه تغير وأصبح خالي اليدين. وهنا قال النبي: “أكرموا عزيز قوم ذل”.
تفاصيل قصة “ارحموا عزيز قوم ذل”
في إحدى ليالي عصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أرسل الرسول كتيبة من جنوده إلى قبيلة الطائي بقيادة الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فخشيت قبيلة الطائي وهرع زعيمها، عدي بن حاتم الطائي، إلى الهرب إلى بلاد الشام، وكان هو أحد أشد المناوئين للنبي.
وتم أسر العديد من النساء والأسرى والغنائم، ومن بينهم سفانة بنت حاتم التي وقفت أمام النبي. فقالت له: “يا محمد لقد هلك والدي وغاب الوافد، فإن رأيت أن تعفو عني.” وأشارت إلى أن والدها كان يُعتبر من أسياد قومه وكان يقوم بأعمال الخير ومساعدة الآخرين، لكنها أساءت إليه بالزمن.
أجاب النبي صلى الله عليه وسلم مشيرًا إلى أن أخلاق والدها كانت من القيم السامية للمسلمين، وقال: “لو كان أبوك من المسلمين، لترحمنا عليه.” وبعد ذلك، أمر بفك أسرها تكريمًا لخصاله.
جاءت العبارة الشهيرة: “ارحموا عزيز ذل، وغنيًا افتقر، وعالم ضاع بين جهال” وفي هذه اللحظة، دعت سفانة للنبي وعادت إلى أخيها عدي لتخبره عما شهدته من كرم النبي وأخلاقه النبيلة، وكيف أن رسول الله يُفضل العفو عن الأسرى ومعونة المحتاجين.
وبعد سماع عدي بن حاتم لهذه الكلمات، أدرك أن الإسلام يدعو لمكارم الأخلاق، وقرّر هو وأخته دخول الإسلام.
نبذة عن عدي بن حاتم الطائي الذي ذُكِرَ عنه “ارحموا عزيز قوم ذل”
عدي بن حاتم الطائي كان زعيم قبيلة الطائي العربية، وهو ابن الشاعر المعروف حاتم الطائي، والذي عُرِف بكرمه وأخلاقه الرفيعة. فيما يلي بعض المعلومات البارزة عن عدي:
- ظل عدي معاديًا لرسول الله والإسلام حوالي 20 عامًا.
- ثم اعتنق الإسلام في السنة التاسعة من الهجرة.
- ورث عدي بن حاتم الطائي القوة والمكانة من والده.
- ويدعى أنه كان يمنح جزءاً من الغنائم والمكاسب إلى والده.
- في زمن الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، انضم عدي للجيش الإسلامي وشارك في العديد من المعارك ضد أعداء الإسلام، حيث أُرسل بقيادة خالد بن الوليد لغزو العراق، وشارك في معركة صفين ومعركة الجمل برفقة علي بن أبي طالب.