يتطلب فهم مفهوم التحقيق والاستجواب في القانون إجراء دراسات وأبحاث دقيقة، ولذلك نتناول في هذا المقال الفروق بين التحقيق والاستجواب. يُعد قانون الإجراءات الجزائية أحد فروع القانون العام، حيث تتميز قواعد هذا القانون بالثبات وعدم القابلية للتنازل عنها أو الاتفاق على مخالفتها، وفي حال حصول ذلك يُعتبر باطلاً. من خلال هذه المقالة، سنتعرف على تعريف كل من التحقيق والاستجواب والاختلافات الموجودة بينهما.
تعريف التحقيق بشكل عام
يمثل التحقيق المرحلة الشاملة لجميع الإجراءات التي تنفذها الهيئة أو الجهة المكلفة للكشف عن حقيقة العمل الجرمي أو المخالف. يهدف التحقيق إلى إثبات التهمة أو نفيها عن المتهم بناءً على الشكوى أو البلاغ المقدم.
التحقيق القانوني (الجنائي)
يشكل التحقيق المرحلة الثانية ضمن سلسلة الإجراءات التي تقوم بها الجهات المختصة، مثل الشرطة المعروفة بدورها في القبض على المشتبه بهم أو مرتكبي الجرائم.
تأتي النيابة العامة في المرحلة التالية، حيث تقوم بدور رئيس في التحقيق، تصنيف الأدلة وتوضيح الحقائق قبل إصدار الحكم النهائي.
يمكن تعريف التحقيق القانوني على أنه مجموعة من الإجراءات القانونية التي يتبعها المحقق المكلف بالجريمة بغرض كشف تفاصيل الحادثة ومعلومات حول مرتكب الجريمة، والأسباب التي دفعته لإجرائها، بالإضافة إلى الزمان والمكان الذي حدثت فيه.
نعرف التحقيق الذي تجره النيابة العامة بالتحقيق الابتدائي، والذي يشمل فحص الأدلة المتوفرة سواء في مسرح الجريمة أو خلال وقوع الحادث. تتضمن هذه المرحلة عدة خطوات، ومنها:
- التفتيش وزيارة موقع الجريمة.
- تعيين خبراء مختصين.
- استجواب شهود العيان.
- مقابلة مرتكب الجريمة (المتهمين).
- القبض عليهم عند الحاجة.
عند اكتمال الأدلة وكفايتها، يتم إحالة المتهم إلى المحكمة أو يتم بدء إجراءات الدعوى.
مفهوم الاستجواب
أما الاستجواب، فهو يشير إلى عملية مناقشة ومواجهة المتهم أو مرتكب الجريمة بتفاصيل الأدلة المقدمة ضده، وطلب منه الرد على الاتهامات بغرض إظهار الحقيقة. لا يقتصر الاستجواب على الحصول على اعتراف من المتهم، بل يُعطى له أيضًا فرصة للدفاع عن نفسه.
يحق للمتهم أن يمتنع عن الإجابة على أي سؤال دون حضور محاميه، ويجب أن يُعلمه المحقق بهذا الأمر في بداية الاستجواب.
لا يجوز إجبار المتهم على الإجابة، إذ إن الاستجواب بالإكراه يُعتبر باطلاً ويستدعي إعادة الإجراءات. كما أنه لا يجوز استخدام أي وسائل تعذيب خلال الاستجواب، حيث أن المبدأ الأساسي هو أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، والحريات هي حق من الحقوق المنصوص عليها في الدستور.
يوجد تشريعات جنائية توفر ضمانات متعددة لحماية المتهم، وتنقسم هذه الضمانات إلى نوعين:
- النوع الأول يتعلق بالضمانات أثناء الاستجواب، مثل المدة الزمنية للاستجواب، وتحديد الجهة المسؤولة عن الاستجواب، وإمكانية الاستعانة بمحامٍ خاص.
- النوع الثاني يتضمن ضمانات المتهم عند بدء الاستجواب، مثل منح المتهم حرية الكلام للدفاع عن نفسه أو الصمت إذا فضل ذلك، وحقه في الاستماع إلى الشهود ومناقشتهم، إلى جانب حقه في حلف اليمين.
هناك أيضاً ضمانات أخرى، مثل ضرورة الإسراع في استجواب المتهم، حيث أن التباطؤ قد يُعيق إظهار الحقيقة ويؤدي إلى إخفاء بعض الأدلة.
عند التساؤل عن الفروقات بين التحقيق والاستجواب، قد يظن البعض أنه لا توجد فروقات، ولكن الاختلاف موجود؛ فالاستجواب يعتبر جزءًا من التحقيق. حيث يكون للتحقيق اختصاصًا من الضابطة القضائية والنيابة العامة، بينما يُمارس الاستجواب من قبل النيابة العامة فقط ولا يُسمح به لأي جهة أخرى.