كان أحمد بن فضلان عالماً مسلماً ورحالة شهيراً قام برحلات استكشافية إلى بلاد البلغار (روسيا)، حيث قدم وصفاً شاملاً ودقيقاً لتلك البلاد من الناحية الجغرافية والاجتماعية.
تظل كتاباته عن تلك المناطق مرجعاً أساسياً لكل من يرغب في فهمها أو دراستها. وفي هذا المقال عبر موقع مقال maqall.net، سنتناول حياة هذا الرحالة المسلم الذي وصّف روسيا بشكل مبكر.
من هو ابن فضلان
- للأسف، لم يتوفر لنا الكثير من المعلومات حول تفاصيل حياة أحمد بن فضلان من حيث نشأته وتربيته، لكن المعروف أنه عاش في بداية القرن الرابع الهجري والمقابل للقرن العاشر الميلادي ، ويظل التاريخ الدقيق لميلاده ووفاته غير معروف.
- تميز ابن فضلان بكونه مثقفاً دينياً، وأديباً بارزاً، ذو أسلوب أًبداعي، وتقي، ذو أخلاق سامية، بالإضافة إلى شغفه بنشر تعاليم الإسلام وصدقه في حديثه.
- على الرغم من قلة المعلومات حول حياته، فقد أصبح اسمه مشهوراً بين المسلمين وغير المسلمين بفضل رحلته إلى بلاد البلغار، مما يشير إلى مكانته المرموقة بين الخلفاء والقادة آنذاك، حيث انطلقوا في أعماله العلمية بثقة كاملة.
- كتب ابن فضلان وصفاً عن رحلته كجزء من بعثة الخليفة العباسي إلى ملك الصقالبة (فولجا بلكار).
إبن فضلان في عصر الحضارة العباسية
- عاش ابن فضلان في فترة الخليفة المقتدر بالله العباسي، الذي تولى الحكم في سن الثالثة عشرة بعد وفاة أخيه المكتفي سنة 295 هـ.
- وبسبب صغر سن الخليفة، عُزل عدة مرات، وكان حكماً مليئاً بالصراعات والفتن، حيث استولى الوزراء على الأمور السياسية، مما قلل من نفوذ الخليفة، على الرغم من حرصهم على إظهار هيبته.
- من الوزراء الذين عُينوا في شؤون الحكم كان أبو الحسن علي بن الفرات، الذي ساهم في تقريب الأمور، بينما كان هناك أيضاً علي بن عيسى وحميد بن العباس.
- لقد أُخذ على الخليفة المقتدر بالله أنه ترك الأمور لأمه وكان مفرطاً في الترف، الأمر الذي انعكس على حياته ووصفه.
- بدا من وصفه للدول التي زارها وكأنه في حالة ذهول، مثلما ينظر بعض السفراء الغربيين إلى الدول النامية اليوم.
رحلة ابن فضلان
- بدأت مغامرة ابن فضلان عندما طلب ملك صقالبة بلاد البلغار من الخليفة العباسي المقتدر بالله إرسال بعثة من العلماء لتثقيف شعبه وتعريفهم بتعاليم الإسلام.
- هذا الطلب يعكس التأثير الواسع للإسلام آنذاك في المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى المكانة العالية التي حظيت بها الخلافة العباسية، مما جعل العديد من الدول ترغب في الحصول على المعرفة الإسلامية.
- تحدث ابن فضلان قائلاً: “عندما وصل كتاب ألمش بن يلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر، طلب منه إرسال من يعلمه الدين ويعرفه به”.
- طلب الملك بناء مسجد ومنبر للدعوة وتعزيز الحكم والأمن في مملكته من خلال بناء حصن ليحميه من أعدائه، وقد استجاب الخليفة لمطالبه.
- تواجد شخص يدعى نذير الحرمي كوسيط بينه وبين الخليفة، حيث كلفه بتوصيل الرسالة وتقديم الهدايا.
سبب رحلة ابن فضلان
- تعود أسباب رحلة ابن فضلان أيضاً الى رغبة ملك الخزر – مملكة يهودية يقودها خاقان – في استحلال النساء الأحرار من بلاد الصقالبة والروس وغيرهم، بما في ذلك النساء المسلمات.
- وقد أشار ابن فضلان إلى ذلك حيث قال: “أمر ملك الخزر بأن يكون لديه 25 امرأة، كل واحدة منهن ابنة أحد الملوك المجاورين.”.
مسار رحلة ابن فضلان
كانت رحلة ابن فضلان استكشافية شاملة امتدت عبر مناطق متعددة في آسيا وأوروبا. وفيما يلي ملخص لمسار رحلته:
-
نيسابور، إيران:
- انطلقت رحلة ابن فضلان من مدينة نيسابور في إيران، حيث وُلِدَ.
-
بلاد الروس:
- سافر ابن فضلان إلى بلاد الروس، التي تضم جزءاً من مناطق روسيا وأوكرانيا الحديثة.
-
البلقان:
- بعد زيارته لبلاد الروس، استمر في رحلته نحو منطقة البلقان، التي تشمل بلغاريا وصربيا واليونان ورومانيا.
-
العراق:
- انتقل ابن فضلان بعد ذلك إلى العراق، حيث قام بزيارة بغداد وأماكن أخرى.
-
إيران:
- عاد بن فضلان مجدداً إلى إيران، وقام بزيارة مناطق أخرى فيها.
-
الهند:
- توجه بعد ذلك إلى الهند، وقام بزيارة مناطق شتى في الجزء الشمالي من البلاد.
-
الصين:
- كانت الصين هي الوجهة التالية في رحلته حيث قام بزيارة عدة مواقع مختلفة بها.
-
مكة والمدينة:
- عاد ابن فضلان أخيراً إلى العراق، ومن ثم توجه إلى مكة والمدينة لأداء مناسك الحج قبل أن يعود إلى نيسابور.
أهمية رحلة ابن فضلان
تحمل رحلة ابن فضلان أهمية كبيرة في عدة مجالات، وأبرزها:
-
توثيق التاريخ والجغرافيا:
- ساهمت رحلته في توثيق الأحداث التاريخية والجغرافية خلال العصور الوسطى، حيث سجل معلومات دقيقة عن المسافات والمعالم الجغرافية في الأماكن التي زارها.
-
فهم الحضارات والثقافات:
- قدمت الرحلة فهماً معمقاً للحضارات والثقافات التي عاش معها، موثقة لعادات وتقاليد الشعوب التي زارها، مما يساهم في فهم تطورها وتأثيرها في مجرى التاريخ العالمي.
-
تعزيز التجارة والتبادل الثقافي:
- ساهمت هذه الرحلة في تعزيز التجارة والتبادل الثقافي بين الدول، حيث وثقت العلاقات الاقتصادية والثقافية بين المناطق التي زارها ابن فضلان والدول الأخرى.
-
مصدر للبحث والدراسات:
- تعتبر رحلة ابن فضلان مرجعاً مهماً للبحوث والدراسات المهتمة بتاريخ العصور الوسطى والعلاقات الثقافية بين الشعوب، وتوفر معلومات قيمة للمؤرخين والباحثين.
-
تحفيز الفضول والاستكشاف:
- تحفز هذه الرحلة روح الفضول والاستكشاف، وتشجع على التوجه لاكتشاف مناطق غير معروفة وتوثيق الثقافات المتنوعة.