اختبار الذكاء العاطفي ترافيس برادبيري: كيف تُصنع القادة؟ أصبح الحديث عن دور التعاطف وفهم الذات في القيادة الفعالة متزايدًا بين الأفراد في مجالات الأعمال وخارجها.
الذكاء العاطفي
يشير الذكاء العاطفي، الذي يُعرف أيضًا بالقيادة العاطفية أو الحاصل العاطفي، إلى قدرة الأفراد على إدراك عواطفهم وعواطف الآخرين. يتضمن ذلك القدرة على تمييز المشاعر المختلفة وتوصيفها بشكل دقيق، واستخدام المعلومات العاطفية لتوجيه الأفكار والسلوكيات، فضلاً عن إدارة العواطف للتكيف مع البيئات المختلفة أو لتحقيق أهداف معينة.
ظهرت هذه الفكرة في عام 1964، لكنها نالت شهرتها الواسعة بعد صدور كتاب “الذكاء العاطفي” للصحفي العلمي دانيال جولمان في عام 1995. عادة ما يرتبط التعاطف بشكل وثيق بالذكاء العاطفي، إذ يساعد الأفراد على ربط تجاربهم الشخصية مع تجارب الآخرين. حاليًا، هناك عدة نماذج تهدف إلى قياس مستويات الذكاء العاطفي، حيث يُعتبر نموذج جولمان الأصلي نموذجاً مختلطاً يشمل خصائص القدرة وسمات الشخصية.
عرف جولمان الذكاء العاطفي على أنه مجموعة المهارات والخصائص التي تعزز الأداء القيادي. في عام 2001، طوّر كونستانتينوس ف. بيتريدس نموذج السمات، والذي يشمل سلوكيات معينة وقدرات الإدراك الذاتي ويُقاس من خلال التقارير الذاتية. في المقابل، يركز نموذج القدرة الذي طوّره بيتر سالوفي وجون ماير في عام 2004 على قدرة الأفراد على معالجة المعلومات العاطفية واستخدامها في التفاعل الاجتماعي.
الذكاء العاطفي والصحة العقلية
تشير الدراسات إلى أن الأفراد الذين يتمتعون بمستويات مرتفعة من الذكاء العاطفي يتمتعون أيضًا بصحة عقلية جيدة، بالإضافة إلى تقديم أداء وظيفي متميز وامتلاك مهارات قيادية قوية. وعلى الرغم من عدم وجود علاقات سببية مثبتة، فقد يُعزى ذلك غالبًا إلى الذكاء العام وخصائص شخصية معينة بدلاً من كون الذكاء العاطفي هو العامل المحوري.
وفقًا لجولمان، يمثل الذكاء العاطفي 67% من القدرات المطلوبة لتحقيق أداء متفوق لدى القادة، مما يتجاوز أهمية كل من الخبرة الفنية ومعدل الذكاء. كما أظهرت البحوث أن مؤشرات الذكاء العاطفي ليست ذات دلالة كبيرة على الأداء القيادي عندما تُؤخذ في الاعتبار القدرات والشخصية، بينما يرتبط الذكاء العام بشكل وثيق بالقيادة.
ازدادت أهمية ومقاييس تطوير الذكاء العاطفي بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بين الأفراد الساعين إلى تحسين مهاراتهم القيادية. كذلك، بدأت الدراسات في تقديم معلومات حول الآليات العصبية المرتبطة بالذكاء العاطفي.
تاريخ الذكاء العاطفي
يُعزى أول ظهور لمصطلح “الذكاء العاطفي” إلى ورقة بحثية كتبها مايكل بيلدوك في عام 1964. كما تم ذكره في ورقة لب. ليونر عام 1966 تحت عنوان “الذكاء العاطفي والتحرر” والتي نُشرت في مجلة العلاج النفسي. في عام 1983، قدم هوارد جاردنر نظرية الذكاءات المتعددة، والتي اقترحت فكرة أن الأنواع التقليدية من الذكاء لا تفسر القدرة المعرفية بشكل كامل، شاملة بذلك الذكاء الشخصي والذكاء الذاتي.
ظهر المصطلح لاحقًا في أطروحة الدكتوراه لواين باين، وعرف أول استخدام مُسجل لمصطلح “EQ” (الحاصل العاطفي) عام 1987 في مقال نشر في مجلة منسا البريطانية. في أواخر عام 1998، كتبت مجلة “هارفارد بيزنس ريفيو” مقالًا بعنوان “ما الذي يجعلك قائدًا؟” مما جذب انتباه كبار مديري شركة جونسون آند جونسون.
تكملة تاريخ الذكاء العاطفي
ركزت المقالة على أهمية الذكاء العاطفي في نجاح القيادة، مستشهدة بعدة دراسات تُظهر أن الذكاء العاطفي غالبًا ما يكون العامل الفارق بين القادة الناجحين والعاديين. كما قام مركز جونسون آند جونسون بتمويل دراسة أكدت العلاقة القوية بين الأداء المتفوق والكفاءة العاطفية.
في عام 1989، قدم ستانلي جرينسبان نموذجًا لوصف الذكاء العاطفي، تلاه نموذج آخر من بيتر سالوفي وجون ماير في العام التالي. لكن الوصول إلى شعبية المصطلح حدث بعد نشر كتاب جولمان “الذكاء العاطفي: لماذا يمكن أن يكون أكثر أهمية من معدل الذكاء” في عام 1995، والذي أسهم بشكل كبير في تعزيز استخدام المصطلح.
على الرغم من ذلك، لا تزال اختبارات قياس الذكاء العاطفي غير قادرة على استبدال اختبارات الذكاء كمعيار قياسي للذكاء. كما تعرض الذكاء العاطفي لعدد من الانتقادات فيما يتعلق بدوره في القيادة ونجاح الأعمال.
تم تقديم التمييز بين سمة الذكاء العاطفي وقدرته في عام 2000.
نموذج القدرة
يسعى مفهوم سالوفي وماير للذكاء العاطفي إلى تعريف هذا المفهوم ضمن إطار المعايير القياسية للذكاء. وقد تم تعديل تعريفهم الأولي ليشمل “القدرة على إدراك العواطف ودمجها لتسهيل التفكير، وفهم العواطف، وتنظيمها لتعزيز النمو الشخصي”.
بعد أبحاث إضافية، تطور التعريف ليشمل القدرة على التفكير في العواطف بما يعزز التفكير الفعال، ويتضمن القدرة على إدراك المشاعر بدقة، والاستفادة منها لتحفيز التفكير.
النموذج المختلط
يركز النموذج الذي قدمه دانيال جولمان على الذكاء العاطفي كتكامل من الكفاءات والمهارات التي تعزز الأداء القيادي. يحدد نموذج جولمان خمسة مكونات رئيسية للذكاء العاطفي، والتي تشمل:
الوعي الذاتي
- القدرة على التعرف على مشاعر الفرد ونقاط قوته وضعفه، بالإضافة إلى الدوافع والقيم والأهداف، وفهم تأثيرها على الآخرين، واستخدام المشاعر الداخلية لتوجيه القرارات.
التنظيم الذاتي
- يتطلب القدرة على التحكم أو إعادة توجيه العواطف المدمرة والتكيف مع الظروف المتغيرة.
المهارات الاجتماعية
- إدارة العلاقات بطريقة تتوافق مع الآخرين.
التعاطف
- القدرة على مراعاة مشاعر الآخرين، خاصة عند اتخاذ القرارات.
الدافع
- الإدراك لما يحفز الفرد.
كتاب الذكاء العاطفي لترافيس برادبيري
هذا الكتاب تم توزيعه على نطاق واسع وقد وُجد أنه مفيد جدًا في تعاملاتنا مع بعضنا البعض ومع عملائنا الداخليين. مع ازدياد انتشار الأفكار الجديدة على مدى السنوات القليلة الماضية، يبقى جوهر وثقافة الشركات هو كيف تدعم المؤسسة وتعزز الذكاء العاطفي.
يرى الكثير أن الذكاء العاطفي سيلعب دورًا حاسمًا في تحديد الفارق بين الشركات الناجحة والشركات العظيمة. يعد هذا الكتاب أداة فعالة للممارسات على مستوى الأرض، وإذا كنت ترغب بالفعل في أن تكون قائدًا موثوقًا يتبعه الناس، فإن هذه فرصة ثمينة يمكن أن تُحدث تغييرًا في حياتك المهنية والشخصية.