قصيدتنا اليوم تتناول الشاعر الجليل أبي الأسود الدؤلي، الذي يحمل في طياته معاني عميقة وحكم تحاكي الحياة اليومية. توفر هذه القصيدة العديد من المواقف التي يمكن الاستفادة منها في حياتك.
إذا كنت ترغب في فهم معاني هذه القصيدة وشرحها، فأنت في المكان المناسب. تابع معنا حتى نهاية المقال لتكتشف المزيد.
أبو الأسود الدؤلي
- هو ظالم بن عمرو بن سفيان الدقهلية الكنانية، وُلِد في عام 605 ميلادية وتوفي عام 688 ميلادية.
- يُعد أبو الأسود الدؤلي واحداً من أبرز الشعراء التابعين وأهل الفقه.
- أبدع الشاعر أبو الأسود في اللغة العربية وعلم النحو، حيث ساهم في وضع النقاط على حروف اللغة العربية وكذلك في المصحف، مما يجعله عالماً بارعاً وشاعراً كبيراً.
- وُلد أبو الأسود قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ وقد آمن به دون أن يراه.
- تولى منصب الإمارة في مدينة البصرة في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
- لقب بـ “ملك النحو”، وترك خلفه إرثاً شعرياً يجمع بين العظمة والبلاغة.
شرح “ابدأ بنفسك فانهها عن غيها”
- يتناول هذا البيت “ابدأ بنفسك فانهها عن غيها” أهمية الانشغال بالنفس وترك الآخرين لشأنهم.
- ركز على عيوبك الخاصة بدلاً من التحدث عن عيوب الآخرين.
- حتى وإن كنت ترى أن الآخرين على خطأ، اترك الحكم لله سبحانه وتعالى واهتم بأمور نفسك فقط.
- تجنب الانشغال بما يجري حولك، حيث يتحدث كثيرون عن أنفسهم كأنهم خبراء بينما يغفلون عن عيوبهم.
- هناك بعض الأشخاص الذين يتدخلون في تفاصيل حياتك الخاصة، فتجد منهم من يتحدث عن أدق الأمور دون تثقيف أو تشجيع، بل يتجه للسلبيات فقط.
- ينبغي علينا التفكر في عيوبنا وحياتنا، وعدم الانغماس في أحوال الآخرين.
- تظهر هذه الأفكار بشكل أكثر حدة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي التي كشفت النقاب عن الغيرة والكراهية.
- يؤكد الشاعر مرارًا ضرورة أن يبدأ كل فرد بنفسه ويعمل على إصلاح ذاته.
كلمات القصيدة
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه … فالقوم أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها … حسداً وبغياً إنه لدميم
والوجه يشرق في الظلام كأنه … بدرٌ منيرٌ والنساء نجوم
وترى اللبيب محسداً لم يجترم … شتم الرجال وعرضه مشتوم
وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ … حساده سيفٌ عليه صروم
فاترك محاورة السفيه فإنها … ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيم
وإذا جريت مع السفيه كما جرى … فكلاكما في جريه مذموم
وإذا عتبت على السفيه ولمته … في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله … عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك وانهها عن غيها … فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى … بالعلم منك وينفع التعليم
ويل الخلي من الشجي فإنه … نصب الفؤاد بشجوه مغموم
وترى الخلي قرير عين لاهياً … وعلى الشجي كآبةٌ وهموم
ويقول: ما لك لا تقول مقالتي … ولسان ذا طلقٌ وذا مكظوم
لا تكلمن عرض ابن عمك ظالماً … فإذا فعلت فعرضك المكلوم
وحريمه أيضاً حريمك فاحمه … كي لا يباع لديك منه حريم
وإذا اقتصصت من ابن عمك كلمةً … فكلومه لك إن عقلت كلوم
وإذا طلبت إلى كريمٍ حاجةٌ … فلقاؤه يكفيك والتسليم
فإذا رآك مسلماً ذكر الذي … كلمته فكأنه ملزوم
ورأى عواقب حمد ذاك وذمه … للمرء تبقى والعظام رميم
فارج الكريم وإن رأيت جفاءه … فالعتب منه والكرام كريم
إن كنت مضطراً وإلا فاتخذ … نفقاً كأنك خائفٌ مهزوم
واتركه واحذر أن تمر ببابه … دهراً وعرضك إن فعلت سليم
فالناس قد صاروا بهائم كلهم … ومن البهائم قائلٌ وزعيم
عميٌ وبكم ليس يرجى نفعهم … وزعيمهم في النائبات مليم
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجةً … فألح في رفقٍ وأنت مديم
والزم قبالة بيته وفناءه … بأشد ما لزم الغريم غريم
وعجبت للدنيا ورغبة أهلها … والرزق فيما بينهم مقسوم
شرح الأبيات
حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم
- يتناول هذا البيت فكرة الحسد الذي يحيط بالأشخاص الناجحين، الذين يواجهون دائماً عين الحاسدين.
- على الرغم من أنه كان يجب عليهم السعي للوصول، إلا أنهم يكتفون بالحسد فقط.
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسن وبغيا إنه لدميم
- يستحضر الشاعر أمثالاً شعبية تُظهر كيف أن الحاسدين يركزون على إيجاد عيوب في الأشخاص الناجحين.
- مثلما يسعى البعض لاكتشاف أي عيب في امرأة جميلة، بالرغم من عدم وجود عيب حقيقي فيها.
والوجه يشرق في الظلام كأنه بدر منير والسماء نجوم
يصف الشاعر هنا كيف أن الشخص الناجح يضيء مثل القمر في ظلام الليل، في حين أن الآخرين يغفلون عن إنجازاته.
وترى اللبيب محسداً لم يجترم شتم الرجال وعرضه مشتوم
- يشير الشاعر إلى أن الشخص الذكي غالباً ما يتعرض للشتائم فقط لأنه يبرز في مجاله.
- ويمثل الحسد هنا سيفاً يوجه ضد نعم الله على الإنسان.
فاترك محاورة السفيه فإنها ندم وغاب بعد ذاك وخيم
يؤكد هذا البيت على أهمية تجنب الجدال مع الأشخاص السفهاء.
وإذا جريت مع السفيه كما جرى فكلاكما في جريه مذموم
تجنب السير وراء السفيه لأنه سيجعلك مذموماً.
وإذا عتبت على السفيه ولمته في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
عليك أن تحذر من تناول السفيه وكأنك في صفه، فهذا سيسيء إليك.
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
يتحدث الشاعر هنا عن أولئك الذين ينهون عن فعل ما ويقعوا فيه لاحقاً، مما يعد عاراً عليهم.
ابدأ بنفسك وانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ختاماً، يحث الشاعر الجميع على السعي لإصلاح أنفسهم قبل الحكم على الآخرين.