الأيديولوجيا من آراء الفلاسفة الفرنسيين والألمان
إن الأيديولوجيا تُعرَّف عادةً بأنها علم الأفكار، لكنها فقدت هذا المعنى مع مرور الوقت وأصبحت تُعتبر مصطلحًا مُفَكّكَ. في هذه الفترة، أصبح يُشير إلى مجموعة من الأفكار التي يسعى الأفراد من خلالها إلى توحيد وتنسيق الفكر العام، حيث تمثل هذه الجهود محاولة لإعادة تشكيل نظام التفكير والوعي لدى الأفراد، مما يؤدي إلى إعادة تقييم سلوكهم الاجتماعي والسياسي.
الأيديولوجيا وفقًا لآراء فلاسفة الفكر المعاصر
ارتبط مفهوم الأيديولوجيا ارتباطًا وثيقًا بالأنشطة السياسية والاجتماعية، مما يعني أن بروز هذا المصطلح قد تزامن مع ظهور حركات وتنظيمات سياسية. وفي هذا الإطار، أشار جلال الدين سعيد في معجم العلوم الاجتماعية والفلسفية إلى أن الأيديولوجيا تتضمن مجموعة من التصورات والأفكار والمعتقدات.
وأوضح جلال الدين أن الأيديولوجيا تعبر عن أنماط التفكير، سواء كانت تمتد عبر أمة معينة أو طبقة معينة أو فئة اجتماعية، مثل الطوائف الدينية أو الأحزاب السياسية. وتتميز الأيديولوجيا بارتباطها بالعوامل الاجتماعية والعادات والتقاليد، بالإضافة إلى الظروف المناخية المحيطة.
الأيديولوجيا من منظور الفيلسوف الماركسي
ظهر مصطلح الأيديولوجيا في كتاب “الأيديولوجيا الألمانية” لكل من كارل ماركس وفريدريك إنجلز، حيث ذُكر أن الأيديولوجيا والبناء العلوي الأيديولوجي يمكن أن يغيرا الوعي ليصبح وعيًا زائفًا. وأشار الكتاب إلى أن الأيديولوجيا تميل إلى قلب الحقائق والأمور upside down، مبرزة فكرة أنها نتاج خيالات وصور كاذبة يحركها الأفراد بهدف تبرير بعض الأوضاع الاجتماعية الخاصة.
وفي كتابه “نقد الاقتصاد السياسي”، عرّف ماركس الأيديولوجيا كنسق مرتبط بالبنى العليا، encompassing جميع الأعمال الثقافية والقوانين والأخلاق والجماليات واللغة والمعارف الفلسفية والعلمية، بالإضافة إلى جميع المذاهب والآراء الاجتماعية والسياسية، وأيضًا جميع المنتجات الفكرية والأثر النفسي الذي يشكل الوعي الطبقي والوعي الفردي.
من جهة أخرى، رأى فلاديمير لينين، أحد المفكرين الماركسيين وأشهر القادة الشيوعيين، أن هناك أنواعًا متعددة من الأيديولوجيا. فقد ميز بين الأيديولوجيا البرجوازية والأيديولوجيا البروليتارية.
تحت نظر لينين، تُعتبر الأيديولوجيا مجموعة من أشكال المعرفة والنظريات التي تنتجها طبقة معينة للتعبير عن مصالحها. فبينما تسعى الطبقة البرجوازية إلى تطوير أيديولوجيا تدعم بقائها في مراكز السلطة والنفوذ، تنتج الطبقة البروليتارية أيديولوجيا تمثل حقوق العمال وتدافع عن العدالة الاجتماعية.