يعد كتاب “أحكام القرآن” لابن العربي من المؤلفات الرائعة التي تسلط الضوء على مجموعة من الأحكام القرآنية وفق رؤية المذهب المالكي. على الرغم من أن ابن العربي ليس الكاتب الوحيد في هذا المجال، إلا أن هذا الكتاب يعتبر من أبرز مؤلفاته وأكثرها قوة، حيث قام بتأليف العديد من الكتب في مجالات مختلفة تتعلق بعلوم القرآن، مثل علم التوحيد وموضوع الناسخ والمنسوخ.
من خلال “أحكام القرآن”، جمع ابن العربي مختلف العلوم القرآنية الهامة في نص واحد يسهل الرجوع إليه، مما ساهم في انتشار شهرة الكتاب عبر الأزمان والأماكن والمذاهب. على الرغم من ارتباطه بالمذهب المالكي، إلا أن علماء المذاهب الشافعية والحنفية والحنبلية يولون اهتماماً خاصاً لهذا العمل.
تعريف بكتاب “أحكام القرآن” لابن العربي
يعتبر كتاب “أحكام القرآن” للمؤلف الإسلامي الكبير أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن العربي الأندلسي من أهم وأفضل الكتب التي توضح أحكام القرآن الكريم. إليكم أبرز المعلومات حول هذا الكتاب:
- استند الكتاب إلى أسس ومعايير المذهب المالكي في تحليله.
- يتناول القسم الأول من الكتاب علوم القرآن، متمحوراً حول علم التوحيد.
- خصص القسم الثاني لعلم الناسخ والمنسوخ.
- عرض القسم الثالث أحكام وأفعال المكلفين الشرعية.
- كتب ابن العربي في الكتاب: “وقد نجز القول في القسم الأول من علوم القرآن وهو التوحيد. والقسم الثاني وهو الناسخ والمنسوخ، على وجه فيه إقناع، بل رعاية لمن أنصف وكفاية، بل سمة لمن سلّم للحق، فتعين الاعتناء بالقسم الثالث وهو القول في أحكام أفعال المكلفين الشرعية.”
- أنجز الكتاب في عام 503 هـ.
طباعة الكتاب
- طبع “أحكام القرآن” لأول مرة في عام 1331 هـ، في مجلدين، من قبل مكتبة “سعادة” في القاهرة.
- حظي الكتاب بطبعات متعددة نظراً لأهميته الكبيرة، وأصبح مرجعاً رئيسياً لطلاب العلم.
- تواصلت طباعة الكتاب تحت إشراف المحقق علي حمد البيجاوي.
- صدرت عدة طبعات في مطابع دول عربية أخرى، مثل مطبعة دار المعرفة في بيروت عام 1392 هـ، ومطبعة دار الكتب العلمية التي طبعت الكتاب في عام 1424 هـ، مع تعليق لحمد عبد القادر عطا.
سبب تأليف الكتاب
تتعدد الأسباب التي دفعت ابن العربي لتأليف كتاب “أحكام القرآن”، مما أتاح للمسلمين مرجعًا موثوقًا للأحكام القرآنية، ومن أهم تلك الأسباب ما يلي:
- رغب في تخصيص آيات الأحكام بكتاب ينفرد بها، بعد تأليفه العديد من الكتب في العلوم القرآنية الأخرى.
- حرص على تأليف كتاب شامل يجمع بين التفسير الفقهي وآيات القرآن، مستنداً إلى قواعد وأصول الفقه المالكي.
- كانت رغبته في كتابة فقه مستنبط من الآيات عن طريق الاجتهاد دافعاً قوياً للانتهاء من هذا الكتاب، رغم اعتماده أحيانًا على شيوخه في التلقي.
- اعتبرت الأوساط العلمية كتاب ابن العربي مقدمة ضرورية في علم أحكام القرآن، ومن المرجعيات الأساسية لفهم آيات الأحكام وفق القواعد الفقهية التي وضعها الإمام مالك.
نبذة عن ابن العربي مؤلف الكتاب
قد يكون التعرف على كتاب ابن العربي سهلاً من خلال محتواه، لكن التعرف على الإمام ابن العربي يعد أمراً ضرورياً لفهم عمق أفكاره ورؤاه. وفيما يلي ملخص حول حياته:
حياته
- كان ابن العربي قاضياً، واسمه الكامل هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي.
- وُلِد في إشبيلية يوم الخميس، 22 شعبان 468 هـ، لعائلة علمية معروفة.
- قام برحلات علمية شملت العديد من البلدان الإسلامية، بدعم من والده الذي رافقه إلى المشرق ليزور العواصم الإسلامية الكبرى مثل بغداد والقاهرة ودمشق وخراسان.
- التقى بمجموعة من العلماء البارزين خلال رحلاته، استفاد من علمهم وأساليبهم.
شيوخه
- درس على يد مجموعة من الشيوخ الكبار في عصره مثل أبو حامد الغزالي، وأبو بكر الشاشي، وأبو بكر الطرطوشي، والتبريزي.
- أدى فريضة الحج في بيت الله الحرام.
- تفانى في دراسة علوم القرآن، حتى أصبح عالماً متمكناً في مختلف مجالات الفقه وأصول الدين والحديث.
تلاميذه
- تتلمذ على يد ابن العربي العديد من العلماء البارزين، منهم أبو القاسم محمد بن عبد العزيز الأنصاري، وأبو بكر محمد بن فتحون، وأبو عبد الله محمد اللخمي، وغيرهم.
- استفاد تلاميذه من علمه الواسع وتوجهاته الفقهية المتميزة.
مؤلفاته الأخرى
بجانب “أحكام القرآن”، ألف ابن العربي مجموعة من الكتب الأخرى التي تحمل قيمة علمية عالية، تشمل:
- قانون التأويل.
- أنوار الفجر.
- الناسخ والمنسوخ.
- القبس في شرح موطأ الإمام مالك.
- العواصم من القواصم.
- عارضة الأحوذي في شرح الترمذي.
- المسالك على موطأ مالك.
- الإنصاف في مسائل الخلاف.
- أعيان الأعيان.
- المحصول في أصول الفقه.
- سراج المهتدين.
وفاته
- توفي ابن العربي عن عمر يناهز 75 عاماً بالقرب من فاس، في ليلة الخميس من شهر ربيع الأول عام 543 هـ.
- نُقل جثمانه إلى فاس ودفن خارج باب المحروق بتربة القائد المظفر، متجهاً نحو عظمة تأثيره الدائم في العلوم الإسلامية.
- ظل اسم ابن العربي وكتاباته خالدة في التاريخ، يعكس عبقريته ومعرفته الغزيرة التي لا يمكن نسيانها.
منهج ابن العربي في الكتاب
-
التفسير الفقهي:
- ركّز ابن العربي في تأليفه على تفسير الآيات القرآنية من منظور فقهي، مقدماً الأحكام الشرعية المستمدة من الآيات بشكل واضح.
-
الاستشهاد بالأدلة:
- اعتمد على الأدلة من السنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين لدعم تفسيراته، مشيراً إلى الأحاديث الصحيحة التي تفسر النصوص.
-
النقد والتحليل:
- انتقد بعض الآراء الفقهية السائدة، معبراً عن آراءه الخاصة بناءً على النصوص الشرعية.
-
التنظيم والتقسيم:
- نظم الكتاب بشكل منهجي، مقسماً إلى أبواب وفصول تتناول مواضيع الأحكام القرآنية بشكل يسهل متابعتها.
-
استخدام اللغة العربية الفصحى:
- دون بلغة عربية واضحة وسلسة، مما سهل فهم الكتاب للعلماء وطلاب العلم بمختلف مستوياتهم.
-
التأصيل والتأريخ:
- ركز على توضيح الأحكام تاريخياً، مستعرضاً أسباب نزول الآيات والسياق الذي أُحدثت فيه.