فنون الشعب المصري: تنوع وإبداع
يُعتبر الفن الشعبي تجسيدًا حقيقيًا لثقافة الشعب، حيث يدمج بين الفنون النفعية المتعلقة بالحياة اليومية وبين القيم الجمالية التي تعكس الإبداع. وعندما نتحدث عن “الشعبية”، فإننا نتحدث عن التعبير الفني المُرتبط بجماهير الشعب. تتنوع الفنون الشعبية في مصر بشكلٍ كبير عبر مجالات مختلفة، ويمكننا توضيح أبرز أنواع الفن الشعبي المصري على النحو التالي:
الموسيقى والغناء الشعبي
يُعتبر الغناء الشعبي بمثابة صوت الناس، حيث يتناول القضايا الاجتماعية ويعبر عن هموم الطبقات الكادحة. وتمتلك مصر تراثًا موسيقيًا غنيًا يمتد عبر الأجيال والبيئات المختلفة، إذ يُعتقد أن المصريين هم من أوائل من أبدعوا في فن الغناء الشعبي الذي يُعبر عن تطلعات وآمال الشعب. وتشمل أبرز أنواع الأغاني الشعبية المصرية ما يلي:
أغاني البدو
تُعرف مجالسهم بـ”السامر”، وهي احتفالات تمزج بين الغناء والرقص، تُصاحبها آلات موسيقية مصنوعة من البوص الفارسي، بالإضافة إلى الطبلة والدف. تنقسم أغاني السامر إلى ثلاثة أنواع: الشتيوة، والغنيوة، والمجرودة.
أغاني الصعيد (السيرة والمديح)
يمتاز التراث الجنوبي المصري بالغنى والأصالة، ويُعدُّ تجسيدًا لسيرة بني هلال التي امتدت من نجد إلى تونس مرورًا بالصعيد. لا تزال هذه السيرة حاضرة في ذاكرة أهل الصعيد، الذين يصرون على إحيائها رغم مرور الزمن. وقد كانت تُعرض قديمًا عبر “الراوي” الذي يُعزف على الربابة.
أغاني الدلتا (القصص الشعبية والابتهالات)
تُمثل هذه الأغاني الريف المصري، وتتميز بالهدوء بعيدًا عن الضوضاء، حيث تقتصر غالبًا على آلة الناي أو العود أو الكمان. تعتمد هذه الأغاني على القصص الشعبية التي تُفصّل أحداثًا وشخصيات نابعة من التاريخ الديني والتراث الاجتماعي الشعبي، ومن أشهر الفنانين الذين قدموا هذه النوعية؛ سيد النقشبندي.
أغاني مدن القناة (الصحبجية)
تشمل أغاني قناة السويس ومدن بورسعيد والإسماعيلية، وتشتهر باستخدام آلة “السمسمية”، وهي آلة وترية شعبية. ومن أبرز أغانيهم “الضمة”، حيث يُعرف عازفوها بـ”الصحبجية” الذين يقدمون أيضًا رقصة تقليدية تُسمى “البمبوطية”.
أغاني النوبة
تقع النوبة في محافظة أسوان، ويتحدث سكانها باللغة النوبية “الرطان” إضافة إلى العربية. لعبت الأغاني التراثية النوبية دورًا هامًا في الحفاظ على اللغة النوبية، وغالبًا ما تكون الجلسات غنائية جماعية مصحوبة بآلة الطار. ومن أشهر مطربيها؛ علي كوبانا ومحمد منير.
الرقص الشعبي
تعتبر الرقصات بأنواعها تعبيرًا عن هوية الشعب، ومن أبرز الرقصات الشعبية التراثية في مصر ما يلي:
- رقص التحطيب
يُعرف بأنه رقص الصعيد أو رقص العصا، ويُعتبر رمزًا للصراع بين الرجال لإظهار قوتهم.
- رقصة الحجلة
تعتبر هذه الرقصة من شمال الدلتا، وتتميز بالأزياء الملونة، مثل رقصة “غوازي السنباط” في المناطق الريفية ورقصة “الحجلة” في مرسى مطروح.
- الرقص الصوفي
يُرتبط الرقص الصوفي بالنهج الروحي للإسلام، ويظهر سواء بشكل فردي أو جماعي، ويُعرف برقصة التنورة، ويُقام أسبوعيًا أو في المولد النبوي وأعياد الزعماء الدينيين. ظهرت هذه الرقصة لأول مرة في القرن الثالث عشر خلال حكم الصوفي جلال الدين الرومي، وتصبح رمزًا للتقرب إلى الله.
- الرقص النوبي
تشتهر الرقصة النوبية بطابعها المتفائل وإيقاعها الأفريقي الذي يعتمد على الدف.
الأزياء والحلي الشعبية
تُعتبر صناعة وخياطة الأزياء والحلي الشعبية جزءًا أساسيًا من الفن الشعبي في مصر، ويمكننا توضيح هذا الجانب بما يلي:
- الحلي
تشمل الحلي المصنوعة يدويًا مثل الخلخال والأساور والخواتم، التي تحمل رموزًا دالة.
- اللباس الشعبي
تتضمن الأزياء التقليدية، مثل الثوب الملون المطرز الذي ترتديه النساء، والسترة التي يرتديها الرجال، والتي تتميز بألوانها وتطريزها وزخرفتها.