آراء العلماء حول تفسير الطبري
تفسير الطبري، المعروف أيضًا باسم جامع البيان في تأويل آي القرآن، يتمتع بسمعة كبيرة لدى العلماء. ويمثل هذا التفسير أحد أقدم التفاسير التي أُعيدت نهايتها، مما يضفي عليه أهمية خاصة. ومن الميزات البارزة التي اتبعها المؤلف في كتابه هي جمعه للأقوال المروية عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والتابعين.
إضافة إلى ذلك، اتبع الطبري منهجًا فريدًا في عرض الأسانيد، مميزًا بين الأقوال المروية وترجيح أحدها على الآخر. وعُني أيضًا بمسألة الإعراب واستنباط الأحكام الشرعية من الآيات الكريمة. وبفضل هذه السمات وكذلك مكانته الأكاديمية، اهتم بهذا الكتاب العديد من العلماء، سواء كانوا من الفقهاء والمحدثين، أو من المتخصصين في علم التفسير، إضافة إلى عدد من المستشرقين.
آراء العلماء بشكل عام
أدلى عدد من العلماء، بما في ذلك المحدثون والفقهاء، بأقوال حول تفسير الطبري. وفيما يلي بعض هذه الاقتباسات:
- قول الخطيب
“لم يُصنف أحد كتاب تفسير يشبهه”.
- قول الذهبي
“لديه كتاب في التفسير لا يوجد مثله”.
- قول النووي
“أجمعت الأمة على عدم وجود تفسير يماثل تفسير الطبري”.
- قول أبي حامد الإسفراييني
“إذا سافر إنسان إلى الصين ليحصل على كتاب تفسير محمد بن جرير، لم يكن ذلك كثيرًا”.
- قول ابن تيمية
“أما التفاسير الموجودة لدى الناس، فالأصح بينها هو تفسير محمد بن جرير الطبري، لأنه يذكر أقوال السلف مع أسانيد قوية، وهو خالٍ من البدع، ولا ينقل عن الأشخاص المشتبه بهم، مثل مقاتل بن بكير والكلبي”.
آراء العلماء المفسرين
أبدى علماء التفسير، سواء من الأوائل مثل جلال الدين السيوطي أو المعاصرين مثل أبي محمد الفرغاني، اهتمامًا خاصًا بتفسير الطبري. وفيما يلي بعض أقوالهم:
- قول السيوطي
قال السيوطي: “يُعَد كتاب الطبري في التفسير أعظم التفاسير وأرقاها؛ حيث يتناول توجيه الأقوال وترجيح بعضها على الآخر، بالإضافة إلى الإعراب والاستنباط، مما يجعله يتفوق على تفاسير القدماء”. وأضاف قائلًا: “لقد جمع في تفسيره بين الرواية والرأي، ولم يسبقه أحد إلى ذلك ولم يشاركه فيه أحد”.
- قول أبي محمد الفرغاني
قال أبو محمد الفرغاني: “لقد ألّف من كتبه، أي محمد بن جرير، كتاب تفسير القرآن، وقد جعله بجودة عالية، موضحًا فيه أحكامه، ناسخه ومنسوخه، وأشكاله وغرائبه، ومعانيه، واختلافات العلماء في أحكامه وتأويله”.
“والصحيح في معرفته وإعراب حروفه والكلام حول الملحدين فيه، إضافة إلى القصص وتاريخ الأمة والآخرة، وكل ما يحتوياه من حِكَم وغرائب هو جدير بأن يُكتب كلمةً كلمة وآيةً آية. لو ادعى عالم أن يضع عشرة كتب كل منها تحتوي على معرفة مفردة وعجيبة، لكفى به فعل ذلك”.
آراء علماء الغرب
أبدى المستشرقون اهتمامًا كبيرًا بتفسير الطبري، إذ ذاع صداه بين الجميع. ومن بين هؤلاء كان المستشرق نولدكه، الذي قال عنه حين لم يكن قد ظهر بعد: “لو كان هذا الكتاب في متناول أيدينا لكفانا عن كل التفاسير المتأخرة، ومع الأسف، كان يبدو أنه فُقد تمامًا، وكان كتابه القيم مرجعًا لا ينضب منه معارف المتأخرين”.