أحكام زكاة الفطر وفقاً للمذهب المالكي
تُعتبر زكاة الفطر، المعروفة أيضاً بصدقة الفطر، زكاة مُخصصة للأبدان، تهدف إلى تطهير الصائم من الخلل الذي قد يحدث في صيامه، مثل اللغو والرفث. يُقال إن تسميتها بزكاة الفطر جاء نسبة إلى الفطرة، التي تعني الخِلقة، وهي مرتبطة بالأبدان. كما يُعتقد أنها سُمّيت بذلك لوجوبها عند الفطر من صيام رمضان. أما عن أحكام زكاة الفطر لدى المالكية، فهي كما يلي:
حكم زكاة الفطر
يعتقد معظم فقهاء المذهب المالكي أن زكاة الفطر واجبة. وقد أيد أغلبهم هذا الرأي بالاعتماد على إجماع آراء الفقهاء في المذهب، في حين أن بعضهم يرون أنها سنة، وهذا الرأي يعتبر مرجوحاً.
الدليل على وجوب زكاة الفطر يأتي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بعث منادياً ينادي في فجاج مكة ألا إن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم؛ على كل ذكر وأنثى، حر وعبد، وصغير وكبير مدان من قمح، أو صاع مما سواه من الطعام).
كما يدعم ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا الرأي حيث قال: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة). ومع ذلك، فإن بعض المالكية الذين اعتبروا زكاة الفطر سنة، فسروا لفظ “فرض” على أنه تقدير، مما يعني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدد مقدار زكاة الفطر.
شروط وجوب زكاة الفطر
لكي تُوجب زكاة الفطر على المسلم، يجب أن يكون حراً، فلا تُوجب على العبد، وأن يكون مسلماً، فلا تجب على الكافر. كما يجب أن يكون قادراً على إخراجها في وقت وجوبها، حتى لو كان ذلك بالتداين مع ضمانه لقضاء الدين. تُعتبر الزكاة واجبة على كل مسلم وعلى من يعولهم، بما في ذلك الأبوين الفقيرين، والأبناء الفقراء سواء كانوا بالغين أو غير بالغين، وكذلك البنات غير المتزوجات.
وعلاوة على ذلك، تُخرج زكاة الفطر عن الأهلية كالأزواج؛ فيجب على الزوج إخراج زكاة الفطر عن زوجته، وكذلك عن زوجة أبيه. كما تجب زكاة الفطر عن العبيد، سواء كانوا عبيده أو عبيد أبيه أو أمه، إذا كانوا فقراء، بما في ذلك أولادهم البالغين وغير البالغين.
مقدار زكاة الفطر
مقدار زكاة الفطر هو صاع، وهو يعادل أربعة أمداد، حيث المد هو حفنة ملء اليدين المتوسطتين. يجب أن يتم احتساب الصاع بناءً على قوة الشخص وقوة عائلته في يوم عيد الفطر، ويجب أن يكون الصاع من أغلب قوت أهل البلد، ومن الأصناف التسعة: القمح، والشعير، والسلت، والذرة، والدخن، والأرز، والتمر، والزيت، والأقط.
وقت زكاة الفطر
يجب إخراج زكاة الفطر عند غروب شمس آخر يوم من رمضان، أو بدخول ليلة أول أيام شوال، أو بطلوع فجر أول يوم من أيام شوال. يُفضل إخراجها بعد صلاة الفجر وقبل صلاة عيد الفطر، وينبغي أن يُسمح بإخراجها قبل العيد بيومين.
مصارف زكاة الفطر
يجب دفع زكاة الفطر للحر المسلم الفقير أو المسكين غير الهاشمي، ولا يجوز دفعها لمن هو عبد، كما لا يجوز دفعها للكافر أو المسلم الغني أو للهاشميين من آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
بقاء زكاة الفطر في الذمة بعد انتهاء وقتها
في حالة تأخير المسلم الذي تجب عليه زكاة الفطر في إخراجها عن وقتها، أي بعد غروب شمس أول أيام العيد، فإن الزكاة لا تُسقط وتظل في ذمته، وسيكون عليه إثم لتفويت وقت الأداء. الغرض من إخراج زكاة الفطر في يوم العيد هو إغناء الفقراء عن السؤال والطواف في ذلك اليوم.