صلى الله عليك
عز الورود وامتد زمنك طويلاً،
وأرهقني السهر بينما الناس نيام.
تقلد الجميع نصيبهم من بريقك،
في حين اقتربت بعيداً عن نبع الضياء.
أنت منعتني حتى من التحليق،
فنفسي تمزق شوقاً إليك.
توجه إليك الناس في مدحهم،
فيما أغلقتُ الأبواب دونهم.
أحب الاقتراب، لكن خجلي يجعلني أغلق،
فتضيق بي الأقدام مع كل همٍ أحمله.
أريد أن أنجرف من الأحلك نحو العلو،
لكن مكاني يفرض نفسه على سمعي.
وزري يربطني ويختنقني الأسى،
فيخبو الكلام في حافة اللسان.
أنا متوجه إليك، يا حبيب الله، في شغف،
تداعيات المعاصي تزعجني بشغف.
آمل أن أصل إليك، ولكن ليلي مليء بالأشواك،
فأحمال الشعور ترهقني بالآلام.
يا من ولدت، فأشعلت النور في أوصالنا،
وانجلى من ظلام الليل، نورك.
هل أعود عطشاناً بينما يرتوي الآخرون؟
أجل، قد يردني ماء النبي هيام.
كيف أستطيع الدخول في رحاب المصطفى،
ونفسي تائهة والذنوب تعيقني؟
أو هل تتعسر علي المحاولة؟
وأنا أسعى لمواجهة الابتلاء.
ما أقول وقد كتبت ألف قصيدة قبلي،
لكنهم لم يبلغوا مجدك في ولائهم.
رغم كل محاولاتي، كأنني بعيد،
وأشعر بالعجز يختنقني في حيرتي.
حتى وصلت قبرك وعيوني تدمع،
فانبثقت مشاعر الإلهام.
توالت الصور المشرقة كالأحلام،
واستقر قلبي في سكينة وسلام.
يا ملء روحي، وهج حبك يسري في شرياني،
شعلة تضيء باطني وزمام منطقي.
أنت الحبيب، وأنت من أروى قلوبنا،
حتى أزهرت قلوبنا بالإسلام.
مُعطيٌ وكأنك لم تخضع للعدى،
فمن يحمك الرحمن، كيف يصاب؟
وملأت الكون نوراً، فاختفت،
معالم الظلام وانهدت الأصنام.
الحزن يمزق صحو روحي، يا حبيبي،
تاه المسلمون عن الطرق المتاحة.
وعلى الكبار تسلط صغار،
تزايد الذل والقلوب تعاني.
الحزن بات طعامنا، وأيامنا شجن،
وطعم صباحنا يُذكر بالألم.
واليأس قد ألقى بظلاله علينا،
فكأن وجه المنير يكتسب السواد.
أينما اتجهت، أجد العيون مشوشة،
وعلى القلوب تراكم من الظلام.
الكرب يحرمنا من النوم، وطول الليل،
من شائك سيجعل الراحة مستحيلة.
يا طيبة، حيث الخيرات، أذل المسلمون،
ولا ملاذ، فالأحلام ضائعة.
يغضون إذا سُلِبت ديارهم،
وحرمت القريب روائح ترابها.
باتوا أسرى الحيرة والتمزق،
فكأنهم بين الناس خراف ضالة.
ناموا، فاستقر الذل فوق جفونهم،
وليس للجرأة مكان مع غياب الحزم.
يا هادي الثقلين، هل من دعوة،
ليستيقظ النوام من غفوتهم؟
بمدح المصطفى تحيا القلوب
بمدح المصطفى، تعيش القلوب،
وتغفر الخطايا والذنوب.
أرجو أن أعيش سعيدا بذكراك،
وألقاك بلا آثام تحجبني.
نبي كامل الأوصاف قد أتى،
محاسنه زادت من حبنا.
تفرج الذكر الكروب عنّا،
عندما تنزل بنا المصائب.
مدائحه تضيف شوقاً للقلب،
وكأنها زينة وطيب.
وأذكره بينما يحيط بنا الهم،
فتنقشع الأحداث من أمامي.
وصفته بمنازل فريدة،
وربما لم أعد أجد كلمات.
ومن لي أن أرى وجهه،
الذي يسر النفس الكئيبة.
كأن حديثه زهر نضير،
حامله غصن رطيب.
وعيني تشتاق لرؤيته،
وقلبي يزدهر بذكراه.
تبوأ قاب قوسين مكانته،
بلا ناصح أو رقيب.
مناصبه الرفيعة ليست بميدان،
بل لا نصيب فيها لإنسان أو ملك.
رحب الصدر، ضاق الكون بما،
يحويه ذلك القلب الكبير.
يجدد العلم كلما قام،
كأنما يُدخل الدواء للقلوب.
تستهديني القلوب من نوره،
كما يستهدون إلى البحر الكثيف.
برزت للناس شمساً للنور،
طالعة لا تغيب أبداً.
ألهمنا به التقوى، فشقت،
لنا ما اختبأ في الغيوم.
خلائقه مواهب، بلا اكتساب،
وشتان بين المواهب والمكتسبات.
مهذبة بنور الله ليست،
مثل أخلاق يقودها اللبيب.
آداب النبوة معجزات،
فكيف يملكها الأديب؟
أوضح من الطبيعة دماً وماء،
وجاءت كما جاء الحليب.
سمعنا الوحي من فيه،
كغادة تعطر الأجواء.
لا قول ولا عمل لديها،
لا رذيلة ولا شهوة.
الأهواء تختلف المساعي،
وتتفارق المذاهب والشعوب.
ولما كان الغيث غزيراً،
احتوى من الأرض زبد غريب.
فلا تنسب لقول الله ريبة،
فلا في قول ربك ما يريب.
فإن انبثق له عيبٌ،
فقول العائبين هو المعيب.
فاخالف أمة موسى وعيسى،
فما فيهم لخالقهم منيب.
وإن محمداً هو رسول حق،
يعتمد عليه في نبوته.
أمين، صادق، بار، تقى،
عليم، مجيد، هادٍ وقمر.
يريك على الرضا والسخط وجهًا،
تُلطف به البشاشة والعبوس.
يضئ بوجهه المحراب ليلاً،
وتخبو الحروب في النهار.
تقدم من تقدم، من نبي،
فازدهر كما ينمو البطل.
ثم صدقه وحكمه صبياً،
من الكفار، شباناً وشيباً.
رسول الله بصفة مستقيلة،
من التقصير وقرارات الهبوب.
ضاع في المشيب وكان خائفاً،
وكسا برد شبابه قشيب.
ولا عتب على من قام يجلو،
محاسن لا تُرى معها عيوب.
دعاك لكل معضلة ألمت،
به ولكل نائبة تقف.
وللذنب الذي ضاق به،
به الدنيا وجنبها رحب.
يراقب ما كسبت يداه،
فيبكيه كما يبكي الراقب.
وأني يهتدي للرشد عاصٍ،
مع كل معصية يأمل الهروب.
يُعبر لسانه عن كل ذنب،
ولم ير قلبه منه يوبخ.
تقاضته مواهبك امتداحاً،
وأولَى الناس بالمَدح هم الأنقياء.
وأغراني به داعي اقتراح،
علي لأمره دائماً واجب.
فقلت لمن يحض على الثناء،
لعلك في هواه لي نصيب.
دللت على الهوى، قلبي فنسجت،
وسهمك في الهوى دقيق.
لجود المصطفى امتدت يدي،
وما مدت له يد سوى خائب.
شفاعته لنا ولكل عاصٍ،
بحسب ذنوبه تتردد الذنوب.
هو الغيث السكُوب ندًى وعلماً،
جهلت وما هو الغيث السكُوب.
صلاة الله ما سارت سحب،
عليه وما مرَّ وعسايب.
الهمزية النبوية
وُلِد الهدى، فالكائنات تشع نوراً،
وفم الزمن يتبسم بمدح.
الروح والملأ الملائكي حوله،
بشارة للدين والدنيا تعرف به.
والعرش يزدهر والحظيرة تتزين،
والمكان النهائي والسدرة الكريمة.
وحديقة الفرقان تتفرج بفرح،
بالتّرجمان ذكية غنائية.
والوحي يقطر سلسلة من سَلْسَلٍ،
واللوح والقلم في البديع يروى.
نظمت أسماء الرسل كصحيفة،
في اللوح واسم محمد يبرز.
اسم الجلالة في بديع حروفه،
ألف هناك واسم “طه” باء.
أغر عليه للنبوة خاتم
أغر، عليه للنبوّة خاتم،
من الله مشهود يلوح.
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه،
إذا قال في الخمس المؤذّن أشهد.
وشق له من اسمه ليجله،
فذو العرش محمود، وهذا محمد.
نبي أتاناً بعد يأس وفترة،
من الرسل والأوثان في الأرض تُعبد.
فأصبح سراجاً مستنيراً وهادياً،
يستضيء كما لو لاح الصقيل.
وأنذرنا ناراً وبشر جنة،
وعلّمنا الإسلام، فالله نحمد.
وأنت إله الخلق ربي وخالقي،
بذلك ما عمرت فيا لناس أشهد.
تَعَالَيتَ رَبَّ الناسِ عن قول مَن دعا،
سِوَاكَ إلهاً، أنتَ أعلَى وأمجَد.
لك الخلق والنعماء، والأمر كله،
فإيّاكَ نستهدى، وإيّاكَ نَعْبُد.
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
أُنبئت أنّ رسول الله أوعدني،
والعفو عند رسول الله مأمول.
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة،
قرآن فيها مواعيظ وتفصيل.
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم،
أذنب ولو كثرت فيّ الأقاويل.
لقد أقوم مقامًا لو يقوم به،
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل.
لظل يرعد إلّا أن يكون له،
من الرسول بإذن الله تنويل.
حتى وضعت يميني لا أنازعه،
في كف ذي نقمات قيله القيل.
لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ،
وَقيلَ إنَّكَ مَسبورٌ ومسؤول.